حسم مجلس النواب الليبي موقفه، أمس، بالموافقة رسمياً على المقترح الذي قدمه غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، لتعديل اتفاق الصخيرات للسلام، الذي أُبرم في المغرب قبل عامين.
وقال عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، إن المجلس وافق بالأغلبية في جلسة عقدها في مقره في مدينة طبرق (أقصى الشرق)، أمس، على الصيغة الموحدة لتعديل الاتفاق السياسي، التي قدمها سلامة.
وينص «مقترح» سلامة على أن تتكون السلطة التنفيذية من مجلس رئاسة الدولة (الرئاسة)، ومجلس الوزراء (الحكومة)، ويكون مقرها الرئيسي العاصمة طرابلس، مع إمكانية أن تمارس أعمالها من أي مدينة أخرى.
في غضون ذلك، قال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، لـ«الشرق الأوسط» إن «الجزء العسكري في صيغة سلامة الأخيرة يرتكز على مخرجات حوار القاهرة، الذي تم مؤخراً بين ضباط من الجيش الوطني وزملائهم في المنطقة الغربية التابعة لحكومة الوفاق، التي يترأسها فائز السراج.
وبسؤال المسماري إن كان ذلك يعني أن مكانة المشير خليفة حفتر كقائد عام للجيش الوطني لن تُمسّ، وأن هناك اعترافاً به من حكومة السراج والمجلس الأعلى للدولة الذي يقوده عبد الرحمن السويحلى، أجاب المسماري موضحاً أنه «لم ينص على ذلك صراحةً، ولكن المبعوث الأممي أشار إلى مجلس الدفاع والأمن القومي، وهذا المصطلح من مخرجات اجتماعات القاهرة بين ضباط المؤسسة العسكرية»، مبرزاً أنه «في الاجتماع الأول اتفقنا على أن القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية هي أساس الجيش الوطني الليبي، وأن المشير خليفة حفتر هو القائد العام»، مشيراً إلى أنه «بموجب هذه التعديلات سيصبح حفتر هو القائد العام الوحيد للقوات المسلحة الليبية على كامل الأراضي الليبية»، لافتاً إلى أنه تقرر ضم، لا إلغاء، منصب وزير الدفاع إلى القيادة العامة للجيش في المرحلة الحالية.
وتزامنت هذه التطورات مع استمرار الجدل السياسي والإعلامي بين الجيش الوطني والحكومة المؤقتة الموالية له من جهة، وبين حكومة السراج من جهة أخرى، حول ملفي التعاون مع البلديات والموقف من «الاتجار غير المشروع بالبشر»، إذ قالت قيادة الجيش في بيان لها، أول من أمس، إنها رصدت ما وصفته بنشاط ملحوظ للعصابات التي تمارس الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتتولى نقل المهاجرين غير الشرعيين، مشيرةً إلى أن أكثر من عصابة تتعامل مع المهاجرين وتتولى عملية نقلهم من منطقة إلى أخرى حتى يتم تسليمهم لعصابات أخرى، تنشط في عرض البحر تتولى نقلهم إلى أوروبا.
وأوضح البيان أن هناك «عصابات محلية في غرب ليبيا، وأخرى دولية تنشط في جرائم بشعة ضد الإنسانية، وذلك بالتعدي على المهاجرين وعلى سلامتهم وصحتهم، ويصل الأمر إلى بيع أعضائهم»، مؤكداً في المقابل خلو المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش من هذه العصابات ونشاطها الإجرامي.
وكانت الحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الله الثني، وتعتبر موالية لمجلس النواب في المنطقة الشرقية، قد رأت أن الانتهاكات الخطيرة في ملف حقوق الإنسان في بعض مناطق غرب البلاد، خصوصاً فيما يتعلق بأوضاع المهاجرين الذين فشلوا في عبور البحر المتوسط باتجاه أوروبا، تقع في مناطق نفوذ حكومة السراج، والجماعات التي تعمل في إطارها، وأكدت أن المناطق الواقعة تحت سيطرتها لم تسجَّل فيها حالة واحدة لعبور البحر المتوسط.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى فتح تحقيق أممي لتقصي ما أثارته قناة «سي إن إن» الأميركية مؤخراً بشأن «بيع المهاجرين الأفارقة في ليبيا كعبيد».
وأعرب أنطونيو، في بيان وزعته البعثة الأممية، عن استيائه الشديد مما سماه الأعمال المروعة، ودعا «جميع السلطات المختصة إلى التحقيق في هذه الأنشطة دون إبطاء، وتقديم الجناة إلى العدالة»، مشيراً إلى أنه طلب من الجهات الفاعلة ذات الصلة في الأمم المتحدة أن تتابع هذا الأمر بكثير من الاهتمام.
وعلى صعيد متصل، قال الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في بيان صحافي مشترك، إن رئيس الاتحاد الأفريقي ألفا كوندي، ناقش هاتفياً مع مسؤولة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني التقارير المروعة عن المعاملة غير الإنسانية للمهاجرين في ليبيا. بينما أعرب المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية عن ترحيبه بإعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عن فتح تحقيق رسمي في التقارير الإعلامية التي زعمت وجود حالات للاتجار في الرقيق في بعض المواقع خارج العاصمة طرابلس.
وأضاف الوزير المفوض محمود عفيفي، أمس، أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، شعر بالصدمة جراء هذه التقارير، التي أظهرت المعاملة اللا إنسانية التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين، وشدد على ضرورة تقديم مرتكبي هذه الأفعال المشينة للعدالة إذا أثبتت التحقيقات صحة هذه التقارير، وأثنى في الوقت ذاته على التزام السلطات الليبية بمضاعفة جهودها من أجل التصدي لمثل هذه الممارسات وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، التي تُرتكب بحق المهاجرين غير الشرعيين داخل وخارج مواقع احتجازهم في ليبيا.
وتمت، مساء أول من أمس، إعادة 155 مهاجراً ينحدرون من ساحل العاج، من ليبيا إلى بلادهم، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن آسياكا كوناتي، مدير مواطني ساحل العاج في الخارج، وصول «155 مهاجراً بينهم 89 امرأة، والكثير من القُصّر»، موضحاً أن «معظمهم كان قيد الاحتجاز في مراكز زوارة» على الساحل الغربي لليبيا.
ليبيا: البرلمان يوافق بالأغلبية على مقترح سلامة بتعديل «الصخيرات»
ليبيا: البرلمان يوافق بالأغلبية على مقترح سلامة بتعديل «الصخيرات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة