رغم تصويت مجلس النواب العراقي على قانون إقامة الأجانب في أغسطس (آب) الماضي الذي يشمل ضمناً إلغاء القرار 202 الخاص بالفلسطينيين المقيمين في العراق، الصادر عام 2001 عن مجلس قيادة الثورة المنحل، إلا أن ردة الفعل المعترضة عليه من قبل بعض الأوساط الفلسطينية في بغداد جاءت بعد مصادقة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم على إلغاء القرار 202 قبل أيام.
وبنظر المعترضين، فإن القانون الجديد يثير قلق ومخاوف من تبقوا من المواطنين الفلسطينيين في العراق، ويعرض للخطر امتيازات تمتعوا بها منذ عام 1948 تتعلق بالحقوق المدنية، كالتوظيف والتقاعد والعلاج المجاني في المستشفيات الحكومية والقبول في الجامعات العراقية، إضافة إلى الحصول على البطاقة الغذائية، لكنه يستثني مسألتي الحصول على الجنسية العراقية وامتلاك العقارات، إلا في حدود ضيقة جداً.
وتشير بعض المصادر الفلسطينية في بغداد إلى 750 عائلة فلسطينية، تتألف من نحو 4500 فرد، موجودة حالياً في العراق غير مسموح لها بالسفر أو تغيير مكان النزوح أو العودة إلى بلادها، وأن الوثائق والجواز الفلسطيني لا تنفع سوى في الدخول إلى إقليم كردستان.
وقد انعكس التحول الذي حدث في العراق بعد 2003 سلباً على مجمل أوضاع الفلسطينيين في العراق، حيث تشير أصابع الاتهام إليهم بموالاة نظام الرئيس السابق صدام حسين، أو انخراط بعض الشباب الفلسطيني في تنظيم القاعدة، وقد قامت بعض الميليشيات الشيعية بعد عام 2005 بالهجوم على منازلهم في حي البلديات ببغداد، وأجبرتهم على مغادرتها، وقد عاشت بعض الأسر الفلسطينية سنوات طويلة في معسكرات خاصة في محافظة الأنبار غرب العراق، ثم تم ترحيل بعض تلك العوائل إلى دول أوروبية وغربية. وتعد العاصمة بغداد أهم المحافظات العراقية التي توجد فيها العوائل الفلسطينية.
وفي وقت طالب السفير الفلسطيني في بغداد أحمد عقل، جميع الجهات العراقية، بالمحافظة على حقوق الفلسطينيين في العراق، أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقية، أول من أمس، توضيحاً بشأن قانون إقامة الأجانب رقم 76 لسنة 2017 حذّرت بعض الجهات من محاولة الإساءة وخلط الأوراق، لأن القانون الجديد يعالج «أوضاع الإقامة وليس اللجوء». وبيّن البيان أن «القانون جاء لينظم إقامة الأجانب ولا يتطرق من قريب أو بعيد إلى مسألة اللجوء، لكون الأمر المذكور معالجاً بموجب قانون اللاجئين رقم 51 لسنة 1971».
وأشار البيان إلى أن مجلس الوزراء أقرّ مؤخراً مشروع قانون جديد يعالج أوضاع اللاجئين «راعى فيه حقوق اللاجئين الفلسطينيين عندما أبقى القرارات والأنظمة التي تنظم حقوقهم نافذة بما لا يتعارض وأحكام القانون»، مؤكداً أن «الحقوق التي أشرنا إليها فيما يتعلق بأشقائنا الفلسطينيين ثابتة ومحترمة». ولفت إلى أن «إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 202 لا يخل بأي حال من الأحوال بحقوق الفلسطيني المقيم في العراق».
لكن الصحافية من أصول فلسطينية أمل صقر تقول إنها غير مقتنعة بالقانون الجديد والبيان الصادر عن رئاسة الوزراء، ذلك أن إلغاء أي قرار يتعلق بالفلسطينيين المقيمين في العراق «يجب أن يأخذ وفق مراحل معينة تتضمن الرجوع إلى سفارة فلسطين والأمم المتحدة والجامعة العربية، فالوجود الفلسطيني في العراق أو في غيره من الدول العربية لم يكن وجوداً طبيعياً، إنما استند إلى قرارات أممية وإقليمية بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948».
ورغم زواج أمل صقر، التي ولدت في مصر، وأتت أسرتها إلى العراق عام 1976، من مواطن عراقي، وحصول أبنائها على الجنسية العراقية، إلا أنها لم تحصل على الجنسية العراقية التي أجازتها القوانين الصادرة بعد عام 2003، لأن تلك القوانين «مشروطة بعدم تعارضها مع القوانين الصادرة عن الجامعة العربية بخصوص الفلسطينيين التي تمنع حصولهم على جنسيات عربية أخرى» كما تقول صقر، التي تشتكي من أنها كانت تستطيع السفر إلى مصر والأردن باعتبار حصولها على وثائق رسمية مصرية، لكن «الأمر تغير مع صعود (داعش) ومنعت وبقية أقرانها من الدخول إلى مصر أو الأردن».
وتستغرب أمل صقر من إثارة موضوع الفلسطينيين المقيمين في العراق مع القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مؤخراً، وتقول: «يبدو أن ثمة صفقة لبيع الفلسطينيين في كل مكان».
إلغاء قرار يتعلق بالفلسطينيين في العراق يثير مخاوفهم
رغم تأكيدات الحكومة على حماية حقوقهم
إلغاء قرار يتعلق بالفلسطينيين في العراق يثير مخاوفهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة