جولة على أجمل أسواق الطعام في لندن

المذاق الطيب بأسعار زهيدة في مناخ اجتماعي

سوق بريكستون للطعام
سوق بريكستون للطعام
TT

جولة على أجمل أسواق الطعام في لندن

سوق بريكستون للطعام
سوق بريكستون للطعام

تنتشر أسواق الطعام في لندن في كافة الأحياء تقريباً، وهي توفر أطعمة جاهزة سريعة ولذيذة المذاق في مناخ اجتماعي لجمهور الوافدين على الأسواق الشعبية، وبأسعار زهيدة، مقارنة بالمطاعم التقليدية. وتقدم المأكولات من عربات أو منافذ خاصة، ويتم طهيها أمام المشتري.
وتعود بدايات هذه الأسواق إلى اليونان القديمة، حيث كان السمك المقلي هو الوجبة السريعة في ذلك العصر، وكانت الوجبات السريعة في هذا الزمان تقتصر على الفقراء الذين لا تحتوي بيوتهم على مطابخ. أما الآن فتقدر منظمة الزراعة والأغذية عدد الذين يتناولون وجبات من أسواق الشوارع يومياً بنحو 3.5 مليار إنسان حول العالم.
وفي العصر الحديث تتعدد أسباب شراء أطعمة الأسواق الجاهزة، أهمها أنها أطعمة ذات مذاق طيب وتكلفة زهيدة. كما تتيح هذه الأسواق فرصة لتذوق الأطعمة المحلية أو الإثنية مثل الطعام الكاريبي أو اللبناني أو الصيني. والبعض الآخر يتذكر بهذه الأطعمة مرحلة الشباب التي كانت هذه الأطعمة تمثل الوجبات الرئيسية في حياتهم.
وهناك بعض المخاوف الشائعة حول مأكولات الأسواق والشوارع من حيث نظافة تحضيرها، خصوصاً حول انتشار بعض الفيروسات الخطيرة مثلHepatitis A» »، ولكن الإشراف الحكومي على منافذ بيع هذه الأطعمة واشتراطات الصحة العامة والنظافة تشير إلى أن نسبة الإصابة بأي عدوى هي في الواقع منخفضة، ولا تزيد عن نسبة الإصابة في المطاعم التقليدية.
وفي بريطانيا تخضع هذه الأسواق إلى مجموعة إرشادات حكومية ملزمة، بالإضافة إلى زيارات التفتيش والتراخيص.
وفي لندن كانت البدايات في أسواق الطعام من القرى الريفية التي تعرض منتجاتها لأهل المدينة، وأصبحت الآن منافذ لبدائل الأطعمة السريعة مثل البرغر والبطاطس. وتنتشر هذه الأسواق في جميع أنحاء لندن، وتتراوح معروضاتها من مشروب القهوة إلى الغذاء الكامل أو الوجبة السريعة. وهي تتوجه لزوار السوق الذين يجمعون بين رحلات التسوق وبين تناول الوجبات السريعة.
وهناك تصنيفات لهذه المنافذ الغذائية في الأسواق تعتمد على حسن الخدمة ونوعية الغذاء وأراء الزبائن، وتقدم مؤسسة «تايم أوت» الخاصة بالخدمات السياحية في لندن تصنيفاً لأفضل أسواق الطعام في لندن كالآتي:
> «بيرويك ستريت ماركت» (Berwick Street Market): وهي تقام ما بين يومي الاثنين والسبت في شارع بيرويك الواقع في حي سوهو. ويزدحم الشارع بالبائعين على الجانبين الذين يصيحون على بضاعتهم. ومن المعتاد مشاهدة طوابير الزبائن على منافذ الطعام في هذه السوق أثناء فترة الظهيرة لتناول مأكولات تتراوح بين ساندويتشات الفلافل وأطباق السلاطة اليونانية، بالإضافة إلى الأكلات الشعبية البريطانية مثل السمك والبطاطس وساندويتشات اللحم البارد. ولا توجد مقاعد لتناول هذه الأطعمة التي يتناولها المتسوقون على الطريق. ولم تتغير ملامح هذه السوق منذ 50 عاماً على رغم تبدل مظاهر العمران حول الشارع على نحو سنوي. والزيارة إلى هذه السوق تمنح المشتري فرصة التعرف على لندن التاريخية والتسوق بين منتجات الخضر والفواكه الطازجة والزهور والسلع المنزلية الأخرى.
> «غرينفيل أركيد» (Grenfell Arcade in Brixton): وهي من الأسواق التقليدية التي تتنوع معروضاتها، ويزيد الإقبال عليها حتى من أهالي الأحياء المجاورة. وهي لا تتخصص في أنواع الطعام الإنجليزي التقليدي فحسب، بل توفر تشكيلة دولية تتراوح بين الباربيكيو الأميركي إلى الفطير الياباني والأطباق اللاتينية. ويوجد في السوق أكثر من مائة منفذ تجاري، وهي مغطاة في معظمها للحماية من المطر. ولا تقتصر المعروضات فقط على المأكولات بأنواعها، وإنما تشمل أيضاً الملابس والحلي وأدوات المنزل والفنون والموسيقى. وهي الخطوة الأولى لصغار التجار الذين يقبلون على المهنة. وهناك مجموعات من المطاعم المشهورة مثل «أونست برغر» بدأت على عربات في هذه السوق للبيع المباشر للزبائن. وقد فازت السوق بجائزة «تايم أوت» لأفضل أسواق لندن في عامي 2015 و2016.
> «كامبرويل ماركت» (Camberwell Market): وهي تقام كل يوم أحد على حديقة عامة في منطقة كامبرويل، وتتميز بتنوع الأطعمة التي تقدمها عربات السوق بين الأكل الماليزي وأنواع الجبن والسوشي الياباني. وتتنوع المأكولات أسبوعياً. وتقول نشرات «تايم أوت» إن الأطعمة التي تقدم في سوق كامبرويل هي من الأفضل بين مأكولات أسواق الشوارع. وهناك منافذ مشهورة للمأكولات في هذه السوق مثل «ماك» و«كاكي ليما» والشيف الجامايكي الذي يعمل في مطعم «لوفاج آند هوب». وبالإضافة إلى الأطعمة يمكن التسوق لشراء الزهور والكتب والهدايا.
> «داينيراما» (Dinerama): وهي بمثابة مهرجان لتذوق الطعام في منطقة شوردتش في شرق لندن. وهي تفتح أبوابها يومياً من الخميس إلى السبت، وتقدم كافة أنواع الأطعمة الدولية من البيتزا إلى المشويات البحرية والباربيكيو السويدي. وتوجد بعض الموائد في السوق لتناول الأطعمة المختلفة في الفترات ما بين الخامسة مساء إلى ساعات متأخرة من الليل بين يومي الخميس والسبت من كل أسبوع. والدخول إلى السوق مجاناً حتى السابعة مساء، ثم بتكلفة ثلاثة جنيهات بعد السابعة.
> «ليذر لين ماركت» (Leather Lane Market): وهي تقع في منطقة هولبورن، وتمتد بطول الشارع الذي يحمل اسم السوق حتى نهايته في منطقة كلاركينويل. وهي تفتح أبوابها من العاشرة صباحاً حتى الثانية ظهراً، ويرتادها عمال وموظفو المنطقة خلال فترة الغذاء. وتشتهر السوق بمقاهي القهوة وتمتد طوالها عربات بيع المعروضات المختلفة، ومن بينها المأكولات والخضر والفواكه. وتختلف المعروضات بين يوم وآخر، ولكن بعض العربات توجد في السوق يومياً منذ أكثر من 20 عاماً. وتاريخياً كانت هذه السوق تتخصص في الأدوات المنزلية ولكنها تحولت في السنوات الخمس الأخيرة للتخصص في المأكولات والمشروبات، وجاءت إليها منافذ الطعام وكافيتريات المشروبات، مما جعلها مركزاً معروفاً في المنطقة للباحثين عن الجديد لوجباتهم، بالإضافة إلى مشتريات الزهور والخضر والفواكه. وتحولت بعض العربات إلى متاجر كبيرة في الشارع من بينها «دادي دونكي» الذي يبيع الأطعمة الإسبانية والمكسيكية منذ عام 2005، ومحل آخر يتخصص في بيع الجبن المشوي في ساندويتشات اسمه «غريل ماي تشيس».
> «مالتباي ستريت ماركت» (Maltby Street Market): وهي سوق تقام في نهايات كل أسبوع في منطقة بيرموندسي بين خطوط السكك الحديدية ومخزن للمعادن يسمى «لاسو». ونشأت هذه السوق تدريجياً منذ عام 2009 حول عدة مقاهي في المنطقة، وسرعان ما تطورت إلى مركز تجاري كبير لبيع الأطعمة والمنتجات الغذائية، ويقبل عليها العديد من السياح لمشاهدة واحدة من مناطق لندن الشعبية غير المعروفة للأجانب. ويفضل زيارة هذه السوق في صباح أيام السبت، حيث تفتح كافة منافذ بيع الأطعمة أبوابها لفترة ما بعد الظهيرة. ويغلق بعض هذه المنافذ أبوابه أيام الأحد.
> «نيتل ماركت» (Netil Market): وهي تفتح أبوابها طوال أيام الأسبوع حتى التاسعة مساء، وفي عطلة نهاية الأسبوع حتى السادسة مساء، وتباع في السوق كافة أنواع المأكولات التي يشتهر منها الكعك مع الشاي والتاكو المكسيكي والبيتزا. ويزداد الإقبال على السوق في الأيام المشمسة، حيث لا توجد أغطية لسقف السوق. وتوجد بعض المطاعم في السوق مثل مطعم باو التايواني وعربة الأكل الأفريقي التي تسمى «لم لم»، وتوجد بعض الموائد التي يمكن تناول الطعام عليها. وتقع السوق في شارع ويست غيت في منطقة شرق لندن.
وتعج لندن كمدينة دولية بكافة صنوف الأطعمة المختلفة والمذاقات المتنوعة، وتوفر أسواق لندن أفضل فرص تذوق هذه المأكولات، بالإضافة إلى الاختلاط بأهل المدينة والتجول في شوارع قد لا يعرفها معظم السياح القادمين من الشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

مذاقات «عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات الشيف البريطاني هيستون بلومنتال (الشرق الأوسط)

9 نصائح من الشيف هيستون بلومنتال لوجبة الكريسماس المثالية

تعد الخضراوات غير المطبوخة بشكل جيد والديك الرومي المحروق من أكثر كوارث عيد الميلاد المحتملة للطهاة في وقت يقومون فيه بتحضير الوجبة الأكثر أهمية في العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.