قرار بوتفليقة حول اللغة الأمازيغية يشعل جدلاً في الجزائر

وجّه بإنشاء أكاديمية لتدريسها واعتماد رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
TT

قرار بوتفليقة حول اللغة الأمازيغية يشعل جدلاً في الجزائر

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)

أحدث قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية» واعتماد رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ورسميا، شرخا كبيرا في أوساط الجزائريين، بين من يرى ذلك «تتويجا لنضال» المدافعين عن الأمازيغية كجزء أساسي من «الهوية الجزائرية»، وقطاع آخر يعتقد بأن بوتفليقة «يبحث عن استمالة منطقة القبائل الأمازيغية لصالحه، تسهيلا لترشحه لولاية خامسة». وتعد القبائل (شرق البلاد) قلعة معارضة لنظام الحكم.
وجاء القرار الأول في اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء الماضي، أما الثاني ففي اليوم الموالي. وتندرج المبادرتان في إطار ترقية الأمازيغية لغة رسمية، بجانب العربية، بموجب التعديلات التي أدخلها الرئيس على الدستور مطلع 2016، وفي تعديل للدستور جرى عام 2002، تم إدراج الأمازيغية كلغة وطنية ثانية بعد العربية. وكان ذلك بعد أحداث دامية وقعت بمنطقة القبائل، خلّفت 126 قتيلا، واندلعت على إثر مقتل شاب على يدي دركي. ويشار إلى أن السنة الأمازيغية تبدأ في 12 يناير (كانون الثاني)، وقد بلغت بالتأريخ الأمازيغي 2968 سنة.
وظهر الانقسام جليا بشبكات التواصل الاجتماعي، حول تدريس الأمازيغية واعتبارها مكوّنا للشخصية الجزائرية، بين أنصار الأمازيغية والعروبيين أنصار التعامل بالعربية كلغة وحيدة.
وامتدّ الانقسام إلى الصحف المعرَّبة غير المتحمسة للمسألة، والصحف الفرنكفونية التي تحمل لواء الأمازيغية منذ سنين طويلة، وتضم قاعات تحريرها عددا كبيرا من الصحافيين الذين يتحدرون من منطقة القبائل، التي شهدت مطلع الشهر مسيرات ومظاهرات للمطالبة بتدريس الأمازيغية في كل المدارس، بدل اقتصارها على منطقة القبائل.
واشتكى الكاتب الأمازيغي الكبير، محمد ارزقي فراد من تعرضه لحملة بحجة أنه «غير متشدد في دفاعه عن الأمازيغية»، إذ قال: «ما أصعب أن يكون الإنسان معتدلا وسطيا، بين أناس تملأهم نزعة شوفينية تجعلهم يتراشقون بالشتم والقذف، دون مراعاة آداب الحوار والنقاش. يقدمون القراءة الآيديولوجية الضيقة، على حساب المقاربة العلمية التي تناقش ولا تشتم، تحاور ولا تقذف، تجادل ولا تعنف.. ما أرخص الحبر الذي ينفث سما زعافا، ما أرخص القلم إذا صار سلاحا لذبح الرأي الآخر».
من جانبه، قال كمال الدين فخار الطبيب الأمازيغي المعارض، الذي غادر السجن الصيف الماضي إنه «بعد عشرات السنين من النضال والتضحيات التي خلفت مقتل المئات من المناضلين، وبعد تعرّض الآلاف من المناضلين للتعذيب، والاعتقال والسجن بسبب إصرارهم على المحافظة على الأصالة والهوية الأمازيغية، ها هي قضيتنا اليوم تحظى باعتراف النظام القائم». وأضاف فخار، وهو يتبع للطائفة الدينية الإباضية، التي تعيش بغرادية (600 كلم جنوبي العاصمة): «يجب الإشادة بإخواننا بمنطقة القبائل، فهم الذين دفعوا أثقل ضريبة».
أما محمد صالحي البرلماني الإسلامي المعروف برفضه تدريس الأمازيغية، فقال: «الأمازيغية ليست حكرا على أحد أو على جهة. وهذه سهام ورماح الملك ماسينيسا (ملك أمازيغي ولد في 238 سنة قبل الميلاد) وُجِدت في قبره بمنطقة الخروب بقسنطينة (شرق).. نعم بالخروب التي عاش نحوها في سيرتا ودُفن بها... الأمازيغية هوية وثقافة إنسانية ومكارم أخلاق، جاء الإسلام ليتممها لذلك بقيت راسخة في ممارسات الشعب الجزائري، ولم يعترض عليها ابن باديس ولا البشير الإبراهيمي ولا الشيخ بيوض (شيوخ دين وإصلاحيون عاشوا في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي)». وأضاف: «كل مكان من بلاد المسلمين له عاداته المحمودة، التي استمرت إلى يومنا ما دامت تخدم الصالح العام، وتوطّد الوحدة الوطنية والإنسانية».
وكتب عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»: «أنا أتعجب من الحرب، التي يريد بغض المتعصبين (...) أن يشعلوها بين العربية والأمازيغية، وهم لا يدرون أنهم وقود فتنة كان ولا يزال الاستعمار القديم والجديد يشعلها بيننا ضمن قاعدة فرق تسد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.