لا تبدو مؤشرات حل الأزمة المتواصلة بين حكومتي بغداد وأربيل التي تفجرت عقب استفتاء الاستقلال الكردي في سبتمبر (أيلول) الماضي، قريبة إلى الحل، خصوصاً بالنسبة إلى مواطني الإقليم الذين يعانون من أزمة مالية خانقة سببها فقدان السكان المحليين آلاف فرص العمل، في قطاع السياحة والمنافذ الحدودية والمطارات التي أغلقتها الحكومة الاتحادية، أثناء الأزمة، فضلاً عن عجز حكومة الإقليم عن تسديد مرتبات موظفيها.
وتفيد الأنباء بأن أصحاب الفنادق مثلاً، خسروا بنحو 50 في المائة من مداخليهم نتيجة انحسار السياحة، وأغلب تلك الفنادق مدينة للحكومة بملايين الدنانير لعجزها عن تسديد فواتير الماء والكهرباء.
وعلى الرغم من التصريحات العلنية التي تطلقها حكومتا بغداد وأربيل بشأن الحوار وحل المشكلات تحت سقف الدستور، ورغم اللجنة التي يرأسها الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق التي أرسلتها الحكومة إلى أربيل قبل يومين، وتقول إنها تناقش مع الجانب الكردي المشكلات الفنية المتعلقة بالمنافذ الحدودية والمطارات وغيرها، فإن «المواطنين العاديين في الإقليم لم يلمسوا تقدماً يُذكر بالنسبة لأوضاعهم الاقتصادية ويعتبرون تصريحات حكومتي الإقليم وبغداد مجرد ترف إعلامي لا أكثر»، على حد قول الكاتب الكردي المقيم في بغداد نوزاد حسن، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أظن أن التصريحات الصادرة من الحكومتين تعقّد الأوضاع ولا تقدم حلاً، المهم في الأمر وجود نية حقيقة من الجانبين وجلوس إلى طاولة الحوار، لحل الأزمة ورفع المعاناة عن المواطنين الكرد».
وبرأي حسن، فإن المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني «يصب في حالة الترف الإعلامي نفسها، ولا يساعد على حل الأزمة، وكذلك تصريحات رئيس الوزراء العبادي الأسبوع الماضي». ودعا رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أمس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى «تحمل مسؤولياته تجاه مواطني الإقليم»، وأعرب عن استعداد الإقليم لإجراء الحوار بشأن المطارات، معتبراً أن «استمرار بغداد بإغلاق أجواء مطارات إقليم كردستان أمام الرحلات الخارجية ورقة ضغط على مواطني إقليم كردستان».
وأعلنت مديرة مطار أربيل الدولي تالار فائق صالح أمس أن بغداد قررت تمديد حظر الرحلات الجوية الدولية في مطاري السليمانية وأربيل في إقليم كردستان حتى نهاية فبراير المقبل. وحظرت الحكومة العراقية الرحلات الدولية من وإلى المطارين في نهاية سبتمبر، رداً على الاستفتاء. وقالت تالار فائق صالح للصحافيين إن «وزارة النقل أرسلت رسالة بالبريد الإلكتروني إلى مطارات أربيل (شمال) والسليمانية (شمال شرقي) تشير إلى أن الرحلات الدولية محظورة حتى 28 فبراير». وأضافت: «الرحلات الداخلية فقط مسموح بها».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، أعلن، الأربعاء الماضي، بدء حكومته بدفع رواتب موظفي الموارد المائية في الإقليم، وأنها بصدد «تدقيق رواتب موظفي وزارتي التربية والصحة» وكشف عن تكليف وزارة المالية بتدقيق جميع رواتب الموظفين في كردستان. في مقابل ذلك، تنشط جهات برلمانية عربية وكردية في اتجاه المطالبة بإشراف الحكومة الاتحادية على توزيع مرتبات موظفي الإقليم أسوة بنظرائهم في المحافظات العربية. وفي هذا الاتجاه يؤكد النائب عن «كتلة الجماعة الإسلامية» الكردية زانا سعيد عزم كتلته طرح مشروع ربط مرتبات الإقليم بالحكومة الاتحادية على البرلمان العراقي، بعد انتهاء عطلة فصله التشريعي الحالي.
ويقول سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون رواتب موظفي الإقليم اتحادية وتتولاها الحكومة في بغداد توزيعها حصراً، أسوةً ببقية الموظفين، لأنها هي المسؤولة عن السياسات الاقتصادية والخارجية والداخلية». ويضيف: «نعمل في كتلة الجماعة الإسلامية على طرح مشروع المرتبات في مجلس النواب الاتحادي، بحيث تصبح محمية قانونياً ولا يتم استغلالها من بعض الأطراف السياسية في الإقليم وتبقى عرضة للاستقطاع والمنع والتصرفات المزاجية».
ولا يستبعد سعيد «معارضة بعض الأطراف الكردية لهذا المشروع، لأنها تريد إبقاء لقمة عيش الناس بيدها وتستثمرها للابتزاز وكسب الولاء تبعاً لمصالحها الحزبية». كما يستبعد «الحل العاجل» للأزمة بين بغداد وأربيل، ذلك أن «حكومتي بغداد والإقليم غير جادتين في إيجاد حلول للأزمة، بغداد تبحث عن مختلف الذرائع لكسر إرادة الإقليم، وتعتقد حكومة الإقليم أن حل الأزمة يضرّ بمصالحها الحزبية الضيقة وتريد لها أن تطول لأبعد وقت، لأنها تعتقد أن ذلك يصب في مصلحتها».
بدوره، يؤيد النائب عن ائتلاف «دولة القانون» كامل الزيدي مشروع توزيع مرتبات الموظفين في الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «شخصياً مع هذا المشروع وأن يكون كل موظف في العراق، بمن فيهم موظفو الإقليم يتسلمون رواتبهم اتحادياً، حتى لا تبقى أرزاق الناس تحت مطرقة الخلافات والتحولات السياسية، وتسلم إلى الإقليم من الموازنة الاتحادية الأموال التشغيلية فقط».
وبشأن السقف الزمني المتوقع لحل الأزمة بين بغداد، يرى الزيدي أن «الوفد الفني الحكومي الذي ذهب إلى الإقليم أخيراً يمكن أن يمهد إلى الحل، لأنه يعالج مسائل فنية ضرورية لصيغة حل محتملة».
وكشف الزيدي عن أن «الأحزاب الشيعية في بغداد تفكّر جدياً هذه الأيام في مساعدة بغداد وأربيل على تجاوز الأزمة الراهنة، وغالباً ما يُثار موضوع الأزمة في اجتماعات تلك الأحزاب، لأنها تعتقد أن بقاء الأزمة يحول دون المضي قدماً في استحقاقات المرحلة المقبلة، ومنها الاستحقاق الانتخابي في مايو (أيار) المقبل».
أزمة بغداد وأربيل تراوح مكانها والحكومتان تكتفيان بالتصريحات
تمديد حظر الرحلات الدولية إلى كردستان حتى نهاية فبراير
أزمة بغداد وأربيل تراوح مكانها والحكومتان تكتفيان بالتصريحات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة