خلايا «داعش» النائمة تنشط في كركوك

اغتيال ضابط كبير في الشرطة وقيادي بـ«الحشد العشائري»

خلايا «داعش» النائمة تنشط في كركوك
TT

خلايا «داعش» النائمة تنشط في كركوك

خلايا «داعش» النائمة تنشط في كركوك

في مؤشر على بقاء خلاياه النائمة في محافظة كركوك والمناطق القريبة منها، هاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم داعش، مساء أول من أمس العقيد فاضل السبعاوي، مدير شرطة منطقة الشريعة التابعة إلى ناحية الزاب، وفي حادث منفصل اغتالوا شيخ عشيرة الجحيشات والقيادي في «الحشد العشائري» وليد نوري الجحيشي.
وأفادت مصادر أمنية في المحافظة بأن السبعاوي قتل مع خمسة من مرافقيه بينهم ابنه عقب هجوم شنه مسلحون جنوب غربي كركوك، فيما هاجم مسلحون الجحيشي وزوجته وابنهما على طريق الحويجة قادماً من مدينة الموصل، وأسفر الهجوم عن مقتل الثلاثة.
وأصدر «داعش» بيان «نصرة المستضعفين» اعترف فيه بإعدام الشيخ الجحيشي وزوجته وابنه والعقيد السبعاوي ومرافقيه، كما أعلن فيه عن عودة زعيمها أبو بكر البغدادي قريبا.
ولم يستغرب النائب عن ائتلاف «دولة القانون» جاسم محمد جعفر قيام «داعش» باغتيال شخصيات وشن هجمات على أهداف معينة، وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن «البيانات الأمنية تتحدث عن وجود ما لا يقل عن 2000 عنصر من (داعش) يتحركون ويختبئون في سلسلة جبال حمرين والمساحات الشاسعة في محافظة كركوك».
وكانت الحكومة الاتحادية في بغداد، أعادت نشر قواتها الأمنية في كركوك منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وأصدرت أمرا ديوانيا شكلت بموجبه «قيادة عمليات كركوك» بقيادة اللواء علي فاضل عمران هدفها الإشراف على التشكيلات الأمنية في المحافظة المؤلفة من قوات الجيش الاتحادي والشرطة المحلية وجهاز مكافحة الإرهاب، بعد أن كانت قوى الأمن الكردية بمختلف صنوفها تسيطر على الملف الأمني في المحافظة قبل ذلك التاريخ.
من جهته، اتهم مسؤول اللجنة الأمنية في قضاء طوز خورماتو علي الحسيني ضمنا إدارة كركوك السابقة ممثلة في المحافظ الكردي المقال نجم الدين كريم والأجهزة الأمنية في عدم ضبط دخول وخروج عناصر «داعش» إلى المحافظة أثناء نزوح الأهالي إلى كركوك. وقال الحسيني، وهو أيضا قيادي في الحشد التركماني لـ«الشرق الأوسط»، أن «كركوك لم تكن آمنة أيام محافظها السابق، كانت هناك فوضى في الموضوع الأمني رغم كثرة العناوين الأمنية الكردية». ولفت إلى أن حكومة كركوك المحلية السابقة «لم تقم بعملية تسجيل أسماء النازحين ولم تضع خطة أمنية محكمة للسيطرة على الأوضاع في المدينة». وأشار الحسيني إلى وجود «معلومات استخبارية مؤكدة عن وجود عناصر (داعش) في كركوك، دخلوها مع المواطنين الذين نزحوا من أطراف قضاء الحويجة القريب فبعد أن طردهم القوات الأمنية منه».
لكن مسؤولا كرديا في كركوك، طلب عدم نشر اسمه، رفض تصريحات الحسيني بشأن تقصير حكومة كركوك السابقة، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عمليتي الاغتيال الأخيرتين تكشفان بما لا يقبل الشك أن ما أعلنته القوات العراقية بشأن تطهير محافظة كركوك من فلول (داعش) لم يكن دقيقا وكاملا خاصة بالنسبة لمناطق غرب الأنبار». ويرى المسؤول الكردي أن من «الضروري أن تقوم الحكومة الاتحادية في عملية تطهير كبيرة للمناطق الشاسعة في محافظة كركوك التي يختبئ فيها عناصر (داعش)، ومن دون القيام بذلك فإن مسلسل الاغتيالات والهجمات سيستمر». متهما الحشد العشائري الذي يسيطر على مناطق الحويجة والرياض بـ«عدم الفاعلية في متابعة عناصر (داعش)، كما أن أعدادهم المعلنة مبالغ فيها وليس لديهم القدرة والإمكانات على محاربة (داعش)».
بدوره، يرى خبير الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، أن تنظيم داعش اليوم يقاتل بطريقة جديدة بعد أن خسر سيطرته على المحافظات والمدن العراقية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يعمل (داعش) اليوم وفق نظرية مسك الأرض ورفع الإعلام عليها، إنما تحول إلى ما يشبه إذابة الملح في الماء، بمعنى أن عناصر تظهر على السطح حيثما وجدت تهاونا وهشاشة في الوضع الأمني وتتسبب بمشاكل لقوات الأمن والمواطنين كما حدث في كركوك».
وبرأي الهاشمي، فإن «المنطقة التي يتحرك فيها اليوم عناصر (داعش) مساحتها بحدود 18 ألف كيلومتر مربع ومن الصعب السيطرة عليها». ويلفت إلى أن المنطقة «محصورة بين شمال شرقي محافظة صلاح الدين وجنوب غربي محافظة كركوك وشمال غربي محافظة ديالى وهي عبارة عن تلال ووديان ومناطق زراعية وأغلب عناصر (داعش) هناك من أبناء المنطقة نفسها ويستطيعون التحرك بسهولة فيها».
يشار إلى أن قيادة عمليات فرض القانون بمحافظة كركوك أعلنت، أول من أمس، خطة أمنية تستمر أسبوعا كاملا، وتشمل الخطة تشكيل قوات الأمن «أطواق ثلاثة» حول المدينة لحماية المدنيين والمحتفلين بأعياد الميلاد والسنة الجديدة داخل المحافظة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.