بعد محاولة التقرب من الحريري.. عون ينفتح على «حليف حليفه» بري

قيادي من تياره في تصريح صحافي: انتقلنا لمعادلة جديدة وبتنا حلفاء

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال احدى الجلسات التي حددها غير مرة لانتخاب رئيس لبناني جديد (أ.ف.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال احدى الجلسات التي حددها غير مرة لانتخاب رئيس لبناني جديد (أ.ف.ب)
TT

بعد محاولة التقرب من الحريري.. عون ينفتح على «حليف حليفه» بري

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال احدى الجلسات التي حددها غير مرة لانتخاب رئيس لبناني جديد (أ.ف.ب)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خلال احدى الجلسات التي حددها غير مرة لانتخاب رئيس لبناني جديد (أ.ف.ب)

لم يفقد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بعد الأمل بإمكانية انتخابه رئيسا للجمهورية على الرغم من إخفاق انفتاحه على تيار «المستقبل» في تحقيق أي نتائج تذكر لجهة تبني ترشيحه. ويبدو أنه قرر أخيرا الانفتاح على رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لم تتخط علاقته به كما هو متعارف عليه علاقة «حليف الحليف»، بإشارة إلى أن ما يجمعهما تحالفهما مع «حزب الله».
وكان عون قد زار بري يوم الأربعاء الماضي بعد انقطاع التواصل المباشر بينهما لمدة ليست بقصيرة، وعشية امتداد أزمة تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى مجلسي النواب والوزراء. وبدا وكأن مقر بري في منطقة عين التينة، بالعاصمة بيروت، تحول خلية لمحاولة اجتراح حلول تضع حدا للأزمة التي تعصف بالمؤسسات الدستورية الثلاثة، في ظل إصرار النواب المسيحيين على رفض التشريع بغياب رئيس الجمهورية المسيحي، ومطالبة وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» بما فيه «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه عون بتحقيق الإجماع على قرارات مجلس الوزراء التي هي على علاقة بصلاحيات رئيس الجمهورية.
وأعلن النائب السابق سليم عون القيادي في «التيار» أن علاقة عون ببري وبالتالي التيارين اللذين يتزعمانهما «انتقلت من معادلة حليف الحليف لنصبح حلفاء»، متسائلا: «كيف لا نصل لهذه المرحلة مع بري الذي تجمعنا به الخيارات السياسية الكبرى، خصوصا بعدما انفتحنا على زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على الرغم من الخلاف السياسي الكامل معه؟». وأضاف: «بري يحمل مبادئ وتعاليم الإمام موسى الصدر التي تدعو للعيش المشترك والتلاقي الإسلامي المسيحي والعدالة الاجتماعية فكيف لا نكون حليفين؟».
وأشار عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «خلال فترة البعد بين بري وعون كان الخلاف في وجهات النظر يكبر تماما ككرة الثلج، ولكن وبعد اللقاء المباشر اختلفت الأمور وبتنا على أبواب حلول للملفات الثلاثة الأساسية المتأزمة، موضوع الرئاسة وعمل مجلسي النواب والوزراء».
وعد عون أن «موقف وزير خارجية أميركا جون كيري من موضوع الاستحقاق الرئاسي الذي أعلنه خلال زيارته الأخيرة للبنان والذي حمل طرفين إقليمين مسؤولية الأزمة الرئاسية، أصدق تعبير عن حقيقة ما يؤخر انتخاب رئيس جديد للبلاد». وحث عون اللبنانيين والمعنيين على «عدم السماح لأي فريق وأيا كان بالمتاجرة بهذا الملف».
وأعرب كيري خلال زيارة له إلى بيروت يوم الأربعاء الماضي عن رغبة بلاده في «حكومة لبنانية تكون بعيدة عن التدخل الأجنبي، ورئيس قوي جدا، ورئيس للبرلمان يستجيب لحاجات الشعب اللبناني»، وقال: «نريد رسم صورة حول كيف أن الفراغ سيعقد الأمور بالنسبة للبنان والدول المجاورة، وكيف سيعقد رد القوات المسلحة على أي تدخل، وكيف سيؤثر ذلك في النسيج السياسي بلبنان، وقد يتصاعد التوتر في الوضع السياسي بين البرلمان والحكومة».
ويعول بري على ترجمة التفاهمات التي توصل إليها مع عون خلال اللقاء الأخير الذي جمعهما على أرض الواقع خاصة خلال الجلسة التشريعية التي دعا إليها يوم الثلاثاء المقبل. وفي هذا السياق، أشار ياسين جابر النائب في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري إلى أن «الزعيمين وضعا خلال لقائهما الأخير برنامج عمل لتعزيز التعاون بينهما الذي كان قائما قبلا، ولكن ليس بشكل مباشر، وإنما عبر وسطاء ونواب الكتلتين»، مشددا على أن «العبرة هي بتنفيذ ما اتفق عليه من خلال سياسة مشتركة لوضع حد لعملية تعطيل مجلس النواب وتفعيل التعاون في مجلس الوزراء». وقال: «الاجتماع كان طويلا وتطرق لملفات أساسية منها ملف الرئاسة ومجلس النواب والحكومة وقد جرى التوصل لتفاهمات محددة».
وأوضح جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يحكى عن عدم سير بري بترشيح عون للرئاسة «غير صحيح»، مذكرا بأن الأخير لم يترشح أصلا بعد لهذا المنصب «لعدم اقتناعه بذلك حتى الساعة نظرا للمعطيات الحالية». وأضاف: «عون يتبع ومنذ فترة استراتيجية محددة سعيا لتحقيق التوافق حول شخصه كرئيس للجمهورية ومن هذا المنطلق انفتح على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لمعرفته أنه لا حظوظ لأي مرشح لا ينفتح على تيار المستقبل»، لافتا إلى أن زيارته للرئيس بري تأتي في إطار استراتيجية الانفتاح هذه.
بدوره، عد عراب لقاء عون - بري، نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، أن سعي عون لـ«صياغة تحالف حقيقي مع بري أمر طبيعي، خصوصا في ظل مسعى مماثل مع الحريري»، مشددا على أنه «لم تعد هناك أي مصلحة للمسيحيين بأن يعيشوا على فتات الصراع السني - الشيعي المدمر للبلد».
وأوضح الفرزلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن عون يعمل لصناعة تحالفات تؤدي لاستقرار لبنان تحت سقف اتفاق الطائف.. «فأي رئيس قوي يجب أن ينسج علاقة جيدة مع كل الفرقاء وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، كما عليه أن يسعى للوفاق بين السنة والشيعة والمحافظة على لبنان فلا يكون ممرا أو مقرا لأحد». ولم يستبعد الفرزلي أن تشهد المرحلة المقبلة «سقوط تحالفي (8 و14 آذار) بعدما انتفت وظيفتهما السياسية المدمرة للبلد»، وقال: «فلتشهد الساحة تحالفات جديدة واختلاطا.. فلماذا لا يكون الحريري رئيسا للحكومة وعون رئيس الجمهورية وبري رئيسا للمجلس النيابي؟». وأكد الفرزلي تمسك مسيحيي لبنان باتفاق الطائف الذي أقر المناصفة، وقال: «نحن لسنا أغبياء للمطالبة بغير الطائف وبتطبيقه الفعلي بعدِّ أن رأسمال المسيحيين هنا منطق الدولة ومؤسساتها».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.