{فتح} تتطلع إلى ضبط سلاح الفصائل في غزة وليس نزعه

مصدر فلسطيني: أجّلنا ملف الأمن كي لا نفشل... والقاهرة تعيد هيكلة الأجهزة

مسلحون خلال مسيرة نظمت بغزة في الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي في «كتائب القسام» أحمد الجعبري (إ.ب.أ)
مسلحون خلال مسيرة نظمت بغزة في الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي في «كتائب القسام» أحمد الجعبري (إ.ب.أ)
TT

{فتح} تتطلع إلى ضبط سلاح الفصائل في غزة وليس نزعه

مسلحون خلال مسيرة نظمت بغزة في الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي في «كتائب القسام» أحمد الجعبري (إ.ب.أ)
مسلحون خلال مسيرة نظمت بغزة في الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي في «كتائب القسام» أحمد الجعبري (إ.ب.أ)

قال مصدر فلسطيني كبير لـ«الشرق الأوسط» إنه يستغرب التركيز الكبير على الملف الأمني، على الرغم من أن حركتي فتح وحماس اتفقتا على معالجته بهدوء وروية.
وأضاف المصدر أن ثمة اتفاقا بين الحركتين على تجنب معالجة هذا الملف بشكل سريع، وعدم إثارته عبر وسائل الإعلام، وحله في مرحلة ثانية بشكل هادئ حتى لا تفشل المصالحة.
وأكد المصدر أن الجانب المصري مطلع على هذا الاتفاق وشجعه، وسيكون مشرفا على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في غزة، وأن هذا ما تعرفه جيدا كل الجهات ذات الصلة.
وطلب المصدر من الجميع عدم وضع العصي في دواليب المصالحة.
وبحسب المصدر، فإن هذا الملف سيكون على طاولة البحث بين فتح وحماس في لقاءات لاحقة، وأنه يحتاج إلى وقت وجهد ولجان متخصصة ولن يجري حله في جلسة أو جلستين.
وجاء تعقيب المصدر على فحوى المباحثات بعد تصاعد الانتقادات الفلسطينية لغياب اتفاق أمني، وردا على موفد الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، الذي طلب من السلطة الفلسطينية أن تبسط مسؤوليتها الأمنية مجددا على القطاع، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تعمل في هذا المضمار مع السلطة وإسرائيل ومصر وجهات أخرى لتحسين الأوضاع.
وجاءت تصريحات غرينبلات بعد سيل من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون فلسطينيون بارزون، بينهم رئيس الوزراء رامي الحمد الله الذي انتقد غياب اتفاق أمني، وربط نجاح حكومته ببسط سيطرتها الأمنية على القطاع، ومدير عام الشرطة، حازم عطا الله، الذي طالب حماس بنزع سلاحها، ومفوض التوجيه السياسي والأمني اللواء عدنان الضميري، الذي رفض أي محاصصة في موضوع الأمن.
وبرز الملف الأمني بوصفه عقدة كبيرة في الأيام الماضية أمام المصالحة، بعدما أصرت السلطة على بسط سيطرتها الأمنية على قطاع غزة بشكل كامل، من دون أي شراكة مع حماس، ورفضت حماس الأمر واتهمت السلطة بالتلكؤ، وحذرت كذلك من أن سلاحها خط أحمر لا يمكن المساومة عليه.
وتتمتع «كتائب القسام»، التابعة لحماس، بقوة كبيرة في قطاع غزة، ولديها مجموعة كبيرة من المقاتلين والأسلحة والصواريخ، ودخلت مع إسرائيل في 3 مواجهات كبيرة في غضون 10 أعوام.
وتقول حماس إن «القسام» تعد العدة من أجل التحرير.
لكن ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، لمح إلى تصور عملي لحل وسط يمكن أن يتفق عليه الطرفان من دون نزع سلاح حماس. وتحدث القدوة عن تحييد السلاح وضبطه عدة مرات. وقال في بيان أمس: «يجب إخضاع السلاح إلى قيادة فلسطينية وطنية وسياسية واحدة، وتحت سلطة حكومة واحدة، على أن يكون ملف إدارة سلاح الفصائل الفلسطينية المعترف بها ضمن برنامج إجماع وطني، يستند على مبدأ الشراكة السياسية الكاملة بين جميع الأطراف الفلسطينية».
وشدد القدوة على ضرورة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بجميع تفاصيلها دون استثناءات؛ لأنها مسؤولية مشتركة هدفها الأول خدمة الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية، متطرقاً إلى «وجود بوادر إيجابية لدى القيادات في حركة حماس، من خلال بعض التصريحات التي أشارت بوضوح إلى وجود نية حقيقية وإيجابية لضبط السلاح، والاتفاق حول استخدامه وإدارته؛ بما لا يلحق ضرراً بنضال شعبنا، ومساعيه لتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة»، عادّاً أن ذلك يأتي «في سياق الوقوف على أرضية وطنية صلبة لتحقيق المصلحة السياسية المشتركة».
وبالرجوع إلى اتفاق عام 2011 بين حركتي حماس وفتح، قال القدوة إنه «لا بد من اتباع مقاربة شاملة مع الحكومة وشكلها والخطوط السياسية لها وتحديد كثير من التفاصيل السياسية الأساسية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في السابق، وتحديد كافة الخطوط السياسية العامة، مع التأكيد على ضرورة التخلي عن سلطة أحادية الجانب، على أن يكون ذلك في ظل اتفاق سياسي واضح وبرنامج إجماع وطني، بما يضمن قبوله من كافة الأطراف الفلسطينية».
ويفترض أن تلتقي فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في القاهرة من أجل نقاش تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة الشأن الداخلي الفلسطيني لمدة زمنية محددة حتى إقامة انتخابات عامة.
وشدد القدوة على ضرورة الاستفادة من جميع الظروف الإقليمية والدولية المحيطة، للمضي قدماً في إتمام المصالحة الوطنية واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني، بالإضافة إلى استعادة الوحدة الجغرافية بين شقي الوطن، عبر تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية الشاملة.
وقال القدوة إن قطاع غزة يشكل عمقا استراتيجيا للدولة الفلسطينية لأنه المنفذ البحري لدولة فلسطين، بالإضافة إلى وجود مطار غزة الدولي الذي دمره العدوان الإسرائيلي في الحروب الثلاث على قطاع غزة، مشيراً في السياق ذاته، إلى ما يحويه بحر غزة من موارد طبيعية تتمثل في الغاز الطبيعي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.