طولكرم تتذكر فهد المارك... المحارب السعودي للدفاع عن فلسطين

شارك مع جيش الإنقاذ بأمر من الملك عبد العزيز... وألف كتاباً عن التجربة

المارك يتوسط بعض المجاهدين السعوديين في حرب 1948 ضمن جيش الإنقاذ
المارك يتوسط بعض المجاهدين السعوديين في حرب 1948 ضمن جيش الإنقاذ
TT

طولكرم تتذكر فهد المارك... المحارب السعودي للدفاع عن فلسطين

المارك يتوسط بعض المجاهدين السعوديين في حرب 1948 ضمن جيش الإنقاذ
المارك يتوسط بعض المجاهدين السعوديين في حرب 1948 ضمن جيش الإنقاذ

لا يزال العرب والفلسطينيون، وبخاصة أهالي مدينة طولكرم، تتذكر المحارب السعودي فهد المارك، الذي قاد الجيش الذي أرسله المؤسس الملك عبد العزيز للدفاع عن القدس في حرب 1948، خاصة أن قضية فلسطين ظلت منذ نشأتها في أولويات السعوديين بل هي شغلهم الشاغل وهاجسهم الأول، منذ أن اندلعت الحرب في فلسطين وحتى اليوم، ظل الدعم السعودي لقضية العرب والمسلمين الأولى فلسطين مستمرا دون انقطاع، فهذا الدعم، مثل النهار الذي لا يحتاج إلى دليل، كما قال شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي، فالدعم السعودي عبر تاريخ القضية كان حاضراً بقوة عسكرياً وسياسياً ومادياً، رسمياً وشعبياً، منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى عهد الملك سلمان، مروراً بعهود ملوك الدولة السعودية: سعود، فيصل، خالد، فهد، وعبد الله.
بعد اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1948، أصدر الملك عبد العزيز أمره بإرسال فرقة للجهاد في فلسطين مع الجيوش العربية للدفاع عن عروبة الأرض المغتصبة، ليكون فهد المارك من المتطوعين السعوديين الذين هبوا من كل الأقطار للمشاركة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والعربية في فلسطين، ليكون بأمر من الملك المؤسس قائداً للفوج العربي السعودي ضمن جيش الإنقاذ العربي في فلسطين، وقد شارك مشاركة فعالة بمعارك المالكية شمال فلسطين، وسجل في كتاب أسماء الشهداء والجرحى الذين شاركوا في المعارك مع جيش الإنقاذ وذكر أسماءهم كما سجل في عمل غير مسبوق حجم التبرعات التي قدمها السعوديون للفلسطينيين لدعم قضيتهم.
ويعد الأديب والمؤرخ والمناضل والمحارب الأستاذ فهد المارك المولود في مدينة حائل السعودية عام 1910، والمتوفى عام 1978، أكثر من كتب عن القضية الفلسطينية ونضال شعب فلسطين، ونشر العديد من الحلقات عن ذلك في الصحف العربية، ناهيك عن الكتب الأدبية والسياسية والتاريخية والاجتماعية التي عرف منها وتم طبعها وقد تجاوزت العشر. وتأتي أهمية ما تركه الراحل من ذكر وسفر خالد من المؤلفات أنه عايش أحداثاً سياسية ذات شأن في تاريخ وطنه والأمة العربية، فرضت نفسها في الشارع العربي وساهم في النضال من أجلها، فحمل السلاح متطوعاً للمشاركة في الدفاع عن عروبة فلسطين والجهاد ضد الصهاينة في حرب 1948، وأنجز عملاً ضمنه أسماء المتطوعين في جيش الإنقاذ العربي الذين استشهدوا أو جرحوا أو تبرعوا بالمال للدفاع عن فلسطين ونجدة أهلها، كما ألف كتباً منها «كيف ننتصر على إسرائيل»، وكتاب «افتراها الصهاينة وصدقها مغفلو العرب»، وكتاب «من شيم العرب»، وهي قصص عربية عن الوفاء والأمانة والعفو وحماية الجار وإكرامه والشجاعة العقلية والأدبية والحربية وأهداها إلى كل عربي يقدر كل هذه المعاني ويضحي بكل ما لديه من طاقة في سبيل توحيد أمته، كما ألف كتاباً عنوانه «من شيم الملك عبد العزيز»، وكتاباً يتناول فيه كيفية الإصلاح في الداخل، وآخر عن كيفية أن نصلح أوضاعنا الاجتماعية، وكتاب عن التطور الفكري في جزيرة العرب في القرن العشرين.
حضور هذا الرجل وتسجيل اسمه في ذكرى الخالدين كان كبيراً في دعم قضية فلسطين وعندما رحل عام 1978، دفع الكثير من الزعماء والساسة إلى تخليده بكلمات صادقة تعبر عن واقع الرجل، وما ترك لوطنه وأمته العربية من سمعة طيبة، محارباً ومنافحاً بقلمه، ومن خلال عمله الدبلوماسي، وهو ما دفع الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القول عنه: «يعد الأستاذ فهد المارك من رجال الملك عبد العزيز المخلصين له ولبلاده، وقدم جهوداً طيبة لخدمة وطنه وقضايا أمته العربية والإسلامية متبعاً في ذلك توجيهات قادة بلاده ومترسماً منهجهم وسياستهم». وقد أمر الملك سلمان قبل 27 عاماً بإطلاق شارع باسم فهد المارك محاذياً لقصر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، كما وصف الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المارك بـ«المجاهد الكبير، ورجل من رجالات أمتنا العربية، ونصيراً كبيراً ومخلصاً للثورة الفلسطينية».
ووفاءً من القيادة الفلسطينية وشعبها لهذا الرجل ومساهمته النضالية المسلحة ومساندته حركة فتح منذ انطلاقتها حيث كان من أوائل من ساندها بقلمه السيال وبماله ووقته، أطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2012، شارعاً باسم فهد المارك عند المدخل الجنوبي في مدينة طولكرم في الضفة الغربية، واعداً بنقله إلى القدس الشريف عند تحريرها إن شاء الله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.