السودان يفك التمويل العقاري للمغتربين ويؤسس بنكاً للإسكان

الخرطوم تبحث نقل التجربة التونسية

السودان يفك التمويل العقاري للمغتربين ويؤسس بنكاً للإسكان
TT

السودان يفك التمويل العقاري للمغتربين ويؤسس بنكاً للإسكان

السودان يفك التمويل العقاري للمغتربين ويؤسس بنكاً للإسكان

وافق بنك السودان المركزي، أمس، على فك التمويل العقاري للمغتربين السودانيين المقدر عددهم بنحو خمسة ملايين، وذلك بعد حظر دام ثلاث سنوات، ويبدأ العمل بالقرار الجديد الذي ينفذ بواسطة جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج، مطلع عام 2018، وفق ضوابط يتم الاتفاق عليها وإعلانها خلال الفترة المقبلة.
وفي الإطار ذاته، وضمن توجه السودان لاستقطاب الاستثمارات العقارية الأجنبية بعد رفع الحصار الأميركي عنه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقرر تأسيس بنك متخصص في الإسكان، عبر تأهيل البنك العقاري التجاري القائم حاليا، ويتولى مشاريع السكن وتمويل المجمعات السكنية والأفراد.
وفي استقطاب الاستثمارات العقارية الأجنبية بعد رفع الحصار الأميركي، توجه أول من أمس من الخرطوم، وفد من الصندوق القومي للإسكان والتعمير برئاسة طارق توفيق وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء مفوض رئيس مجلس الوزراء القومي أمس، إلى تونس لبحث نقل التجربة التونسية في السكن.
وبشهادة جامعة الدول العربية، تعد تونس من أفضل الدول العربية في مجال توفير السكن، حيث إن 80 في المائة من الشعب التونسي يمتلكون منازل، على الرغم من قلة موارد الدولة. ويعزى ذلك لحسن استخدام الموارد والخبرة الواسعة في مجال الإسكان والانفتاح على العالم استثماريا واقتصاديا وفنيا.
وأوضح الدكتور غلام الدين عثمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قبيل مغادرته الخرطوم أمس، أن الزيارة تستغرق عدة أيام وهي في إطار زيارات الصندوق الخارجية، بغرض تبادل الخبرات، وبحث فرص التعاون مع الجهات ذات الصلة. وأضاف أن هذه الزيارة تستهدف الوقوف على التجربة التونسية في مجال الإسكان لتميزها، وتشمل مقابلة الجهات المعنية وزيارة المواقع ذات الصلة، بغرض التداول حول سبل خلق شراكات تعزز التعاون المشترك للاستفادة من تجربتها.
وخلص اجتماع أول من أمس في الخرطوم بين الدكتور كرار التهامي الأمين العام لجهاز المغتربين وحازم عبد القادر محافظ البنك المركزي السوداني، إلى تكوين لجنة مشتركة لوضع السياسات والضوابط الخاصة بتنفيذ مشروع فك التمويل العقاري للمغتربين.
وأكد الجانبان أهمية المشروع بالنسبة للسودانيين بالخارج، كواحد من أهم محفزات العودة النهائية والاستقرار بالوطن، وما يصاحب العودة من مشروعات أخرى. وفرض السودان حظر التمويل العقاري لجميع القطاعات منذ 2004، وهو ما أسفر عن آثار سلبية على القطاع العقاري. وأوضح الدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن توفير سكن للمغتربين يعني جذب مدخراتهم ومواردهم إلى داخل البلاد وضخها في الاقتصاد الوطني، مما يمنحهم فرصة للعب دور فاعل في هذا الشأن، مشيرا إلى أن سياسات بنك السودان المركزي لعام 2017 تضمنت استثناء تشييد السكن الشعبي والسكن الاقتصادي والسكن الفئوي من حظر التمويل العقاري، وأن يتم ذلك عبر المحافظ التمويلية المُخصصة لهذا الغرض بواسطة الصندوق القومي للإسكان والتعمير، وتحسين المأوى في حدود مبلغ التمويل الأصغر.
وأضاف الأمين العام أن هذا القرار سيجعل قائمة الاستثناء من قرار حظر التمويل العقاري تشمل مشروعات الإسكان الشعبي والاقتصادي والفئوي التي يتم تشييدها تحت رعاية الصندوق عن طريق المحافظ المصرفية للتمويل، مبينا أن قائمة الاستثناء بالتمويل كانت في السابق تضم فقط الإسكان الشعبي والاقتصادي، ومشيرا إلى أن القرار الأخير بضم الإسكان الفئوي يعد مكسبا لهذه الشرائح المستهدفة.
واعتبر محللون اقتصاديون أن خطوة بنك السودان لفك التمويل العقاري للمغتربين، من شأنها أن تجلب ملايين الدولارات إلى داخل البلاد، وهي خطوة إذا ما دعمتها الحكومة بمزيد من الانفتاح على المغتربين، فإن ما تعانيه الأسواق الآن من شح في الدولار سينتهي وستنخفض أسعاره في السوق الموازية.
من جهته، رأى عادل الباز، المحلل والاقتصادي، أن السكن لا يزال الهاجس الأساسي للمغتربين طيلة العقود الماضية، بل إن كثيرين هاجروا لأجل توفير سكن محترم لهم ولأسرهم، وقد أنفقت أجيال من السودانيين أعمارها في اللهث وراء بناء بيت.
وبين الباز أن هذه الخطوة ستدفع مئات الآلاف من المغتربين خصوصا الذين هاجروا خلال السنوات الخمس الأخيرة، والمقدر عددهم بنحو 20 ألف مغترب للاستفادة من القرار الجديد، هي الفترة التي توقف فيها التمويل البنكي للعقارات تقريبا، ما يعني أن ملايين الدولارات ستتدفق على الأسواق، إضافة إلى أنها ستساهم في إنعاش سوق مواد البناء والأسواق المرتبطة به. وأضاف أن البنوك ستكون هي الرابح الأكبر من التمويل العقاري، إذ ستدخل في تمويل مضمون بالأرض رهنا، والمنزل نفسه، وهو نوع الاستثمار الذي تحبذه المصارف. من شأن بناء 3 آلاف منزل تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، مما يؤدي إلى تخفيض نسب البطالة المتزايدة وإنعاش أسواق المواد الكهربائية والأثاث وغيرها.
وأشار إلى أن هذه خطوة ممتازة، ولا بد من تحصينها وحراستها بكثير من الضوابط، وسد الثغرات بشكل جيد حتى لا تستغل خصوصا أولئك الذين سيتجهون لحصد ثمار الخطوة، وهم لا علاقة لهم بالاغتراب، مشددا على ضرورة أن تدرس الضوابط أوضاع المغترب والضمانات المطلوبة والقدرة على الإيفاء بالتزامات البنوك حتى لا ترتد عن التمويل العقاري، وهي ستفعل متى ما عجز المغتربون عن السداد.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».