السوريون الفارون من ويلات الحرب يعانون الأمرين في البلقان

لاجئون سوريون يشعلون النيران كي تقيهم شر البرد الشديد في مخيم ببلدة هرمانلي في بلغاريا (أ.ب)
لاجئون سوريون يشعلون النيران كي تقيهم شر البرد الشديد في مخيم ببلدة هرمانلي في بلغاريا (أ.ب)
TT

السوريون الفارون من ويلات الحرب يعانون الأمرين في البلقان

لاجئون سوريون يشعلون النيران كي تقيهم شر البرد الشديد في مخيم ببلدة هرمانلي في بلغاريا (أ.ب)
لاجئون سوريون يشعلون النيران كي تقيهم شر البرد الشديد في مخيم ببلدة هرمانلي في بلغاريا (أ.ب)

فر إدريس حسن وزوجته وأطفالهما الثلاثة من مذابح الحرب السورية، أملا في أن يجدوا السلام والأمن في أوروبا الغربية، لكنهم، بدلا من ذلك، وجدوا أنفسهم عالقين في مخيم بلغاري مكتظ باللاجئين - يعيشون في خيمة شديدة البرودة، دون ما يكفي من الطعام أو الماء النظيف.
وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، فإنه غالبا ما ينتهي المطاف بآلاف اللاجئين السوريين وغيرهم من دول الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، الذين يتكبدون رحلة محفوفة بالمخاطر، من بلدانهم التي دمرتها الحرب، في مخيمات مكتظة في البلقان، بعد أن أغلقت في وجوههم حدود دول أوروبا الغربية الغنية.
وقال حسن (44 عاما)، وهو يجلس بالقرب من النار خارج خيمته في مخيم هرمانلي جنوب بلغاريا: «تركنا بلادنا بحثا عن مكان أفضل وأكثر أمنا لنعيش فيه، نستطيع أن نوفر فيه لأطفالنا التعليم المناسب. لكننا الآن نرى أن بلغاريا بلد فقير يكافح لتوفير الغذاء لشعبه».
ويقول مسؤولو المساعدات إن الوضع الإنساني في بلغاريا، التي تواجه تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين يفوق قدراتها بكثير، مقلق إلى حد بعيد. فبلغاريا واحدة من أحدث وأفقر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والمجاورة لتركيا، التي تحولت إلى نقطة جذب للسوريين الفارين من الحرب.
وقال أنطونيو غوتيريس مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين: «ينبغي على جميع الدول الأوروبية فتح حدودها، وقبول اللاجئين السوريين، وتقديم مساعدة كافية لهم».
وتعهد غوتيريس بعد زيارة مخيم للاجئين في صوفيا، الجمعة، بدعم بلغاريا في جهودها الرامية إلى توفير الحماية والمساعدة الكافية للاجئين السوريين، قائلا إن الوكالة ستبعث بفريق المساعدة التقنية لبلغاريا هذا الأسبوع.
كما أعربت جماعات حقوق الإنسان أيضا عن قلقها؛ فتقول باربورا سيرنوساكوفا، وهي باحثة ضمن فريق الاتحاد الأوروبي في منظمة العفو الدولية: «من المؤلم أن يعلق الأفراد الذين سعوا للجوء إلى الاتحاد الأوروبي في مثل هذه الظروف التي لا تُحتمل، مع اقتراب فصل الشتاء».
من جهتها، «حذرت منظمة أطباء بلا حدود، من الأوضاع المروعة في مراكز الاستقبال، والافتقار الشديد إلى المساعدة الطبية». وقالت المجموعة إن «الخيار الوحيد لمئات الأفراد هو النوم في خيام لا تصل إليها التدفئة، بينما يتكدس الآخرون معا في الفصول الدراسية في المدارس المهجورة، لأن مراكز الاستقبال غير قادرة على التعامل مع مثل هذا العدد من الأفراد».
وأضافت الجماعة في بيانها: «في بعض الأحيان، لا يتوافر سوى مرحاض واحد لـ50 شخصا، في الوقت الذي لا تحصل فيه عائلات بأكملها على ما يكفي من الغذاء لتناول الطعام.
ويقول حسن، وهو صيدلي كردي: «لدي طلب واحد فقط، وهو الانتقال إلى منزل أو منزل متنقل. ستهطل الثلوج قريبا وسيكون من المستحيل أن نعيش في الخيمة مع الأطفال».
ويأمل حسن أن تنهي السلطات البلغارية وثائق الهجرة الخاصة به وبعائلته حتى يتمكنوا من الانتقال إلى أحد بلاد الاتحاد الأوروبي الأكثر ثراء. وقد هدد أقرانه من اللاجئين في المخيم ببدء إضراب عن الطعام احتجاجا على الظروف المعيشية بالغة الصعوبة.
وقال: «معظمنا لديهم أقارب أو آباء في دول أخرى، مثل ألمانيا وهولندا والسويد وفنلندا. نريد أن نغادر فورا، لنعيش ككل الناس الشرفاء».
وكان نحو 10 آلاف مهاجر، معظمهم من سوريا وأفغانستان والعراق، قد وصلوا إلى بلغاريا مقبلين من تركيا منذ يناير (كانون الثاني)، مستخدمين طرقا غير شرعية لعبور الحدود. غير أن هذا التدفق يفوق طاقة نظام المساعدات في بلغاريا، التي يمكن أن تستوعب، وفقا لمسؤولين، نحو خمسة آلاف شخص فقط.
وسعى الآلاف من اللاجئين للوصول إلى أوروبا الغربية عبر اليونان ومقدونيا وألبانيا والجبل الأسود أو صربيا. وكانت عائلات بأكملها تقيم على الطريق لعدة أشهر، حيث نُقلوا عبر الحدود من قبل مهربي البشر، الذين يضعونهم في شاحنات أو سفن أو يقودونهم سيرا على الأقدام، وفي كثير من الأحيان يسافر المهاجرون من دون وثائق ويتعرضون لسرقة ممتلكاتهم ومدخراتهم، التي يحتاجونها لدفعها للمهربين.
وكان 12 شخصا يُعتقد أنهم سوريون، بينهم أربعة أطفال ووالداهما، لقوا مصرعهم غرقا الأسبوع الماضي في اليونان، بعد انقلاب القارب السريع الذي كانوا يستقلونه، بعد أن كانوا يأملون في استخدامه لتهريبهم إلى إيطاليا، في حين نجا 15 شخصا آخر في حادث بالقرب من جزيرة يفكاذا الغربية.
وفي بلغاريا، اندلعت احتجاجات في مخيم للاجئين في ضواحي العاصمة صوفيا، عندما توفي قحطان العمر المهاجر السوري البالغ من العمر 35 عاما، نتيجة أزمة قلبية، بعد أسبوع من وصوله مع زوجته وثلاثة أطفال. وقالت زوجته إن زوجها كان يشكو من آلام في الصدر، لكنه لم يتلقّ أي مساعدات، نظرا لوصول سيارة الإسعاف بعد ساعة من وفاته.
يقع مخيم صوفيا، في مدرسة قديمة شاغرة، حيث يتكدس اللاجئون في الفصول الدراسية، مع عدد قليل من المراحيض والحمامات، ودون وجود أماكن ملائمة لإعداد الطعام. وتقسم الغرف باستخدام فرش الأسرّة التي توفر بالكاد قدرا من الخصوصية.
يعتمد الأفراد في المخيم في الغالب على التبرعات التي يوزعها الصليب الأحمر، وينتظر معظمهم السلطات البلغارية لإصدار وثائق تعترف بأنهم سوريون، التي من شأنها أن تساعدهم على اللجوء في أماكن أخرى في الاتحاد الأوروبي. لكن المسؤولين قالوا إن الإجراءات تستغرق وقتا.
وقال نيكولاي كيربانليف رئيس وكالة اللاجئين التي تديرها الحكومة في بلغاريا: «نحن ندرك أنهم يريدون الانتهاء من وثائقهم سريعا، لكن لدينا قوانين ولوائح معنية نتبعها».
أعباء تدفق اللاجئين تثقل أيضا كاهل صربيا، دولة البلقان التي تقع على الحدود مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من المجر وكرواتيا، مما يجعلها نقطة عبور للمهاجرين.
ويغص مركز اللجوء الصربي وسط قرية بوغوفادجا بمئات المهاجرين الذين ينامون في العراء، ولا يحصلون سوى على وجبة واحدة فقط في اليوم. ويقول المهاجرون إن طالبي اللجوء الذين يتمكنون من الوصول إلى الاتحاد الأوروبي غالبا ما يرحلون إلى صربيا ومقدونيا واليونان أو بلغاريا، حيث يمكثون لبعض الوقت، ثم يعيدون الكرّة مرة أخرى.
وفي محاولة لوقف هذا المد من المهاجرين، تستعد السلطات في بلغاريا لبناء سياح بارتفاع ثلاثة أمتار (10 أقدام) على الحدود مع تركيا، والذي يتوقع أن يكون جاهزا بحلول فبراير (شباط).



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.