فروغ فرخ زاد... أيقونة التمرد النسوي

كتاب عن الشاعرة الإيرانية الأشهر يضم مقابلات ورسائل ورحلات

فروغ فرخ زاد... أيقونة التمرد النسوي
TT

فروغ فرخ زاد... أيقونة التمرد النسوي

فروغ فرخ زاد... أيقونة التمرد النسوي

حياة عاصفة من الآلام والصدمات عاشتها الشاعرة الإيرانية الشهيرة فروغ فرخ زاد، بدأت وهي ابنة ستة عشر ربيعاً من عمرها بزواجها من رجل يكبرها بـ15 عاماً، لم تكن سعيدة، بل حاولت الانتحار مرتين بتعاطي الأدوية المنومة، وزارت المصحة النفسية أكثر من مرة بعد إصابتها بانهيارات متعددة، ودخلت في خلافات أسرية عنيفة، هربت وهجرت المنزل، وعانت من المجتمع المغلق، وتجرعت مرارات الاعتقال.
وكانت صدمة النهاية في يوم 13 فبراير (شباط) 1967، حيث لقت حتفها إثر حادث مرور وهي تقود سيارتها، لتتوقف حياتها على حافة الاثنين والثلاثين عاماً، العام الذي تمنت فيه وكما تقول في إحدى رسائلها أن تموت «لتبعث من جديد لترى الحياة في ثوب جديد في دنيا خالية من كل هؤلاء الظلمة».
عاشت فروغ حياة قصيرة، إلا أنها كانت حافلة بالتمرد والإبداع، شهدت صدور الكثير من دواوينها الشعرية، كما شاركت في بعض الأدوار السينمائية، وأعدت فيلما عن مرضى الجذام، ورسخت حضورها كإحدى أهم تجارب الشعر الإيراني الحديث. واعتبرت إلى جانب الشاعرة بروين اعتصامي أهم شاعرتين في مسيرة الشعر الإيراني. ولاقت أشعار فروغ اهتماماً واسع النطاق، وترجمت إلى الكثير من اللغات، حازت العربية على قدر كبير منها، وتعدد مترجمو قصائده، وحياتها التي تحولت إلى أيقونة للتمرد النسوي.
مؤخراً صدر بالقاهرة كتاب «نصوص نثرية... مقابلات، رسائل، رحلات» فروغ فَرُّخ زاد، عن المركز القومي للترجمة، بالاشتراك مع دار العين القاهرية. من ترجمة الكاتب والمترجم الكويتي خليل علي حيدر.
لم تكتب فروغ سيرتها الذاتية إلا أن هذا الكتاب الصادر يمكن أن نعتبره كتاباً سردياً، إذ يحوي الكثير من تدوينها، حيث تعبر بصدق عن حياتها ومعاناتها وآلامها وآرائها وأيضاً فرحها وانتصارها.
تنقسم مجموعة الأعمال النثرية لفروغ إلى مقتبسات من رسائلها، إضافة إلى مذكرتها التي سجلتها عن رحلة إلى أوروبا (لم تكملها) وأجزاء من خواطرها ورسائلها إلى عائلتها، وبالأخص إلى والدها، ثم نقدها لديوان «نهاية الشاهنامه» للشاعر مهدي إخوان ثالث، ثم مجموعة حوارات أجريت معها.
وفي رسالة أرسلتها في مرحلة شبابها إلى إحدى المجلات الأدبية، وهي في عمر العشرين عاما، تكشف فروغ عن هذه الروح المتألمة والمتذمرة من النظرة التي يوجهها إليها المجتمع، وتؤكد على ضرورة تحطيم هذه القيود المجتمعية، معبرة عن اعتقادها أن الشعر شعلة من الأحاسيس القادرة وحدها، «فالشعر الجميل هو الذي يوفق الشاعر فيه إلى أن يكون قد عكس من خلاله كل الانفعالات والآلام الروحية والجسدية».
وتعبر فروغ في رسالتها عن الصعوبات التي تلاقيها كونها امرأة، وتؤكد أنه «من الصعوبة أن تحيا في هذا الوسط الفاسد وتبقى محافظة على معنوياتها». وتقول: «لقد أوقفت حياتي على فني أريد الحياة لأجل فني... ولكنني مؤمنة بحتمية تحطيم القيود».
وفي أكثر من موضع تظهر الشاعرة نقمها على ما سمتهم «الفئات التي تتظاهر بالتقوى علناً بينما تفعل كل شيء في الخفاء ولا تكف عن الحديث في حماية قيم المجتمع». مع هذا تصر «فروغ» على المواجهة بالتعبير «لن أهزم». وتتمنى الفتاة العشرينية آنذاك «أن تتحرر المرأة الإيرانية، وأن تكون مساوية للرجل، ولذا تكرس نصف مواهبها لتجسيد آلام المرأة وأوجاعها».
وفى مقتبسات من رسائلها إلى المخرج والكتاب الإيراني إبراهيم كلستان، تظهر فروغ بجلاء ما تتحمل من شعور مقبض يسيطر على روحها ويشعرها الخسارة، ويخنقها لدرجة أنها تكتب: «أشعر أنني قد خسرت حياتي... وأعرف أقل بكثير مما ينبغي أن أعرفه وربما كان السبب في هذا أنني لم أعش يوما حياة بهيجة».
وتُرجع فروغ السبب في ألمها المتقدم لـ«زواجها المثير للسخرية في سن السادسة عشر، وهو ما زلزل أسس مستقبلها» كما تقول.
وفيما يشبه الاعتذار عما سمته «مساوئها»، فإنها تؤكد أنها «ليست ناجمة عن تعمد الإساءة... إنها بسبب شدة الإحساس بالإحسان اللا مجدي»، وتقول في رسالة أخرى: «ما سيئاتي سوى أنين عبوديتي وعجزي حيث لا ترى العين على امتداد النظر سوى الأسوار والأسوار والأسوار واحتجاز الشمس وجدب الفرص والخوف والاختناق والاحتقار....».
وفى مواجهة القسوة المجتمعية، حاولت فروغ الحفاظ على ذاتها بأن «حاولت دائماً أن تكون كبَاب مغلق كي لا يرى أحد أو يعرف حياتها الداخلية المتوحشة»، ملقية باللوم على الآخرين، فهي حينما تنظر لا تجد نفسها مقصرة، «بل الآخرون هم الذين تسببوا في هذه الأخطاء».
وتمنت فروغ في أحد كتاباتها الموت «لتبعث من جديد لترى الحياة في ثوب جديد في دنيا خالية من كل هؤلاء الظلمة، وبشراً تطهروا من هذه الندالة المتأصلة، حيث لا يقيم أحد الأسوار حول منزله».
ورغم محاولاتها الهروب من الواقع الشرقي المقبض بالسفر إلى أوروبا، فإن ذلك لم ينجح في إنقاذها وظلت تعيش في انقباض دائم، وتعبر عن ذلك في مذكراتها عن الرحلة، «فلا يزال قلبها مظلماً» و«لم يكن هذا الصخب (الأوروبي) منسجماً مع ما تشعر به من حزن وانقباض»، مما يجعلها «تحيا داخل نفسها مشاعر مرة مؤلمة من زوال وعدم ديمومة وقابلية الأشخاص والأشياء والكائنات للفناء».
وفى خواطرها، تعبر «فروغ» عن فشل روحها في الخروج من الحصار المفروض عليها، تقول: «أتمنى أن أقف على ذلك الخط الذي يصل البحر بالأفق ويبتعد عني كل شيء وأتنقل كما ريشة خفيفة»، ولكن ذلك لا يتحقق «فشيء ما ينهش روحها».
وفى رسالة إلى والدها، تلقي الشاعرة باللوم لما وصلت إليه على أسرتها، مؤكدة أن «ألمها العظيم يأتي من أنهم لم يعرفوها، ولم يرغبوا في ذلك يوماً... فهي لم تنعم أبداً بالراحة في أي مكان ولم تكن قادرة على فتح فمها وتعبر عن رأيها وأن تشرح ما داخل نفسها لهم وللآخرين».
وتشتكي فروغ من نظرة أسرتها لها على أنها «مجرد امرأة فارغة الرأس حيث حشت قراءة الروايات الغرامية والقصص رأسها بالأفكار الحمقاء».
وتتمنى الشاعرة، في رسالتها التي تحمل المزيد من اللوم على أسرتها، وبالأخص والدها، إن كان باستطاعتها أن تكون سعيدة، وتحيا حياة أسرية بسيطة كأي امرأة، «تكتفي آنذاك بنفس تلك الغرفة الصغيرة وزوج يريد البقاء موظفاً صغيراً طوال عمره، ويرفض تحمل أي مسؤولية، ويتجنب كل محاولة للارتقاء الوظيفي».
وتمنت فروغ لإرضاء أسرتها أن تكون مجرد زوجة عادية تحيا وتموت في ظل زوجها، أو حسب تعبيرها: «أن أقنع نفسي بالذهاب إلى حفلات الرقص وارتداء الفساتين الجميلة والثرثرة مع نساء الجيران، والدخول في معارك مع الحماة، وباختصار أن أقنع بألف عمل تافه... وأجهل دنيا أوسع وأجمل... أدور مثل دودة القز في عالم شرنقي مظلم محدود وأنمو وأفني عمري هناك».
ولكن ما تحمل فروغ من تمرد، وما يشتعل في وجدانها من قصائد وطموحات فنية تأبى أن تتركها لحالها، لتعيش كامرأة شرقية في حمى رجل لا يريدها إلا كزوجة وأم تعيش كآلاف البشر ممن يولدون ويموتون، فهي حسب قولها «لم أستطع أن أعيش هكذا، عندما عرفت نفسي بدأ تمردي وعصياني في وجه الحياة بهذا الشكل الطائش، أريد أن أكون كبيرة، لا أستطيع أن أعيش مثل مئات الآلاف من البشر الآخرين ممن يولدون في يوم، ويغادرون الدنيا في يوم آخر، دون أن يترك ميلادهم ورحيلهم أي أثر».
وترفض فروغ بشدة النظر لها على أنها «فتاة سيئة» فهي «لم ترغب في حياتها أن تكون سبباً في الإضرار بسمعة عائلتها»، وتصل بها دفوعها لدرء الظنون العائلية حيالها لأن تؤكد أنها «لم تنم ليلة واحدة خارج المنزل»، تتابع: «كلا فأنا في غرفتي ليل نهار أنجز أعمالي، وغير راغبة حتى في الخروج، بعكس ما تتصورون، فأنا لست امرأة تحب التجوال في الشوارع بل أنا ذاتي امرأة تحب الجلوس إلى طاولة المكتب، وتقرأ وتكتب الشعر وتفكر... لأنني أشعر أنني ملك نفسي، ولهذا أشعر بالارتياح داخل المنزل... لن يرميني أحد بعد الآن بنظرات الاستياء والاحتقار لن يقول لي بعد الآن افعل هذا واترك هذا».
وقبيل عامها الأخير (الثاني والثلاثين)، وفي إحدى رسائلها الأخيرة، عبرت الشاعرة عن سعادتها بابيضاض شعرها وظهور خطوط التجاعيد في وجهها، حيث لم تعد مثيرة وحالمة. وظنت فروغ بهذا أنها وجدت نفسها أخيراً، تقول في الرسالة ذاتها: «يعنى وأنت في الثانية والثلاثين أن ينتهي ويضع المرء خلف ظهره اثنتين وثلاثين عاماً من سهمه في الحياة غير أنني في المقابل وجدت نفسي».



اكتشاف نوع جديد من النمل الأبيض يُشبه حوت موبي ديك

يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
TT

اكتشاف نوع جديد من النمل الأبيض يُشبه حوت موبي ديك

يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)
يتميز هذا النوع من النمل الأبيض برأسه الطويل وفكوك سفلية مخفية (رودولف شيفران - زوكيز)

في أعالي إحدى الغابات المطيرة في أميركا الجنوبية، أذهل نوع جديد من النمل الأبيض صغير الحجم فريقاً من العلماء الدوليين بملامحه التي تُشبه ملامح الحيتان.

ووفق الفريق البحثي الذي قاده عالم من جامعة فلوريدا الأميركية، يشبه هذا النوع الجديد من النمل الأبيض حوت العنبر الشهير في رواية هيرمان ملفيل الكلاسيكية «موبي ديك»، ومن هنا جاء اسمه: «كريبتوترمس موبيديكي».

وحسب الدراسة المنشورة في مجلة «زوكيز» (ZooKeys)، يتميّز هذا النوع برأس طويل وفكوك سفليّة مخفيّة.

وقال رودولف شيفران، أستاذ علم الحشرات في معهد جامعة فلوريدا لعلوم الأغذية والزراعة المتخصص في تصنيف الكائنات الحية: «هذا النمل الأبيض لا يشبه أي شيء رأيناه من قبل». وأضاف في بيان نُشر الجمعة: «كانت العيّنة مميزة إلى حدٍّ دفع فريق علماء الحشرات الدوليين إلى الاعتقاد بأنهم أمام جنس جديد تماماً».

كيف حصل هذا النوع على اسمه؟

قال شيفران: «يشبه المنظر الجانبي للبروز الأمامي ورأسه الممدود رأسَ حوت العنبر، وفي كلا الكائنين يحجب الرأس الفك السفلي».

وأوضح: «تقع عين الحوت وقرون استشعار النمل الأبيض في موقع متقارب وفق تكوين كل منهما. وبعد أن لاحظتُ هذا التشابه، رأى زملائي أن الاسم مناسب بشكل لافت».

يُضيف هذا الاكتشاف نوعاً جديداً إلى قائمة نمل «كريبتوترمس» في أميركا الجنوبية، ليصل عدد أنواع هذا النمل إلى 16 نوعاً. ويُظهر تحليل شجرة العائلة الجينية أن «كريبتوترمس موبيديكي» وثيق الصلة بأنواع أخرى في المناطق الاستوائية الجديدة، موجودة في كولومبيا، وترينيداد، وجمهورية الدومينيكان، مما يمنح العلماء دليلاً جديداً على القصة التطورية لهذا الجنس المنتشر عالمياً على مساحة واسعة من الأرض.

ووجد الباحثون المستعمرة المكتشفة داخل شجرة شبه ميتة، على ارتفاع نحو 8 أمتار من أرضية الغابة.

ووفق نتائج الدراسة، يُبرز تشريح هذا النوع الجديد وغير المعتاد مدى تنوّع تطوّر النمل الأبيض، والمفاجآت التي لا تزال تخبئها النظم البيئية الاستوائية.

وقال شيفران: «يُبرز اكتشاف هذا النوع الجديد والمميّز، العدد الهائل من الكائنات الحية التي لم تُكتشف بعد على كوكبنا».

ويُعدّ هذا الاكتشاف، بالنسبة للعلماء، انتصاراً للتنوّع البيولوجي؛ إذ يضيف كل نوع جديد إلى الفهم العلمي للحياة على الأرض، خصوصاً في مجموعة صغيرة نسبياً مثل النمل الأبيض، التي لا يتجاوز عدد أنواعها 3 آلاف نوع حول العالم.


محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
TT

محمد عبده يفتح خزائن الذاكرة على مسرح الرياض

محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)
محمد عبده يقدّم اختيارات لم يسمعها الجمهور منذ سنوات (روتانا)

منح فنان العرب محمد عبده، الجمعة، شتاء العاصمة السعودية الرياض الدفء، في ليلة طربية ساحرة امتدَّت حتى ساعات الصباح الأولى من يوم السبت، وسط حضور جماهيري كبير من محبيه وعشّاقه من السعودية والعالم العربي.

واكتظَّ المسرح الذي يحمل اسمه في المجمع الترفيهي «بوليفارد سيتي» في حيّ حطين بالرياض بالحضور، في حين تابع آلاف المشاهدين الحفل عبر نقله المباشر على قنوات فضائية ومنصات رقمية.

وفي ثاني حفلاته بـ«موسم الرياض» 2025، وبجلسة شعبية طال انتظارها بعد أيام من التمارين والتحضيرات وساعات من الإبداع، التي تقدّمها الهيئة العامة للترفيه» في السعودية، وبإشراف مباشر من ‏رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، وبتنظيم من «روتانا»، قدَّم محمد عبده لعشّاق الفن الأصيل أمسية استثنائية بعنوان «جلسة شعبيات فنان العرب»، استعرض فيها على العود عدداً من الاختيارات التي نالت إعجاب الحضور، وسط إشادات متواصلة بنوعية الأغنيات المُختارة نظير ندرة طرح عدد منها مسرحيّاً، أو استحضار بعضها بعد سنوات من المرة الأخيرة التي قدّمها.

محمد عبده يطلّ بسهرة مختلفة تُعيد جمهور الرياض إلى بداياته (روتانا)

وأضيفت هذه الأمسية إلى مسيرة محمد عبده العريقة الممتدة لأكثر من 5 عقود، مزج فيها بين الإحساس العالي وروعة الألحان والأداء المميّز الذي أسر قلوب الملايين، وسط حضور متناغم مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو هاني فرحات.

«أهلاً هلا بك يا دَوى كل علّه» مروراً بـ«يا حبيب الروح» التي يؤديها الفنان السعودي الكبير للمرة الأولى على المسرح، و«أوحشتنا يا حبيب» قبل «لي 3 أيام ما جاني خبر»، ثم «أنا وخلي كل دار وطنّا»، إلى «كنت مانيب ناوي أقرب الحب لله»، وغيرها من الخيارات النادرة والاستثنائية، عاش جمهور «فنان العرب» ليلة لا تُنسى في الرياض، وخلف الشاشات.

وامتدَّت الأمسية نحو 4 ساعات، استمرَّ خلالها الفنان في نثر إبداعاته وسط استمتاع الحضور، ثم تخلّلته استراحة امتدت نحو نصف ساعة، قبل أن يعاود عبده الوصلة الثانية من الخيارات الفنية الشعبية التي انتظرها الحضور الكبير، ويختمها بأداء الأغنية الوطنية الخالدة «فوق هام السحب» من كلمات الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن وألحان «فنان العرب».

الفنان محمد عبده والمايسترو هاني فرحات في ختام الأمسية (روتانا)

وجاءت هذه الأمسية إثر الإقبال الكبير الذي شهده حفل «فنان العرب» ضمن «موسم الرياض» في 28 من الشهر الماضي، بعد نفاد التذاكر في وقت مبكر جداً من موعد الحفل، ليعلن رئيس «الهيئة العامة للترفيه» في السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، عن تنظيم حفل جديد للفنان محمد عبده، الجمعة 5 ديسمبر (كانون الأول)، وذلك عبر حسابه الشخصي على منصة «إكس»، حيث نشر بوستر الحفل وعلّق: «عشانكم».

ويواصل الموسم الترفيهي الأضخم إقليمياً وعالمياً «موسم الرياض 2025»، الذي بات إحدى أهم المنصّات الفنية في العالم، تنظيم الحفلات الغنائية ضمن سلسلة من الفعاليات الموسيقية الكبرى.

ومن المقرّر أن يطلّ عبده مجدّداً على جمهوره، في 18 ديسمبر، على خشبة مسرح «صدى الوادي» في موسم الدرعية.


«البحر الأحمر السينمائي» يحتفي بأم كلثوم في الذكرى الـ50 لرحيلها

أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يحتفي بأم كلثوم في الذكرى الـ50 لرحيلها

أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)
أم كلثوم في مشهد من فيلم «عايدة» (مهرجان البحر الأحمر)

يواصل مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» في دورته الـ5 ترميم أفلام مصرية قديمة وإعادتها إلى الحياة بنسخ جديدة صالحة للعرض وفق أحدث التقنيات. وفي إطار الاحتفال بمرور 50 عاماً على رحيل سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، اختار المهرجان ترميم فيلمَين من بطولتها، هما «نشيد الأمل» (1937) و«عايدة» (1942)، وكلاهما من إخراج أحمد بدرخان.

وعرض المهرجان، الجمعة، فيلم «نشيد الأمل» في «متحف طارق عبد الحكيم» بالحديقة الثقافية في منطقة جدة التاريخية، في حين قُدّم فيلم «عايدة» في مدينة الثقافة، بعد ترميمهما ضمن اتفاقية بين المهرجان ومدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، وبمشاركة قناة «إيه آر تي» المالكة لحقوق الفيلمَين.

وقدّمت مريم عبد الله، عضو لجنة اختيار الأفلام العربية في المهرجان، فيلم «عايدة»، مشيرة إلى أن «مهرجان البحر الأحمر دأب في كل دورة على ترميم أفلام مصرية عدّة لتُعرَض للمرة الأولى بنسخ مُرمَّمة بتقنية (4 k) عالية الجودة عبر الشاشة الكبيرة، وتزامناً مع الذكرى الـ50 لوفاة أم كلثوم التي شاركت في بطولة 6 أفلام، فإن اللجنة الفنية اختارت هذين الفيلمين تحديداً لهذه المناسبة».

من جهتها، رحّبت أسماء السراج، المديرة التجارية لقنوات «إيه آر تي»، بالحضور، موجّهة شكرها للمهرجان على اهتمامه بترميم الأفلام المصرية. في حين قالت المهندسة ندى حسام الدين، مسؤولة الترميم بمدينة الإنتاج الإعلامي، إن فيلم «عايدة» شكَّل «حالة خاصة»، موضحة أن عملية ترميمه كانت «ملحمة حقيقية»، إذ «لم يُرمَّم الفيلم فحسب، بل كان علينا أيضاً إنقاذ (النيغاتيف) من التحلل. هناك أجزاء ستبدو مختلفةً لأنها استُنقذت قبل أن تتحلَّل تماماً، كما بُذل جهد كبير في ترميم الصوت، كونه فيلماً غنائياً، وخضع لعملية ترميم رقمية دقيقة للحفاظ على قيمته التاريخية». وأشادت بدور المهرجان في حماية التراث السينمائي.

ملصق عرض الفيلمين المُرمَّمين لأم كلثوم بالمهرجان (مهرجان البحر الأحمر)

وجاء عرض «عايدة» العام الحالي متزامناً أيضاً مع مرور 83 عاماً على عرضه الأول في 28 ديسمبر (كانون الأول) عام 1942 في سينما «استوديو مصر» بالقاهرة، وهو من إنتاج الاستوديو نفسه. ويشارك في بطولته، إلى جانب أم كلثوم، كل من المطرب إبراهيم حمودة، وسليمان نجيب، وعباس فارس، وماري منيب، وعبد الوارث عسر الذي كتب السيناريو بمشاركة فتحي نشاطي وعباس يونس.

يقدّم الفيلم مزيجاً آسراً من الرومانسية والقضايا الاجتماعية والتألق الموسيقي، وتتمحور قصته حول «عايدة» الطالبة في مرحلة «البكالوريا» (أم كلثوم) التي تتمتع بموهبة غنائية منذ طفولتها. وبعد وفاة والدها المزارع البسيط، تدعوها أسرة الباشا الذي كان والدها يعمل لديه للإقامة في القصر كي لا تبقى وحيدة. تلتحق عايدة بمعهد الموسيقى الداخلي للبنات، فيتعلق بها سامي نجل الباشا الذي يهوى الموسيقى أيضاً رغم رفض والده، كما يرفض زواجه منها؛ بسبب الفوارق الطبقية. لكن موقفه يتغيَّر بعد حضوره عرضاً موسيقياً تقدمه عايدة، لينتصر الحب في النهاية على تلك الفوارق.

وكعادة الأفلام التي تعكس روح زمنها، يُظهِر الفيلم شوارع القاهرة الهادئة في أربعينات القرن الماضي، وموديلات السيارات، والتقاليد الاجتماعية، والأزياء الكلاسيكية، إضافة إلى أغنيات الحب التي جمعت أم كلثوم بإبراهيم حمودة، مع إبراز تطور شخصية أم كلثوم وأدائها الغنائي.

وشهد الفيلم حضوراً لافتاً من جمهور المهرجان والجمهور السعودي، رغم ازدحام جدول العروض بأفلام عالمية وعربية حديثة الإنتاج. ويُفسر أنطوان خليفة، مدير البرامج العربية وكلاسيكيات الأفلام في المهرجان، هذا الإقبال بقوله: «هذه أفلام لم تُعرَض سابقاً في صالات كبيرة، ولم يشاهدها أغلب الجمهور السعودي من قبل، كما أنها تُقدَّم بتقنيات حديثة». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن عرض الفيلمين «لن يقتصر على المهرجان، بل سيستمر خلال احتفاليات عدّة تقام على مدار العام في مدن سعودية مختلفة»، موضحاً أن «المهرجان لا يشتري حقوق عرض هذه الأفلام، بل يحصل من الجهات المالكة على موافقتها لعرضها في المهرجان والاحتفاليات».

ويؤكد خليفة أن المهرجان، منذ دورته الأولى، يولي اهتماماً خاصاً بترميم الأفلام المصرية، حيث بلغ عدد ما رُمِّم حتى اليوم 22 فيلماً على مدى 5 سنوات.

ملصق فيلم «نشيد الأمل» (مهرجان البحر الأحمر)

ويشير إلى أن اختيار الأفلام المُرمَّمة يرتبط غالباً بمناسبات محددة، موضحاً: «أفلام يوسف شاهين رُمِّمت جميعها في فرنسا، لكننا اكتشفنا أن فيلم (الاختيار) لم يُرمَّم، فقمنا بذلك. كما ارتبط الترميم بتكريم شخصيات مصرية مثل الفنانة منى زكي في الدورة الماضية، حيث طلبت عرض فيلم (شفيقة ومتولي)، فرمَّمناه، وكذلك فيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة) في إطار تكريمها. أما فيلم (خلي بالك من زوزو)، فجرى ترميمه بمناسبة مرور 50 عاماً على إنتاجه. واخترنا العام الحالي فيلمَي (نشيد الأمل) و(عايدة) في ذكرى مرور نصف قرن على رحيل أم كلثوم».

ويقدم برنامج «كنوز البحر الأحمر» في دورته الـ5 عروضاً مميزة لعدد من كلاسيكيات السينما العالمية، بينها 3 أفلام قصيرة صامتة: «المهاجر» لشارلي شابلن، و«ليبرتي» للوريل وهاردي، و«أسبوع واحد» لباستر كيتون، مع عزف موسيقي حي يقدمه المؤلف البريطاني نيل براند المتخصص في الموسيقى التصويرية. كما يتضمَّن البرنامج عرض فيلم الإثارة «مسحور» لألفريد هيتشكوك، وفيلم «الأزرق الكبير» الملحمي للمخرج لوك بيسون.