تزاحم الذهب في الأسواق الاستثمارية

TT

تزاحم الذهب في الأسواق الاستثمارية

لا يستبعد المحللون الألمان في سوق المال أن تصبح عملة «بيتكوين» الرقمية خليفة الذهب من الدرجة الأولى، طالما أن سبائك الذهب تشهد اليوم منافسة حادة من هذه العملة التي قد تصبح قريباً ملجأ أمان للمستثمرين الألمان والدوليين يعكس معه قيمة سوقية عالية جداً لها.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الألماني غيرهارد كولي من قسم التجارة بالمواد الأولية في مصرف «دويتشه بنك»، إن الذهب وبيتكوين لديهما وجهات تجارية متعاكسة تماماً. فعودة ارتفاع نسب الفوائد قبل فترة كان لها تأثير سلبي على تسعير سبائك الذهب. صحيح أن سعر الذهب ارتفع 11 في المائة منذ مطلع العام، بيد أن أسعاره اليوم ما بين 1260 و1290 دولارا للأونصة، وهذا أدنى مستوى لتقلبات أسعار الذهب منذ عام 2011.
غير أن أسعارا كهذه لا تُثير إعجاب المستثمرين الصغار القلقين من إمكان تعرض بوصلة أسواق المال لانحرافات مفاجئة في اتجاهاتها قد تجعلهم يخسرون كميات كبيرة من أموالهم الموجودة في الأسواق. ولقد بدأت صناديق التحوط مرة أخرى تتمرد لمواجهة التقلبات الطفيفة في أسعار الذهب، لأنها تصطاد عادة أفضل الفرص التجارية بفضل تقلبات أسعار السلع الأولية.
فيما يتعلق بعملة «بيتكوين» الرقمية، يشير كولي إلى أنها نجحت في كسب قلوب العاملين في قطاع المضاربات، ويعود السبب في ذلك إلى القدرات الخارقة لهذا النقد في التحليق عالياً بقيمته كي تعود لتهوي مجدداً. ففي خلال يومين فقط مثلاً تستطيع قيمة بيتكوين أن تتقلب بمعدل 30 في المائة صعوداً ونزولاً من دون أي سابق إنذار، ورغم تقلبات قيمتها الحادة نجحت في توطيد قيمتها بمعدل ألف في المائة هذا العام.
ويتساءل بعض المحللين الماليين عن «من سيكون فارس حصان طروادة في الأسواق التجارية الدولية؟». هنا يلاحظ المتتبع للوضع المالي انقسامات في الرأي، أدريان آش، رئيس أنشطة البحوث المالية في شركة «باليون فولت» يتمسك بالقول إن عددا من المستثمرين دخل في دوامة الحيرة وموضة شراء بيتكوين، مما جعل اهتمامهم بشراء الذهب يتراجع بحدة هذا العام، فيما لا يرى العاملون في بورصة فرانكفورت أي اتجاه رئيسي نحو بيع سبائك الذهب والتخلي عنها لصالح شراء بيتكوين.
فيما يتوقف الخبير الألماني غيرالد هوسب عند القول إن فقاعة العملات الرقمية، وعلى رأسها بيتكوين تقتحم الأسواق بنجاح في مرحلة حساسة وضعيفة يمر بها الذهب. مع ذلك، لا يمكننا القول بعد اليوم إن هذه الفقاعة ما تزال «معزولة» عن الأسواق المالية. فكل يوم يتم التداول بما إجماليه 750 مليون دولار من العملات الرقمية. وفي حال نظرنا إلى حجم الرسملة الكلية للنقد الرقمي حول العالم لوجدنا أنه يصل إلى 217 مليار دولار. وهذا سقف تاريخي لها. وفي الوقت الحالي تتخطى رسملة «بيتكوين» العالمية حاجز 120 مليار دولار، أي أنها تتخطى كثيرا رسملة أكبر المصارف الأميركية مثل غولدمان ساكس ومورغان ستانلي.
في سياق متصل، يتوقف المحلل الألماني سيمون هيلي من مصرف «كومرتس بنك»، عند القول إن عملة بيتكوين التي تحولت من مال بديل كان مخصصاً سابقا لشبكات خارج النظام المصرفي وكبار المستثمرين في عالم التكنولوجيا، إلى أداة استثمارية ذات ميزات خاصة خاضعة يومياً لمخاطر مالية كبرى، بدأت تستحوذ على إعجاب عمالقة المال في العالم.
ويضيف قائلاً: «إن مجموعة (سي إم أي) الأميركية تستعد لطرح أولى العقود الآجلة (فيوتشرز) المنوطة بالبيتكوين، وهذا سيعطي شركة (مان غروب)» وهي واحدة من أكبر صناديق التحوط العالمية التي تدير أصولاً تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 100 مليار دولار حول العالم، زخماً لمباشرة المراهنة على العملات الرقمية وعلى رأسها بيتكوين.
مع ذلك لا يمكننا اليوم وحتى في القريب المنظور اعتبار العملات الرقمية الجيل الجديد أو البديل عن الذهب، إلا أن التقلبات الحادة في أسعارها ساهمت في ترشيحها لتصبح خليفة للذهب كملجأ آمن وأداة مالية متخصصة في المضاربات ومعترف بها رسمياً من الجهات المالية التنظيمية الدولية.


مقالات ذات صلة

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

ارتفاع طفيف لأسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين بيانات تضخم أميركية هذا الأسبوع، تلمساً لمؤشرات على السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

بعد توقف لـ6 أشهر... الصين تستأنف شراء الذهب في نوفمبر

استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب للاحتياطيات النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد توقف استمر 6 أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سبائك ذهبية في أحد البنوك بزيوريخ في سويسرا (رويترز)

الذهب يتجه نحو الانخفاض بانتظار تقرير الوظائف الأميركي

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الجمعة، لكنها تواصل التوجه نحو ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)
وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة لدعم «رؤية 2030»، التي تركز على تنويع مصادر الاقتصاد، موضحاً في الوقت ذاته أن السياحة والثقافة والرياضة تُشكِّل محركات رئيسية للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.

جاء ذلك في أعمال النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات (IMS24)، التي تنظمها الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات في الرياض خلال الفترة من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمشاركة أكثر من 1000 من قادة قطاع المعارض والمؤتمرات في العالم من 73 دولة.

وأبان الخطيب في كلمته الرئيسية، أن السياحة تسهم بدور محوري في دعم الاقتصاد السعودي، بهدف الوصول إلى 150 مليون سائح بحلول 2030، ما يعزز مكانة البلاد بوصفها وجهةً عالميةً.

وافتتح رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، فهد الرشيد، أعمال النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات، موضحاً في كلمته أن هذا القطاع بات محركاً رئيسياً للتقدم في ظل ما يشهده العالم من تحولات عميقة، وهو ما يبرز أهمية القمة بوصفها منصةً عالميةً جاءت في توقيت بالغ الأهمية لقيادة هذه المنظومة.

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد يتحدث للحضور في القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات (الشرق الأوسط)

وأشار الرشيد إلى أنَّ تطوير القطاع يأتي لتوسيع آفاق ما يمكن لصناعة الفعاليات تحقيقه، من خلال تغيير مفهوم اجتماع الناس وتواصلهم وتبادلهم للأفكار، مشيراً إلى أنَّ القمة ستمثل بداية فصل جديد في عالم الفعاليات.

وتعدّ القمة، التي تستمر على مدار 3 أيام، بمنزلة الحدث الأبرز في قطاع المعارض والمؤتمرات لهذا العام، وتضم عدداً من الشركاء المتحالفين، هم الاتحاد الدولي للمعارض (UFI)، والجمعية الدولية للاجتماعات والمؤتمرات (ICCA)، والجمعية السعودية لتجربة العميل، وهيئة الصحة العامة (وقاية)، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

ويتضمَّن برنامج القمة عدداً من الفعاليات المكثفة، وتشمل تلك الفعاليات جلسات عامة ولقاءات حوارية، ومجموعات للابتكار، كما تشهد إعلان عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى تحويل صناعة الفعاليات العالمية.

وتشمل الفعاليات أيضاً اتفاقات استثمارية جديدة وشراكات تجارية، وإطلاق عدد من المشروعات التوسعية داخل السعودية؛ بهدف تعزيز دور السعودية في إعادة تشكيل مستقبل قطاع المعارض والمؤتمرات العالمي.