العراق: كثرة الأحزاب تثير جدلاً قبل الانتخابات

تحذيرات من استخدامها أداة مناورة للسيطرة على البرلمان

عراقيون داخل سياراتهم يلوحون بالأعلام الوطنية احتفالاً بدحر تنظيم {داعش} في بغداد (أ.ف.ب)
عراقيون داخل سياراتهم يلوحون بالأعلام الوطنية احتفالاً بدحر تنظيم {داعش} في بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق: كثرة الأحزاب تثير جدلاً قبل الانتخابات

عراقيون داخل سياراتهم يلوحون بالأعلام الوطنية احتفالاً بدحر تنظيم {داعش} في بغداد (أ.ف.ب)
عراقيون داخل سياراتهم يلوحون بالأعلام الوطنية احتفالاً بدحر تنظيم {داعش} في بغداد (أ.ف.ب)

مع اقتراب نهاية مهلة تسجيل الأحزاب والكيانات والائتلافات السياسية في العراق، سجلت عشرات الأحزاب الجديدة التي تريد دخول السباق الانتخابي المقرر في مايو (أيار) المقبل. وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أمس، تسجيل 58 حزباً جديداً ليرتفع العدد الكلي للأحزاب إلى نحو 204.
وقال رئيس مجلس المفوضين معن الهيتاوي في بيان إن «الأحزاب المذكورة استكملت جميع الإجراءات والتعليمات الصادرة عن المفوضية وقواعد السلوك، وفقاً لفقرات قانون الأحزاب السياسية المشرّع من قبل مجلس النواب، والتي سيسمح لها بالمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة».
ولا يزال الجدل مستمراً بين الكتل السياسية حول إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 12 مايو المقبل أو تأجيلها 6 شهور بحد أقصى، لأسباب تتعلق بمجموعة تعهدات أخذتها الحكومة على عاتقها، بينها إعادة النازحين إلى مناطق سكنهم والمباشرة بعمليات الإعمار وحصر السلاح بيد الدولة وإصدار قانون جديد للانتخابات.
وبالتوازي مع هذا الجدل تواصل تسجيل أحزاب جديدة غالبيتها ترفع شعارات المدنية. وترى عضو البرلمان عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» ريزان دلير أن «كثرة الأحزاب التي يجري تسجيلها يومياً ليست بالضرورة تعبيراً عن حراك سياسي جديد يؤمن بالتغيير الحقيقي ويسعى إليه». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الطفرة «محاولات التفاف من قبل الأحزاب الكبيرة لإعادة إنتاج نفسها بصورة مختلفة من خلال تأسيس عشرات الأحزاب الجديدة التي سرعان ما تذوب فيما بعد بالجسم الأساسي للحزب مستفيدة من قانون الأحزاب الذي شرعته على مزاجها».
غير أن الرئيس السابق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات مقداد الشريفي اعتبر أن هذا العدد الكبير من الأحزاب الجديدة «طبيعي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العدد يبدو كبيراً الآن. لكن هذه الأحزاب ستشترك في ائتلافات ويتم استيعابها جميعها تقريباً، مثلما حصل في انتخابات 2014. حين كان عددها 277 ائتلفت في 63 ائتلافاً و71 كياناً شاركت في الانتخابات». وأضاف الشريفي أن «حق تشكيل الأحزاب منحه القانون لأي فصيل سياسي له حق المشاركة في الانتخابات».
لكن النائبة دلير ترى أن «هذا الحق الطبيعي وفقاً لقانون الأحزاب تجري مصادرته من قبل الأحزاب الكبيرة التي بات من الواضح أن المزاج العام للشارع العراقي لم يعد يرغب فيها، وبالتالي بدأت تتجه إلى ما يمكن تسميته أحزاب الظل، إذ تلجأ الأحزاب الكبيرة إلى تأسيس أحزاب أخرى صغيرة تحت مسميات جديدة. ففي حال كان الحزب إسلامياً، يلجأ إلى تأسيس واجهة مدنية، وهكذا. وسرعان ما تعود (هذه الواجهات) فيما بعد إلى الحزب الأم».
وأشارت إلى أن «معظم الأحزاب العراقية ليست أحزاباً حقيقية بالمعنى الذي يمكن الاعتماد عليه في بناء حياة سياسية في البلاد». ولفتت إلى أنه «حتى الأقليات التي تأخذ حصتها طبقاً لنظام الحصص، بدأت عن طريق الأحزاب الكبيرة تشكيل أحزاب جديدة، ومن ثم تعود مقاعدها إلى الحزب الرئيسي الذي قد لا يعبر عنها، لكن ما تجمعهم في النهاية هي المصلحة». وأوضحت أن «الخلافات الحالية ليست خلافات حقيقية، بل مفتعلة في الغالب، وسنشاهد في المستقبل تحولها إلى ائتلافات تتحكم في النهاية في المشهد السياسي».
ويرى عضو المكتب السياسي لـ«تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم صلاح العرباوي أن «الحالة الحزبية في العراق فوضوية وتحتاج إلى إعادة تنظيم من خلال تغيير الحياة السياسية، فمن غير المعقول أن تشترك كل هذه الكيانات والائتلافات في الانتخابات كل أربع سنوات». وأضاف أن «هذا الخلل يعود إلى قانون الأحزاب الذي شرّعه البرلمان في 2015 الذي سمح بكل هذا التشظي».
وأوضح العرباوي لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل يكمن في إعادة تنظيم الحياة السياسية بما يسمح بوصول طبقة سياسية جديدة إلى السلطة التشريعية، ومن ثم إلى السلطة التنفيذية، بحيث نتخلص من هذه الفوضى، وذلك على غرار دول بدت راسخة في الديمقراطية يتناوب على الحياة السياسية فيها ليس أكثر من حزبين». وحذر من أن «استمرار هذه الفوضى عندنا يؤدي إلى بقاء الاصطفافات الطائفية والعرقية وعقد الصفقات والمساومات بحيث تباع المناصب وتشترى، بينما نحن بحاجة إلى كتل عابرة للطائفية والعرقية كجزء من عملية استقرار الحياة السياسية».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.