سلامة في زيارة مفاجئة إلى طرابلس لإجراء مشاورات

جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم لمناقشة ملف الرق في ليبيا

مهاجرون أفارقة داخل غرفة بمركز احتجاز في ضواحي طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة داخل غرفة بمركز احتجاز في ضواحي طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

سلامة في زيارة مفاجئة إلى طرابلس لإجراء مشاورات

مهاجرون أفارقة داخل غرفة بمركز احتجاز في ضواحي طرابلس أمس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة داخل غرفة بمركز احتجاز في ضواحي طرابلس أمس (أ.ف.ب)

بدأ رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، أمس، زيارة مفاجئة إلى العاصمة طرابلس، تستغرق بضعة أيام ويتجول خلالها في عدة مدن أخرى «لإجراء مشاورات» بشأن ما وصفه بـ«أحسن السبل لتنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة من أجل ليبيا».
وبحث سلامة التعديلات على الاتفاق السياسي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين، مع رئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، وعدد من الأعضاء ورئيس لجنة «حوار مجلس النواب» عبد السلام نصية.
وأفاد المبعوث الأممي في بيان مقتضب أصدره أمس، بأنه بحث مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، إحاطته لمجلس الأمن وتنفيذ خطة العمل والتحضير للانتخابات المقبلة في ليبيا. وأكد السراج في بيان آخر، أن الاجتماع «تناول آخر المستجدات في مسار الحل السياسي وفقاً لخريطة الطريق التي طرحها المبعوث الأممي والتي تفضي إلى انتخابات مقبلة»، مشيراً إلى أن «سلامة قدم له ملخصاً لإحاطته في جلسة مجلس الأمن خلال الفترة القريبة الماضية بشأن الأوضاع السياسية في ليبيا، وآليات دعم المفوضية العليا للانتخابات، وتهيئة الظروف لعمل المفوضية لإجراء الانتخابات».
ودعا السراج إلى «ضرورة الشروع في بدء تسجيل الناخبين في أقرب وقت ممكن لإتمام الاستحقاق الانتخابي»، مجدداً «الالتزام بالعمل مع الأمم المتحدة ودعم جهودها للوصول إلى الوفاق والسلام في ليبيا وبما يحقق الاستقرار والأمن للشعب الليبي ويسهم في قيام دولة المؤسسات والقانون»، على حد قوله.
وتأتي تحركات سلامة بهدف التوصل إلى «اتفاق سلام جديد بين الفرقاء الليبيين، فيما يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم، جلسة بشأن ملف الرق في ليبيا»، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية، التي أكدت أن الجلسة التي دعت إليها ستكون برئاسة إيطاليا رئيسة الدورة الحالية بالمجلس. وتبنت فرنسا منذ الأسبوع الماضي، على لسان وزير خارجيتها جون إيف لودريان، عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لمناقشة مزاعم «وجود تجارة للرق في ليبيا». وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، ترحيبه بالمقترح الفرنسي، وأجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي «لرسم تصور عمل مشترك في إطار الأمم المتحدة بشأن المهاجرين ومكافحة الاتجار بالبشر في ليبيا»، حسبما أوضح مكتبه في بيان صحافي. ومن المنتظر أن يهيمن هذا الملف بالإضافة إلى موضوع الهجرة ووضع المهاجرين في ليبيا على جدول أعمال القمة الأوروبية - الأفريقية، التي ستعقد خلال يومين في عاصمة كوت ديفوار أبيدجان.
وأجرت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغيريني، أمس، محادثات مع المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، بشأن التعاون الثنائي خصوصاً في ليبيا، بالإضافة إلى الأوضاع المأساوية للمهاجرين هناك. وكشفت موغيريني النقاب عن أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطاً على السلطات الليبية لتسهيل عمليات دخول الفرق الدولية إلى مراكز احتجاز المهاجرين، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يدرس كيفية اتخاذ إجراءات مشتركة بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي لوقف ما سمته «الانتهاكات غير المقبولة في ليبيا».
من جهته، دعا رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني إلى «حضور المنظمات ذات الصلة بالأمم المتحدة، في مراكز إيواء المهاجرين واللاجئين في ليبيا، بعد انفتاح السلطات المحلية هناك على إمكانية وجود منظمات دولية لإدارة هذه المراكز». ونقلت وكالة «اكى» الإيطالية عن جينتيلوني قوله: «قبل عام واحد كانوا (الليبيون) لا يريدون وجود المنظمات الدولية في مخيمات اللاجئين، ولذلك كان حينها من المستحيل العمل على العودة الطوعية للمهاجرين وإقامة ممرات إنسانية محتملة من ليبيا، الآن من الممكن القيام بذلك».
من جهة أخرى، أعلن الجيش الوطني الليبي حالة الطوارئ في منطقة قريبة من الهلال النفطي تحسباً لهجوم مرتقب على ما يبدو من تنظيم داعش الإرهابي. وقالت رئاسة أركان القوات الجوية التابعة للجيش، إنها أعلنت حالة النفير العام في منطقة خليج السدرة عقب رصد «تحركات لعناصر تنظيم داخل مدينة هراوة». وبدا أن قوات الجيش الوطني بصدد القيام بمحاولة جديدة لاقتحام مدينة درنة معقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد، حيث تفقد اللواء مفتاح شقلوف، قائد الكتيبة 153 مجحفلة، التابعة للجيش محاور القتال بمنطقتي مرتوبة والفتائح شرقي المدينة. ويأتي ظهور شقلوف تفنيداً عملياً لشائعات ترددت أول من أمس، بشأن تعرضه لعملية اغتيال، وهو ما نفته أيضاً «غرفة عمليات عمر المختار لتحرير درنة»، التي قالت إن «شقلوف يمارس مهام عمله على أكمل وجه، وهو بصحة جيدة صحبة رفاقه من ضباط وضباط صف بالمحاور وفي ساحات القتال». كما نشرت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش صوراً فوتوغرافية للواء شقلوف، وقالت إنه تم التقاطها خلال متابعته العمليات العسكرية جنوب شرقي درنة.
وفى مدينة بنغازي بشرق البلاد، طلبت الغرفة الأمنية الرئيسية لتأمين بنغازي من كل الأجهزة الأمنية التابعة لها «اعتقال كل من يقوم باستعمال الأسلحة النارية في الشوارع والمناسبات». وكان اللواء ونس بوخمادة، قائد القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني، أعلن تدشين غرفة تأمين بنغازي السبت الماضي ضمن خطة أمنية لمكافحة كل الظواهر والسلوكيات المخلة بالنظام العام. ولا تزال قوات الصاعقة الليبية تواصل معاركها البطيئة داخل مدينة بنغازي للقضاء على آخر فلول «الجماعات الإرهابية» التي ما زالت تتحصن داخل المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».