وزير الخارجية الفرنسي يزور الجزائر لبحث قضايا الأمن ونزاع الصحراء

سلال: جيشنا لن يشارك في أي عمل عسكري خارج الحدود

لوران فابيوس
لوران فابيوس
TT

وزير الخارجية الفرنسي يزور الجزائر لبحث قضايا الأمن ونزاع الصحراء

لوران فابيوس
لوران فابيوس

يبحث وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، غدا، مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، الذي سيزور الجزائر، الوضع الأمني المتوتر في الحدود مع ليبيا ومالي، وما يعرف بـ«خطة انتشار القوات الفرنسية على الحدود الجزائرية - المالية».
وفي غضون ذلك، نفى رئيس الوزراء عبد المالك سلال أي نشاط عسكري لجيش بلاده فوق التراب الليبي.
وقال مصدر حكومي جزائري، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسؤولين الجزائريين «يولون أهمية كبيرة لهذه الزيارة (تدوم يومين) لإزالة نقاط غامضة في المسائل الأمنية التي تهم البلدين، وفيما يخص أيضا الملفات الاقتصادية، خصوصا الاستثمارات الفرنسية بالجزائر».
وأشار المصدر إلى قضية «مركز التنصت» الذي تسعى فرنسا لإقامته في الحدود الجزائرية - المالية، في إطار خطة عسكرية لنشر ثلاثة آلاف عسكري فرنسي بمنطقة الساحل الأفريقي. وأوضح بأن هذا الموضوع سيكون من أبرز ما سيبحثه فابيوس مع المسؤولين الجزائريين.
وطرح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، هذه المسألة للنقاش لدى زيارته الجزائر في 21 مايو (أيار) الماضي، إذ أبلغ رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، بأن المشروع «يصب في مصلحة البلدين»، بحجة أنه سيعزز التعاون الاستخباراتي لتضييق الخناق على الجماعات الجهادية النشطة بمنطقة الساحل، وأهمها «حركة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا» التي تحتجز ثلاثة دبلوماسيين جزائريين منذ عامين، و«القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، التي يتزعمها الجزائري عبد المالك دروكدال.
وحرص لودريان، وهو يشرح تفاصيل المشروع، على التأكيد بأن «مركز التنصت غير موجه للاطلاع على الاتصالات التي تجري داخل التراب الجزائري، لأن أهدافه أمنية ومركزة ضد الجماعات الإرهابية النشطة بالمنطقة». وقال المصدر الحكومي إن «الجزائريين غير متحمسين للمشروع، وأبلغوا الفرنسيين بذلك، وعلى هذا الأساس سيحاول فابيوس إقناعهم بتقديم ضمانات تزيل مخاوفهم».
يشار إلى أن خطة نشر ثلاثة آلاف عسكري فرنسي على الحدود المشتركة بين دول الساحل، وتحديدا بين الجزائر ومالي والنيجر، تندرج في إطار عملية «القط المتوحش»، التي شنتها القوات الفرنسية مطلع 2012 بشمال مالي لإنهاء سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة.
وتتضمن أجندة لقاءات فابيوس بالجزائر، مباحثات مع الوزير المنتدب للشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل.
وذكر المصدر الحكومي أن اللقاء سيتناول بالأساس نزاع الصحراء الذي يقف حائلا دون تطبيع العلاقات بين أكبر بلدين بالمنطقة، الجزائر والمملكة المغربية.
وأضاف المصدر: «الجزائر حريصة على إبلاغ فابيوس بأن النزاع ثنائي بين المغرب وجبهة البوليساريو، وبأن أي حل يرضاه الصحراويون لأنفسهم سيقبل به الجزائريون».
وفي الشق الاقتصادي من الزيارة، سيلتقي رئيس الدبلوماسية الفرنسية مع وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب لبحث الشراكة بين البلدين. وسيتنقل مع فابيوس وفد من رجال الأعمال الفرنسيين، لبحث فرص إقامة مشاريع في قطاعات البناء والأشغال العمومية والنقل. وذكر المصدر أن زيارة فابيوس «تتضمن الجوانب الإنسانية في العلاقات الجزائرية - الفرنسية»، في إشارة إلى مطلب جزائري قديم يتعلق بتحسين ظروف إقامة ثلاثة ملايين مهاجر جزائري في فرنسا، وتقديم تسهيلات أكبر في منح التأشيرة للجزائريين الراغبين في زيارة فرنسا.
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الجزائري بالبرلمان أول من أمس، إن جيش الجزائر لن يشارك في أي عمل عسكري خارج حدود البلاد، في إشارة إلى تقارير غربية تحدثت عن عمل عسكري مشترك بين القوات الأميركية والقوات الجزائرية، فوق التراب الليبي في إطار محاربة الإرهاب.
وذكر سلال بهذا الخصوص: «هناك من يدفع بالجزائر إلى التدخل في الشؤون الخارجية للآخرين.. لا وألف لا.. لن يكون ذلك أبدا». ولم يذكر سلال من يقصد بحديثه.
وأضاف: «إن الدفع بجيش الجزائر إلى تنفيذ عمليات عسكرية خارج حدودنا، هو محاولة لتقليل عدد قواتنا المسلحة فوق التراب الوطني بهدف إضعاف مناعة البلد داخليا».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.