هجوم للنظام قرب الحدود اللبنانية يقلّص سيطرة الفصائل

TT

هجوم للنظام قرب الحدود اللبنانية يقلّص سيطرة الفصائل

صعّد النظام السوري عملياته العسكرية في مناطق ريف دمشق الجنوبي - الغربي المتاخمة للحدود اللبنانية، محاولاً السيطرة على ما تبقى من بلدات قريبة من هذه الحدود بيد فصائل المعارضة، خصوصاً بلدة بيت جنّ الاستراتيجية، في حين اتهمت الفصائل قوات النظام بتدمير 80% من المنازل السكنية والبنية التحتية في بلدة بيت جنّ المحاصرة، واستهداف الطرقات التي يسلكها النازحون المدنيون الفارون من خطر القصف والموت.
وشنّت أمس، قوات النظام والميليشيات الموالية لها، هجوماً عنيفاً على مناطق سيطرة المعارضة، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن النظام «يحاول إنهاء سيطرته على كامل ريف دمشق الجنوبي الغربي، المتاخم لبلدة حضر، ووصلها بمناطق نفوذه في ريف القنيطرة الشمالي». وقال إن «قتالاً عنيفاً يدور بين قوات النظام من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، ويترافق القتال مع قصف مكثف من قبل قوات النظام بالقذائف المدفعية والصواريخ على مناطق سيطرة الفصائل»، كاشفاً أن النظام «تمكن خلال الأيام الفائتة، من السيطرة على تلال بردعيا بالكامل وتلال مقتول وشهاب والبيضة والضبع والأحمر وأبنية بشير النجار، ومكَّن هذا التقدم قوات النظام من تقريب المسافة إلى مئات الأمتار بينها وبين مزرعة بيت جن، بعد تمكنها من تقليص المساحة المتبقية للفصائل في المنطقة»، مشيراً إلى أن «المعارك أسفرت عن سقوط خسائر بشرية في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها وصفوف الفصائل».
ويدفع المدنيون المحاصَرون في هذا المناطق الثمن الأغلى من أرواحهم وممتلكاتهم، حيث أكد قائد «جيش المعتز» النقيب براء النابلسي لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات النظام «تحاول منذ 3 أيام اقتحام قرية مزرعة بيت جنّ، التي تشهد نزوحاً كثيفاً للمدنيين، جراء القصف العنيف الذي تتعرض له منازلهم»، متوقعاً أن تشهد الساعات والأيام المقبلة «تصعيداً كبيراً، من خلال الحشود التي يدفع بها النظام إلى قرى دربل وعرنة وبقعسم».
ولا تزال بلدة بيت جن، القريبة من الحدود اللبنانية وهضبة الجولان المحتلة، التي تعدّ آخر البلدات الحدودية مع لبنان الخاضعة لسيطرة المعارضة، هدفاً للنظام الذي يسعى للسيطرة عليها، وقال النقيب براء النابلسي، إن «القصف العنيف الذي تتعرض له بيت جنّ بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، أدى إلى تدمير 80% من المنازل والبنية التحتية»، لافتاً إلى أن قوات النظام «استقدمت خلال الساعات الماضية تعزيزات إلى محيط بيت جن، بأكثر من 500 عنصر وعدد كبير من المدرعات والآليات العسكرية».
وتواجه المعارضة صعوبة كبيرة في تخفيف الضغط عن بيت جنّ، بسبب قطع طرق الإمداد بين البلدة المحاصرة، ونقاط وجودها في بلدة جباتا، وفق ما أعلن قائد عسكري ميداني في الجيش الحرّ، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفصائل تحاول تخفيف الضغط قدر الإمكان باستهداف مواقع النظام التي ينطلق منها القصف العنيف على بيت جنّ»، لافتاً إلى أن «سلاح الجو يلعب دوراً في قلب الوقائع لصالح النظام». وقال إن «الطائرات الحربية ألقت خلال الأيام الثلاثة الماضية 39 برميلاً متفجراً، و15 لغماً بحرياً، وأكثر من 100 قذيفة هاون على مزرعة بيت جنّ، أوقعت قتلى وجرحى في صفوف المدنيين»، مشيراً إلى أن هذا التصعيد «تسبب في حركة نزوح كبيرة للمدنيين من مزرعة بيت جنّ، إلى قرى بيت سابر، وبيت تيما، وكفرحور»، لافتاً إلى أن قوات النظام «تستهدف الطرقات لمنع النساء والأطفال من النزوح».
إلى ذلك قال الناشط في الغوطة الغربية معاذ حمزة لـ«شبكة شام» الإخبارية المعارضة، إن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام والفصائل، على محاور الظهر الأسود والزيات، حيث يحاول النظام السيطرة على هذه المنطقة». ولفت إلى أن «الثوار تمكنوا خلال الاشتباكات من عطب دبابة وقتل عدد من عناصر النظام والميليشيات المساندة». وأشار الناشط معاذ حمزة إلى أن قوات النظام «تمكنت، الجمعة، بعد معارك عنيفة وقصف جوي ومدفعي عنيف متواصل دام أكثر من شهرين، من السيطرة على تلة المقتول في تلال بردعيا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.