جددت قرعة دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا روح التنافس بين تشيلسي وبرشلونة، بينما بدا الحظ حليفا قويا لمانشستر سيتي. أما ليفربول ومانشستر يونايتد فيتعين عليهما بذل مزيد من الجهد أمام خصمين عنيدين، في الوقت الذي يسعى فيه توتنهام هوتسبير لكتابة تاريخ جديد له في المسابقة. وهنا نلقي الضوء وتحليل أبرز مواجهات هذا الدور.
يوفنتوس أمام توتنهام هوتسبير
(مباراة الذهاب 13 فبراير/ شباط والإياب 7 مارس/ آذار)
ربما انتابت بعض جماهير توتنهام هوتسبير حالة من الذهول والفرحة العارمة بعد أن أوقعت القرعة الفريق أمام يوفنتوس القوي. ومع هذا، فإن هذه الجماهير ذاتها ربما لم تشعر بحماس كبير تجاه هذه القرعة بالمقارنة بما حدث عندما وقع الفريق مع بوروسيا دورتموند وريـال مدريد في دور المجموعات. وربما لا يتعين عليها الخوف من مواجهة يوفنتوس من الأساس بالنظر إلى أداء توتنهام خلال الدور الأول وتقديم بطل إيطاليا أداء غير مقنع في مجموعته، وأيضا تراجعه محليا ليحتل حاليا المركز الثالث في بطولة الدوري الإيطالي الممتاز، المركز الذي ربما كان يبدو في حكم المستحيل تخيل وجود يوفنتوس به ذات يوم. إلا أن هذا لا يمنع أن يوفنتوس ربما يستعيد كامل تألقه وقوته الهجومية الفتاكة بحلول موعد مباراة الإياب في فبراير. ومع ذلك، فإنه حتى إذا حدث ذلك فإن القدرة التي أبداها توتنهام هوتسبير على تعبئة قدراته على النحو الأمثل خلال المباريات الكبرى ربما تمكنه من التغلب على عملاق أوروبي جديد. في كل الأحوال، ربما تكون هذه المواجهة الأهم على مستوى الدور بأكمله.
بازل أمام مانشستر سيتي
(مباراة الذهاب 13 فبراير والإياب 7 مارس)
بعد أن يتعافى من أحزانه ويضمد جراحه، ربما يصبح بمقدور البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب مانشستر يونايتد في بادرة مفاجئة وغير متوقعة تنم عن مشاعر أخوية وحسن النية، أن يحذر غريمه اللدود جوسيب غوارديولا من مغبة الاستخفاف بفريق بازل السويسري. وكانت الهزيمة التي مني بها مانشستر يونايتد في سويسرا السقطة الوحيدة له خلال مواجهات دور المجموعات، بيد أنه من المؤكد أن الأمر سيتحول إلى واحدة من أكبر الصدمات في عالم كرة القدم خلال السنوات الأخيرة لو أن مانشستر سيتي لقي المصير ذاته.
الملاحظ أن مانشستر سيتي نجح فعليا في نسف جميع الفرق التي ظهرت في طريقه هذا الموسم، وبالتأكيد يميل المرء لدى التفكير في مواجهته أمام بازل إلى التساؤل حول عدد الأهداف التي سيحرزها متصدر الدوري الإنجليزي، وليس ما إذا كان سوف يفوز من الأساس. وحال عدم تعرض مانشستر سيتي لانهيار مفاجئ أو تنفيذ بازل خطة دفاعية محكمة، يبدو الطريق ممهدا أمام سيتي للمضي قدماً.
بورتو أمام ليفربول
(مباراة الذهاب 14 فبراير والإياب 6 مارس)
يمكننا وصف هذه المواجهة بأنها المباراة التي يمكن لأي شيء أن يحدث بها، ذلك أنه لم يقدم أي من الفريقين أداءً قويا خلال مرحلة المجموعات من البطولة. وكان ليفربول قد تمكن من تسجيل ثلاثية في مرمى إشبيلية كانت كفيلة بتأهل سهل للدور الثاني، لكن فجأة استقبلت شباكه ثلاثية وخرج متعادلا، ليضطر إلى الانتظار للجولة الأخيرة لحسم مكان له عبر ماريبور، لينقذ نفسه من محنة الخروج من البطولة، أما بورتو فقد نجح في اجتياز ربما أسوأ مجموعة على مستوى الدور بأكمله، دون أن يحقق إنجازا يفخر به سوى هدفين في مرمى موناكو الهزيل. الحقيقة أنه من الصعب توقع أداء ليفربول، فهو قادر على تقديم أداء مذهل يبقى محفورا في ذاكرة كرة القدم، وربما يتمكن من المضي في طريقه بشق الأنفس، ومن المحتمل كذلك أن ينهار تماما على حين غرة. ومع هذا، يبقى الاحتمال الأكبر أن الفوز سيكون حليفه في دور الـ16.
إشبيلية أمام مانشستر يونايتد
(مباراة الذهاب 21 فبراير والإياب 13 مارس)
تعتبر مباراة حساسة بالنسبة لمانشستر يونايتد، باعتبار أن هذين الناديين تحديدا آخر من فاز ببطولة الدوري الأوروبي، وفي الوقت الذي تميل فيه الاحتمالات بوضوح إلى جانب النادي الإنجليزي، تبقى جميع التوقعات قائمة فيما يخص إشبيلية.
الملاحظ أن النادي الإسباني يعاني من موسم دون المستوى على الصعيد المحلي حتى الآن. كما أن أداءه في البطولة الأوروبية جاء متقطعاً، باستثناء التعادل الجيد الذي حققه أمام ليفربول. ورغم أنه قد يبدو من غير اللائق ذكر هذا الأمر في هذا الإطار، فإن إصابة لاعب إشبيلية إدواردو بيريزو بسرطان البروستاتا (وقد خضع منذ فترة قريبة لجراحة ناجحة) تزيد من الشكوك المحيطة بالفريق الإسباني. ومع أن إشبيلية قادر على إصابة مانشستر يونايتد بصدمة، فإن الاحتمال الأكبر أنه لن يستطيع الصمود أمام رجال المدرب مورينيو.
ريـال مدريد أمام باريس سان جيرمان
(مباراة الذهاب 14 فبراير والإياب 6 مارس)
تبقى هذه المباراة الكبرى القادرة على زعزعة هدوء أكبر مسؤولي الاتحاد الأوروبي (يويفا) وجعلهم يصرخون مثل طفل حظي لتوه بكلب صغير كهدية في أعياد الميلاد. ويمكن وصف هذه المباراة بأنها مواجهة بين المال القديم والجديد، بين النبلاء القدامى والأثرياء حديثي العهد. وتبدو هذه المواجهة أشبه بالأفلام التي يدخل خلالها عملاقان أو اثنان من الروبوتات في مواجهة لمدة ساعتين يستمر خلالها كل منهما في توجيه اللكمات للآخر.
أما مسألة ما إذا كنت تجد هذه النوعية من الأفلام ممتعة، فترجع إلى ذوقك الشخصي، وكذلك أحداث المباراة. ربما ترى في مباراة كتلك مجرد احتفاء بالمال أكثر عن كرة القدم، لكن من المؤكد أنها ستكون حدثا مشهودا ولافتا للأنظار. ومن أجل التنوع، ربما يكون من الأفضل بالنسبة للبطولة تقدم باريس سان جيرمان.
شاختار دونتيسك أمام روما
تعتبر أقل مباريات دور الـ16 لفتا للأنظار، وربما لا يتجاوز عدد متابعيها عبر شاشات التلفزيون 23 شخصاً! الحقيقة أن شاختار دونتيسك قدم أحد أكثر مستويات الأداء إبهارا خلال جولة دور المجموعات الأولى واستطاع التأهل أمام نابولي، ما دفع البعض إلى وصفه بالحصان الأسود في البطولة، متوقعين أن ينجح في الوصول لأدوار متقدمة. في المقابل، كشفت المباراتان اللتان خاضهما روما أمام تشيلسي عن إمكانات جيدة للفريق أيضاً.
ومع ذلك، ثمة انطباع لدى المرء بأن روما لم يبلغ ذروة تألقه بعد هذا الموسم، لكن في مباراة كتلك يملك الفريق ما يكفي من مهارات كي يمضي قدماً.
تشيلسي أمام برشلونة
(مباراة الذهاب 20 فبراير والإياب 14 مارس)
عندما ننظر إلى مهارات رونالدينهو، وحادثة مطاردة مايكل بالاك للحكم توم هينينغ أوفريبو، وتجاهل فيرناندو توريس مسؤولياته الدفاعية على نحو يوحي بافتقاره إلى الشعور بالمسؤولية وتوجيه أندريس أنيستا سهمه إلى الزاوية العليا من المرمى، وصراخ ديدييه دروغبا أمام الكاميرات قائلا: «هذا عار!» نستعيد على الفور ذكريات قديمة لأحداث مثيرة جرت بين الفريقين في الدور قبل النهائي للبطولة قبل سنوات قليلة. لدى النظر إلى كل ما سبق يتضح لنا أنه عندما يجتمع تشيلسي وبرشلونة بمكان واحد فإنه لا وجود لكلمة ملل، وتصبح الدراما والإثارة الهيمنة الأكبر على أرض الملعب. ولا يمكن لأحد الزعم بقدرته على التنبؤ بما سيتمخض عنه مثل هذا اللقاء، وتبقى الحقيقة الوحيدة المؤكدة أنهما فريقان يضمان كوكبة من الموهوبين، لكن أيضا يعاني كل منهما من نقاط قصور.
بايرن ميونيخ أمام بشكتاش
(مباراة الذهاب 20 فبراير والإياب 14 مارس)
ليس ثمة وجود لفكرة المباريات السهلة في بطولة دوري أبطال أوروبا، ذلك أن أي فريق بمقدوره هزيمة أي فريق آخر. ومع هذا، ربما تعتبر هذه المباراة على الورق وبالنسبة لتاريخ الفريقين الأسهل في هذا الدور من البطولة.
ورغم أن بايرن ميونيخ بدأ الموسم بأداء مهتز تحت قيادة المدرب كارلو أنشيلوتي، وما زال المدرب الجديد يوب هاينكس يواصل العمل لتحسين الأمور، فإنه من المؤكد أن يواجه البطل الألماني صعوبة كبيرة في الفوز على بشكتاش الذي يبدو لاعبوه مجهولين تماما على الساحة الكروية الدولية. في الحقيقة حتى بايرن ميونيخ في حالة ضعفه ربما يشكل تحديا هائلا أمام الفريق التركي.