حذر سياسيون وحقوقيون ليبيون من «عودة موجة الاغتيالات السياسية لتصفية حسابات قديمة» في البلاد، وذلك على خلفية مقتل محمد اشتيوي، عميد بلدية مصراتة، (200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس)، بعد خطفه من قبل مسلحين مجهولين الأحد الماضي، وسط أنباء عن «توصل الأجهزة الأمنية لمعلومات مهمة قد تقودهم إلى الجناة».
وعبّر النائب صالح هاشم إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته من أن يكون اغتيال اشتيوي «بداية لفترة من الاغتيالات السياسية» من قبل من أسماهم بـ«الأطراف التي لا تريد استقرار البلاد»، وقال في هذا السياق: «نعم لدينا مخاوف من تكرار هذا السيناريو الذي لا تزال آثاره ماثلة أمام أعيننا».
وأرجع إسماعيل، الذي ينتمي إلى مدينة طبرق، سبب اغتيال اشتيوي، لدى عودته من تركيا، إلى أن الأخير «كان معتدلاً في قراراته، ولديه توجه للمصالحة مع مدينة تاورغاء» المجاورة لمصراتة، التي تم إجبار سكانها على النزوح إثر خلافات عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، فضلاً عن أنه «زار المنطقة الشرقية مرتين خلال الفترة الماضية، وهو ما أزعج المتربصين بالبلاد».
وتعود خلافات مصراتة وتاورغاء، بحسب متابعين، إلى عصر النظام السابق، عندما كانت تاورغاء تدعم القذافي، وفور إسقاطه هاجمت كتائب مصراتة المدينة عقاباً لها على اتهامات سابقة بـ«الاعتداء على مدينتهم واغتصاب نسائها»، لكن تاورغاء نفت ذلك، وقالت إن «اتهامات مصراتة باطلة».
وتحدث إسماعيل عن أن هناك «جهات داخلية وخارجية تتخوف من إتمام الاتفاق السياسي»، وتابع موضحاً: «كدنا أن نقترب من تسوية سياسية تنقلنا إلى إجراء انتخابات في البلاد العام المقبل، وهو ما ترفضه بعض الأطراف».
ووصف عبد الرحمن الشكشاك، رئيس المجلس المحلي لتاورغاء، اغتيال عميد بلدية مصراتة بـ«الجريمة البشعة التي تمت في وقت كانت فيه البلاد بأمس الحاجة له، لوطنيته ودعوته للسلم والمصالحة»، مشيراً إلى أن «اشتيوي كان له دور ممتاز جداً وسعي كبير لإيجاد حل لقضية المهجرين من أهالي تاورغاء».
في السياق ذاته، اعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عملية اغتيال عميد بلدية مصراتة «مؤشراً خطيراً جداً على عودة موجة الاغتيالات السياسية لتصفية حسابات سياسية»، مشيرة إلى «حالة انعدام الأمن والاستقرار والفوضى التي تشهدها البلاد، نتيجة لانتشار السلاح وسيطرة الجماعات والتشكيلات المسلحة». وحذرت اللجنة في بيان أصدرته، عقب اغتيال اشتيوي، من «تصاعد نذر عمليات قمع وتكميم الأفواه والإقصاء»، وقالت إن «هذه الجريمة النكراء تدل على حجم المخاطر والتهديدات التي تستهدف جل الشرائح الاجتماعية في ليبيا، من قبل الجماعات الخارجة عن القانون، وعصابات الجريمة المنظمة، والجماعات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة».
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مكتب النائب العام، ووزارة الداخلية بحكومة الوفاق «بفتح تحقيق شامل وعاجل في واقعة اغتيال اشتيوي وكشف ملابساتها، وتحديد الطرف المسؤول عنها وتقديمه إلى العدالة»، كما دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للعمل «بشكل جاد وسريع على حماية الشرائح الاجتماعية في البلاد».
ومنذ إسقاط النظام السابق، تشهد ليبيا عمليات اغتيال من حين لآخر؛ لكن تراجعت حدتها منذ اغتيال أعضاء المجلس الاجتماعي لقبائل ورفلة نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفيما قال أسامة بادي، الناطق باسم المجلس البلدي لمصراتة، في بيان أمس، إنه تم التوصل لبعض المعلومات المهمة التي ستقود الأمن للجناة، رأى المحلل السياسي الليبي فوزي الحداد أن مصراتة تشهد صراعاً بين أكثر من قوة، أبرزها تيار الإسلام السياسي، الذي تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى أن اشتيوي «كان يحاول النأي بالمدينة عن أغراض ذلك التيار؛ لكن يبدو أن تحركاته السلمية لم ترق له».
وأضاف الحداد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيوب الإرهابية في مصراتة التي تنتمي لتيار الإسلام السياسي، والتي لديها عدة أجندات، ومنها دخول طرابلس للسيطرة عليها، أرادت توصيل رسالة لأهالي المدينة بأنهم موجودون على الأرض ويمتلكون القوة»، لافتاً إلى أن «تلك العمليات ربما تتكرر في عموم البلاد».
واختتم الحداد بأن «مصراتة مقبلة على شتاء عاصف، وسنرى من سينتصر: التيار المدني، أم الإسلام السياسي».
مخاوف من عودة الاغتيالات السياسية بعد تصفية عميد مصراتة
مخاوف من عودة الاغتيالات السياسية بعد تصفية عميد مصراتة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة