النظام السوري يتبع سياسة «الأرض المحروقة» في بيت جن قرب الجولان

طلقات تحذيرية إسرائيلية تستهدف أحد مواقعه

TT

النظام السوري يتبع سياسة «الأرض المحروقة» في بيت جن قرب الجولان

صعّد النظام السوري غاراته الجوية وقصفه الصاروخي والمدفعي على بلدة بيت جنّ المحاصرة في الريف الجنوبي الغربي لدمشق، محاولا السيطرة عليها وتوسيع النطاق الأمني للعاصمة دمشق، في وقت أعلنت فيه إسرائيل عن قصف مواقع جديدة للنظام.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، ليل الأحد، أنه أطلق نيراناً تحذيرية على موقع عسكري تابع للنظام السوري في منطقة منزوعة السلاح في هضبة الجولان. واتهم الجيش الإسرائيلي في بيان قوات النظام بأنها «انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في عام 1974، عبر القيام بأعمال بناء تهدف إلى تدعيم مركز عسكري في القسم الشمالي من المنطقة منزوعة السلاح»، مذكراً بأن الاتفاق «يمنع دخول معدات بناء ثقيلة أو عربات عسكرية إلى المنطقة منزوعة السلاح»، من دون أن يعطي تفاصيل حول الموقع المستهدف.
وتستأثر معركة بيت جنّ باهتمام فصائل الجيش الحرّ في جنوب سوريا، حيث أكد القيادي في الجبهة الجنوبية العقيد الطيار نسيم أبو عرّة، لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «لا يزال يستهدف بيت جّن يومياً بعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي». ولفت إلى أن «ما أخر عملية فك الحصار عن بيت جنّ، هو أن المعركة الأخيرة كانت بقيادة (هيئة تحرير الشام)، بسبب عدم وجود تنسيق بين فصائل الجيش الحر في الجنوب و(الهيئة)».
من جهته، عدّ أبو كنان الشريف، قائد «جيش الثورة» في الجبهة الجنوبية، أن «نظام الأسد يخوض معركة كسر عظم في بيت جنّ، ويحاول منذ سنة ونصف السيطرة عليها، لكنه لا يزال يصاب بالإخفاق تلو الآخر بفضل صمود الثوار وأبناء المنطقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف الأساسي من معركة بيت جنّ، هو توسيع الطوق الأمني المحيط بالعاصمة، لأن أي خرق من بيت جنّ، سيؤدي إلى اختراق الغوطة المحاصرة، مما يجعل إمكانية الانقضاض على العاصمة أمراً متاحاً، وهذا ما يخشاه النظام».
وأدى اختراق «هيئة تحرير الشام» بلدة حضر ذات الغالبية الدرزية، إلى قلب المعادلة في الجنوب، وفق ما أعلن العقيد الطيار نسيم أبو عرّة، الذي أوضح أن «وصول (هيئة تحرير الشام) إلى قرية حضر، وتنفيذ عملية انتحارية في عمق البلدة الدرزية، الواقعة تحت سيطرة النظام، غيّر الموازين في القطاع الشمالي الغربي في الجنوب السوري»، مشيراً إلى أن «دخول إسرائيل على الخطّ وإطلاق يد المسلحين الدروز فيها، أثر على مسار معركة فك حصار بيت جنّ، وصعّب التقدم العسكري على فصائل (الجيش الحرّ) من جهة الحضر»، عادّاً أن «فك الحصار عن بيت جنّ سيغير الموازين، ويوسّع دائرة المعارك باتجاه دمشق، ولذلك، فإن الموقف الإسرائيلي غيّر استراتيجية المعركة، بسبب دخول (تحرير الشام) إلى حضر، وهذا أعطى شرعية دولية لتمادي إسرائيل في جنوب سوريا».
وتُعد عملية إطلاق نار من إسرائيل على موقع للنظام في الجولان، الثانية خلال 24 ساعة، بعدما أطلق جيش الاحتلال نيرانا تحذيرية على الموقع العسكري ذاته، حيث أطلقت دبابة إسرائيلية السبت الماضي طلقات سقطت بالقرب من قرية حضر الدرزية، وأصدر وقتها الجيش بياناً مطابقاً.
معركة النظام على بيت جنّ، تسابق المساعي الدولية الهادفة لوضع البلدة ضمن المناطق المشمولة بخفض التصعيد، وقال أبو كنان الشريف إن «النظام حريص على إغلاق هذا الاحتمال، والالتصاق بين قواته، والقوات الموالية له من أبناء الطائفة الدرزية في بلد حضر»، مشيراً إلى أن «سقوط بيت جنّ يؤمن هذا الأمر، والنظام يستفيد الآن، لأن بيت جنّ خارج نطاق الاتفاقات المبرمة مع الدول، وهو حريص على إنهاء هذا الأمر بوقت قصير جداً، حتى لا تضمن روسيا خفض التوتر في المنطقة».
ورغم ضآلة الخيارات أمام فصائل الجنوب، فإن الشريف شدد على أن «ثوار الجنوب، يحشدون ما لديهم من قوّة لتثبت صمود ثوار بيت جنّ، وإفشال اختراق النظام للمنطقة، رغم أن النظام يستخدم سياسة الأرض المحروقة»، لافتاً إلى أن «عامل الوقت سيسقط هذه الهجمة، بسبب ثبات أبناء بيت جنّ وتماسك التشكيلات العسكرية في الجبهة الجنوبية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».