«حماس» تطالب الحكومة الفلسطينية برفع العقوبات عن قطاع غزة... أو الاستقالة

TT

«حماس» تطالب الحكومة الفلسطينية برفع العقوبات عن قطاع غزة... أو الاستقالة

طالبت حركة حماس حكومة الحمد الله بالاستقالة إذا لم «تقم بواجباتها ومسؤولياتها الكاملة» في قطاع غزة، وفي مقدمتها «رفع الحصار عن قطاع غزة»، منادية بتشكيل حكومة إنقاذ وطني بديلا لها.
وقالت «حماس» في بيان مفاجئ بعد أيام قليلة من تمكن مصر من وقف التصعيد الكلامي بين الحركة الإسلامية وحركة فتح إن «حكومة الحمد الله تسلمت كل مسؤولياتها في الوزارات بشكل كامل في قطاع غزة، لكنها لم تبذل أي جهد في التخفيف عن أبناء شعبنا وفق الصلاحيات، بل استمرت في فرض العقوبات الظالمة على أهلنا، وفشلت فشلاً ذريعاً في مسار إنهاء الانقسام وتطبيق الاتفاقات المعقودة في القاهرة».
وأضافت الحركة موضحة «أن الحكومة عجزت عن حماية أهلنا في الضفة الغربية، ولم تتخذ القرارات المناسبة في مواجهة الاستيطان الذي ابتلع الأرض بشكل لم يسبق له مثيل، وتوانت عن حماية مقاومة الشعب لسياسة الحكومة الصهيونية اليمينية في الضفة الغربية، التي أوشكت على تقطيع أواصرها، ومنع التواصل بين مدنها وقراها، بل على العكس تماماً، كانت عقبة في وجه المقاومة في أداء دورها، إضافة إلى استمرارها في قمع الحريات».
كما اتهمت «حماس» الحكومة بالعجز كذلك «في حماية القدس من عمليات التهويد، ولم تتخذ القرارات المطلوبة لمواجهة هذه السياسة التهويدية، التي يقصد منها تزوير حقائق التاريخ، وفرض وقائع على الأرض».
وردت حكومة الوفاق الوطني على «حماس» بوصفها تصريحات الحركة «غير مسؤولة ومتناقضة مع المسؤولية الوطنية، وفيها الكثير من التضليل والتنصل من المسؤولية».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود إن «تصريحات حماس للأسف الشديد تعتبر تراجعاً واضحاً عن المصالحة الوطنية، وتعد نسفاً لكل الجهود المبذولة من أجل إنهاء الانقسام الأسود، للتمكن من إنهاء معاناة أبناء شعبنا البطل في قطاع غزة».
وأضاف المتحدث الرسمي أن حكومة الوفاق الوطني تستهجن وتستغرب هذه الحملة المفاجئة الجديدة، التي شنتها «حماس» لتطال الجهود الوطنية المخلصة المتفق عليها لإرساء أسس المصالحة، والتي تبذلها الأطراف الوطنية والعربية الشقيقة، وعلى رأسها جمهورية مصر العربية، التي تعمل وتتابع في الميدان من أجل إنجاح المصالحة، مشددا على أن بيان «حماس» «حمَل جملة من الأضاليل الواضحة، التي يعرفها الجميع كالقول بأن الحكومة تسلمت كل مسؤولياتها في القطاع، في حين أن (حماس) نفسها تعلم أن الحكومة لم تتسلم ما يزيد على 5 في المائة مما يجب. لكن (حماس) تسوق هذه الأضاليل وغيرها من أجل التهرب من مسؤولياتها، ومن استحقاقات تحقيق المصالحة الوطنية، التي تصب في خدمة مصالح أبناء شعبنا البطل».
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن تلك الهجمة تثير أسئلة كثيرة، في الوقت الذي تتصدى فيه القيادة والحكومة للمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية، ولمدينة القدس العربية المحتلة.
كما أكد المتحدث الرسمي أن الحكومة تصر على التمسك بتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي تتكالب وتتكاثر على فلسطين وفي القلب منها مدينة القدس، داعياً حركة حماس إلى «التراجع الفوري عن تصريحاتها، والعمل بشكل جدي لما فيه خدمة أبناء شعبنا، والاستعداد للعمل على وحدة الصف، ونبذ الانقسام حسبما تتطلب المصالح الوطنية العليا».
وهذه أول مرة تطلب فيها «حماس» استقالة حكومة الحمد الله، بعدما ألمحت سابقا إلى أنها لا تفضل الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، وذلك في مؤشر على تردي العلاقة بين الحركة والحكومة، التي يرأسها رامي الحمد الله.
وكانت بداية تفجر الموقف بعدما رفضت «حماس» السماح لموظفي السلطة قبل عام 2007 (العام الذي سيطرت فيه حماس على القطاع) بالعودة إلى وظائفهم قبل اعتماد موظفي حكومتها. وفي محاولة لتجاوز الخلافات أصدرت حركتا فتح وحماس بيانا مشتركا، طالبتا فيه مصر بتأجيل عقد لقاء بينهما كان مقررا في الأول من الشهر الحالي، إلى العاشر منه. وكان يفترض أن ينتهي تمكين الحكومة في الأول من الشهر الحالي، لكن بسبب الخلاف الطارئ تم الاتفاق على تمديد ذلك لعشرة أيام.
وجاء بيان «حماس» الغاضب في وقت يوجد فيه مسؤولون من «حماس» وحركة فتح في مصر بطلب من المخابرات المصرية لاحتواء الموقف، حيث وصل يحيى السنوار، رئيس الحركة في غزة ومسؤول كبير في كتائب القسام إلى مصر، أمس، وكذلك عزام الأحمد مسؤول وفد حركة فتح للحوار.
وتريد مصر تجاوز الخلافات الأخيرة المتعلقة بالأمن وعودة موظفي السلطة إلى أعمالهم، ومصير موظفي «حماس»، والاتفاق على آلية تمكين الحكومة خلال الأيام المتبقية، باعتباره الشرط الأول لحركة فتح من أجل الانتقال لنقاش ملفات أخرى.
وكانت السلطة الفلسطينية قد أوقفت في يونيو (حزيران) الماضي مساهمتها في دفع ثمن الوقود لمحطة كهرباء غزة الوحيدة، إضافة إلى تخفيض ما تدفعه من ثمن الكهرباء الوارد من إسرائيل للقطاع، كما اتخذت إجراءات أخرى، شملت خفض الرواتب التي تدفعها لنحو 60 ألف موظف حكومي، وإحالة آلاف منهم للتقاعد.
وفي ظل التوتر الحاصل بين الحركتين تخطط الفصائل الفلسطينية الأخرى إلى تنظيم مسيرات شعبية ضاغطة اليوم من أجل إنهاء الانقسام، إذ قال خالد البطش، القيادي في الجهاد الإسلامي، إن الفصائل «اتفقت على الخروج في مسيرة شعبية اليوم الأحد دعماً للمصالحة. وهذه المسيرة تأتي للتعبير عن تمسك شعبنا بالمصالحة، واستعادة الوحدة في مواجهة المشروع الصهيوني، وللتأكيد على الوحدة الوطنية وضرورة إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس».
وحذر البطش من أن المصالحة الفلسطينية في خطر حقيقي، داعيا الرئيس محمود عباس إلى التدخل لإنقاذ الموقف. كما رفض البطش مصطلح «التمكين»، وقال إنه مجرد شماعة للمماطلة، مضيفا خلال ندوة سياسية احتضنتها غزة أمس أنه «عيب أخلاقي ووطني ونذالة أن نستعطف بعضنا لإعادة الكهرباء إلى قطاع غزة، وعندما نتحدث عن ذلك نصبح معطلين للمصالحة».
وانتقد بطش الحكومة بقوله إنه «كان يفترض بالحكومة قبل أن تلقي قنبلتها قبل أيام حول الموظفين، أن تلتئم اللجنة الإدارية والقانونية المشتركة لمتابعة ملف الموظفين وتسكينهم وهيكلتهم».
وردت «فتح» مطالبة الفصائل بالصوم عن التصريحات، حيث رفض فايز أبو عيطة، نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، الرد على جملة التصريحات الصادرة عن عدد من الفصائل الفلسطينية، وطالب الفصائل بـ«الصوم» عن التصريحات الإعلامية بشكل كامل، وإعطاء الفرصة لجهود مصر في تحقيق المصالحة.
وقال أبو عيطة في تصريح مكتوب، إن المطلوب هو «إعطاء فرصة للجهود الحثيثة التي تبذلها مصر مع ممثلي حركتي فتح وحماس، عزام الأحمد ويحيى السنوار، فيما يتعلق بتمكين الحكومة في غزة، وتحقيق المصالحة الفلسطينية».
وأوضح أبو عيطة أن زيارة رئيس وفد المصالحة في حركة فتح إلى القاهرة جاءت من أجل إنهاء العقبات التي واجهت تنفيذ اتفاق 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي يقضي بتمكين الحكومة من العمل في غزة وفق القانون، مشددا على أن أي تصريحات لا تخدم المصالحة، وأن الغرض من حوار القاهرة هو تدعيم دور الوفد المصري، الذي يبذل جهوداً في غزة لضمان نجاح المصالحة، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنه «يستشعر قلقاً عميقاً إزاء ما يتردد عن اعتزام الإدارة الأميركية نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل»، مضيفاً أن الجامعة العربية «تتابع المسألة بكل تفاصيلها الدقيقة، لأنها إن حدثت ستكون لها انعكاسات بالغة الأهمية، ليس فقط على الوضع السياسي، ولكن أيضاً على مستوى الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم». وأكد في السياق ذاته أنه «من المؤسف أن يصر البعض على محاولة إنجاز هذه الخطوة دون أدنى انتباه لما تحمله من مخاطر كبيرة على استقرار الشرق الأوسط وكذلك العالم ككل».
وأضاف أبو الغيط: «سبق لنا أن شجعنا الإدارة الأميركية في مساعيها لاستئناف مسار التسوية السياسية للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني... ولكن اليوم نقول بكل وضوح إن الإقدام على مثل هذا التصرف ليس له ما يبرره... ولن يخدم السلام أو الاستقرار، بل سيغذي التطرف واللجوء للعنف... وهو يفيد طرفاً واحداً فقط هو الحكومة الإسرائيلية المعادية للسلام».
كما أشار الأمين العام إلى وجود اتصالات مع الحكومة الفلسطينية ومع الدول العربية لتنسيق الموقف العربي إزاء أي تطور في هذا الشأن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».