الصراع على رئاسة الائتلاف السوري يفجر حرب اتهامات بين أعضائه

المالح قال إن بعضهم لديه «ارتباطات بالنظام».. وقيادي اتهمه بمحاولة تشكيل تجمع بديل

زعيم الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا
زعيم الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا
TT

الصراع على رئاسة الائتلاف السوري يفجر حرب اتهامات بين أعضائه

زعيم الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا
زعيم الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا

اتهم رئيس الدائرة القانونية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، هيثم المالح، أعضاء داخل الائتلاف بالتعاون مع النظام السوري، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «هؤلاء انضموا إلى الائتلاف خلال التوسعة الأخيرة»، في حين وضع عضو الائتلاف المعارض بسام يوسف اتهامات المالح في سياق خطته لخلق هيكل جديد للمعارضة يحل محل الائتلاف، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «المدخل لتأسيس هذا الهيكل تخوين الائتلاف ومحاولة إضعافه قدر الإمكان».
وأشار يوسف إلى أن «معظم التصريحات التي تصدر حاليا من قيادات الائتلاف يمكن وضعها في إطار الصراع على رئاسة الائتلاف التي ستحسم مطلع الشهر المقبل»، لافتا إلى أن «الجميع يبحث عن موطئ قدم خلال المرحلة المقبلة».
ولفت عضو الائتلاف المعارض إلى «وجود استقطابات داخل الائتلاف قبل الانتخابات»، مبديا أسفه لأن «التحالفات لا تخضع لمعايير واضحة ولا تقوم وفقا لقواعد آيديولوجية أو سياسية، وإنما على أساس مرحلي وآني».
وكانت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء أشارت إلى أن رئيس الدائرة القانونية في الائتلاف، هيثم المالح، كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن «تجمعا وطنيا بديلا عن الائتلاف سيظهر قريبا، وسيكون أكثر تأثيرا على الأرض»، وأعرب عن أمله وقناعته بأن «الائتلاف» سيندمج في هذا التجمع لا العكس، متمنيا أن يكون هذا التجمع الجديد على قدر المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق أعضائه.
لكن المالح، وخلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، نفى صحة هذا الكلام، مؤكدا أن لا علاقة له بصفحة الـ«فيسبوك» التي أوردته، مضيفا: «الوضع الحالي لا يحتمل هذه الفكرة، من الأفضل تفعيل عمل الائتلاف المعارض باعتباره جسما سياسيا معترفا به من قبل العالم، كما أنه ليس من مصلحتنا أن نزيد من مشكلات المعارضة بمثل هذه المقترحات».
في حين برر المالح امتناعه عن طرح مسألة تعاون بعض أعضاء الائتلاف مع النظام في مؤسسات المعارضة بشكل رسمي بـ«الحرص على وحدة المعارضة وعدم زيادة مشاكلها»، وأوضح أنه «يعرف شخصيا الأعضاء الذين تربطهم علاقة مع النظام السوري داخل الائتلاف بعد أن تسللوا إليه إثر التوسعة الأخيرة»، مشيرا إلى أن «مشكلة توسعة الائتلاف جاءت من دون مراعاة نوعية الأشخاص وتاريخهم»، مضيفا: «هناك أشخاص هبطوا علينا ليست لهم علاقة بالثورة، هم مرتبطون بأجهزة الأمن السورية».
وكان الائتلاف ضم إلى عضويته منتصف العام الماضي 43 عضوا؛ منهم 15 من هيئة الأركان، و14 ينتسبون إلى الحراك الثوري من داخل سوريا، وكذالك قائمة بـ14 عضوا محسوبين على الكتلة الديمقراطية. ومن المرجح أن تعقد الهيئة العامة للائتلاف التي تضم نحو 120 عضوا، اجتماعا في مدينة إسطنبول التركية، فور نهاية ولاية زعيمه أحمد الجربا مطلع الشهر المقبل لانتخاب رئيس جديد. وحسب النظام الداخلي للائتلاف، لا يحق للجربا الترشح لولاية ثالثة.
وفي حين رفض المالح تسمية أي من الأعضاء الذين اتهمهم بالتعامل مع النظام، أشار إلى أن الرئيس السوري «بشار الأسد نفسه أكد وجود أتباع لنظامه داخل تشكيلات المعارضة». ودعا إلى «معالجة الأخطاء التي ارتكبت من قبل قيادات الائتلاف خلال المراحل الماضية»، مشيرا إلى أن «عمل الائتلاف انحصر في الغرب ولم يهتم ببقية مراكز القرار في العالم لمخاطبتها والتأثير فيها بما ينعكس إيجابا على المسألة السورية».
يذكر أن المالح سيرأس مكتب الدائرة القانونية في الائتلاف المرتقب افتتاحه بعد غد الثلاثاء في العاصمة البلجيكية بروكسل. ومن المقرر أن يهتم هذا المكتب بمتابعة الدعاوى القضائية المرفوعة من قبل المعارضة ضد قيادات النظام السوري المتهمة بارتكاب جرائم حرب في سوريا، إضافة إلى نشاطه في استعادة الأموال المهربة من قبل قيادات النظام بالتعاون من منظمة الشفافية العالمية، بحسب مصادر معارضة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.