حزب بارزاني يرفض حل الحكومة ويقدم الانتخابات البرلمانية والرئاسية

معصوم يلتقي في أربيل قادة الإقليم

TT

حزب بارزاني يرفض حل الحكومة ويقدم الانتخابات البرلمانية والرئاسية

وصل الرئيس العراقي فؤاد معصوم، أمس، إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان لبحث ملفات مهمة، بينها العلاقة بين حكومتي بغداد وأربيل.
وبحسب مصادر حكومية، فإن معصوم سيجتمع برئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ونائبه قباد طالباني.
وأعلن معصوم (الأحد)، أنه «يزور كردستان لبحث ملفات ثلاثة، وهي محاولة إنهاء المشكلات الداخلية لحزبه الاتحاد الوطني الكردستاني، وإعادة الأوضاع الطبيعية إلى كركوك، ومحاولة معالجة المشكلات بين أربيل وبغداد». وكان الرئيس معصوم زار أول من أمس (الاثنين) مدينة كركوك.
من جهته، يواصل نيجيرفان بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان ونائبه قباد طالباني محادثاتهما مع الأحزاب السياسية الكردستانية لأجل التوصل إلى توافقات داخلية بشأن قضيتين مهمتين تشغلان الأوساط السياسية بإقليم كردستان، وهما، المفاوضات المرتقبة مع الحكومة الاتحادية، والأخرى حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية تأخذ على عاتقها قيادة المرحلة المقبلة وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية المقرر لها في العام المقبل.
والتقى رئيس الحكومة ونائبه يوم أمس أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، وأجريا مباحثات مشتركة بشأن تطورات الوضع السياسي، في مقدمتها العلاقة مع بغداد ومسـألة مصير الحكومة الحالية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي لحزب بارزاني عقب الاجتماع في مؤتمر صحافي عن موقف حزبه من دعوات بعض الأطراف السياسية، وفي مقدمتها حركة التغيير والجماعة الإسلامية والتحالف من أجل العدالة والديمقراطية برئاسة برهم صالح، القاضية بحل الحكومة الحالية قائلاً: «نحن في قيادة الحزب نرفض هذه الدعوات، ونؤكد على استمرار الحكومة الحالية بمهامها إلى حين تنظيم الانتخابات المقبلة»، وأضاف: «أي مساس بالحكومة الحالية وتشكيل حكومة أخرى سيأخذ وقتاً طويلاً، وسيخلق لنا مشكلات كبيرة نحن في غنى عنها».
وقال محمود محمد، عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي باسمه «الأولوية حالياً هي لتحقيق توافق وطني حول تشكيل وفد كردستاني مشترك يضم جميع القوى السياسية ليذهب إلى بغداد لمعالجة المشكلات القائمة بين الحكومتين وإنقاذ الوضع الحالي، والبحث عن حلول سريعة للأزمة المالية والاقتصادية». وحول الانتخابات القادمة وتحديد موعدها قال محمد: «نحن نفضل تقديم موعد الانتخابات المقبلة ليسبق الانتخابات العراقية، وقد أبلغنا موقفنا هذا لوفد الحكومة، وتطرقنا كذلك إلى موضوع استئناف المحادثات الخماسية بين الأحزاب الرئيسية، لكننا لم نتوصل بعد إلى تحديد موعد لذلك». وبشأن الأوضاع المتفاقمة في مدينتي كركوك وطوزخورماتو، أكد «لقد تباحثنا مع الحكومة بهذا الشأن، وطلبنا الاستعجال بعقد محادثات بنّاءة مع السلطة الاتحادية لأجل تطبيع أوضاع هذه المناطق وضمان عودة النازحين منهما».
من جانبه، أكد حزب الكادحين الكردستاني، الذي زاره الوفد الحكومي بعد محادثاته مع حزب بارزاني، تأييده لمضي الحكومة الحالية بأداء مهامها إلى حين الانتخابات المقبلة، وقال سعد خالد، عضو الهيئة الرئاسية للحزب في مؤتمره الصحافي: «نحن نعتقد بأن الحكومة الحالية هي بالأساس تحولت إلى حكومة مؤقتة، ولا خيار أمامنا سوى تأييد جميع الأحزاب والقوى الكردستانية لهذه الحكومة لتستمر بأداء وظائفها، أو الاتفاق على موعد لتنظيم الانتخابات، حينها يمكن تشكيل حكومة جديدة وفقا للاستحقاقات الانتخابية».
في السياق ذاته، أعلنت مفوضية الانتخابات المحلية بكردستان استعدادها الكامل لتنظيم الانتخابات المقبلة في حال صدور قرار بشأنها، وقال هندرين محمد صالح، رئيس المفوضية في تصريحات صحافية: «نحن نحبذ تنظيم الانتخابات الثلاث (رئاسة الإقليم والبرلمان ومجالس المحافظات) بموعد واحد، ونحن كمفوضية جاهزون لذلك، خصوصاً أننا أجرينا الاستفتاء وتتوفر لدينا الإمكانيات اللوجيستية من حيث الكوادر والتدريبات للقيام بهذه المهمة في الوقت الذي تحدده الجهات المعنية». وأشار رئيس المفوضية إلى «أن دوائر المفوضية بدأت بالفعل بالشروع في تدقيق القوائم الانتخابية وتطهيرها من أسماء المتوفين والأسماء المكررة بناءً على طلب الأحزاب السياسية بالإقليم».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.