كردستان وساستها في انتظار أحكام قضائية من بغداد

رغم ترحيب حكومة الإقليم بقرار المحكمة الاتحادية بشأن «وحدة العراق»

TT

كردستان وساستها في انتظار أحكام قضائية من بغداد

يبدي إقليم كردستان هذه الأيام قدراً من المرونة الواضحة حيال القرارات الصادر عن المحكمة الاتحادية في بغداد، أو بعض المطالب التي تتمسك بها الحكومة الاتحادية لحل الخلاف الذي نشب بين بغداد وأربيل على خلفية إجراء استفتاء الاستقلال في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وينظر مراقبون محليون إلى قبول حكومة إقليم كردستان بالحكم الذي أصدرته المحكمة الاتحادية في وقت سابق بشأن المادة 1 من الدستور العراقي المتعلقة بوحدة البلاد، باعتباره تطوراً إيجابياً لجهة إنهاء حالة التوتر بين بغداد وأربيل.
وكانت حكومة إقليم كردستان أصدرت بياناً، أمس، قالت فيه: «نحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الأولى من الدستور»؛ الأمر الذي يعني ضمناً أن الإقليم بصدد «تراجع ناعم» عن موضوع الاستفتاء الذي تطالب به حكومة بغداد.
على أن المرونة التي تبديها حكومة إقليم كردستان، لا تعني من الناحية العملية الانتهاء من التبعات القانونية التي تسببت بها قضية الاستفتاء للإقليم ولشخصيات سياسية وأعضاء كرد في مجلس النواب الاتحادي. فالإقليم تنتظره دعوى قانونية في المحكمة الاتحادية الأسبوع المقبل ضد المسؤولين عن عملية الاستفتاء على الاستقلال التي جرت في إقليم كردستان في 25 سبتمبر الماضي.
وفي سياق المشكلات القانونية الناجمة عن قضية الاستفتاء، ينتظر 15 نائباً كردياً في البرلمان الاتحادي، إجراءات قانونية تتخذ بحقهم استناداً إلى توصيات لجنة برلمانية شكلت للتحقيق بشأن النواب الكرد الذين «صوتوا في الاستفتاء وروجوا لمسألة الانفصال»، كما يؤكد رئيس اللجنة التحقيقية كامل الزيدي. ويقول الزيدي لـ«الشرق الأوسط»: إن «اللجنة تابعت الموضوع، وبعد التدقيق والمتابعة وجدت أن 15 نائباً كردياً خرقوا المادة 1 من الدستور المتعلقة بوحدة العراق، وكذلك خرقوا المادة 50 المتعلقة بقسم الولاء للعراق». ويشير الزيدي، وهو نائب عن ائتلاف «دولة القانون»، إلى أن «اللجنة ركزت على أولئك النواب الذين روجوا بشدة لموضوع الانفصال وعرّضوا وحدة البلاد للخطر». ويتوقع أن تعرض توصيات اللجنة قريباً في مجلس النواب للتصويت عليها ورفعها إلى القضاء للبت في مصير النواب الكرد. ويلفت الزيدي إلى أن «العقوبات قد تتراوح بين تعليق عضوية النواب أو عدم مزاولة مهامهم، لكن الأمر برمته متوقف على القضاء».
بدوره، يستبعد النائب عن «تحالف القوى العراقية» محمد الكربولي، اتخاذ إجراءات عقابية صارمة بحق النواب الكرد، ويرى أن الأمر «يحتاج أساساً إلى رفع الحصانة النيابية عنهم التي تتطلب تصويت ثلثي أعضاء مجلس النواب ليتسنى عرضهم على المحكمة، وذلك أمر مستبعد». ويميل أغلب أطراف «اتحاد القوى» إلى عدم القبول بتوصيات اللجنة التحقيقية بشأن معاقبة النواب الكرد.
إلى ذلك، قال آريز عبد الله، رئيس كتلة الاتحاد الوطني بمجلس النواب العراقي، في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك محاولات مستمرة من بعض الكتل الشيعية لمعاقبة الأعضاء الكرد في البرلمان العراقي، وهذا أمر نعترض عليه بشدة؛ لأن هذه الأطراف السياسية التي تعمل داخل البرلمان بهذا الاتجاه إنما تهدف إلى محاكمة هؤلاء النواب الكرد وفقاً لقانون العقوبات العراقي؛ ما يؤكد أن نواياهم ليست تطبيق القانون، بقدر ما هي نوايا سياسية لمعاقبة الشعب الكردي، وإلا فإن مشاركة النواب بعملية الاستفتاء تندرج في إطار حرية التعبير عن الرأي وهذا مبدأ أساسي من مبادئ الدستور العراقي، ولا يخالف أي أسس قانونية وخصوصاً نحن ندعي أننا في بلد ديمقراطي يحترم الحريات». وأضاف: «لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء إجراءات سياسية تعسفية وعدائية لا تخدم المصلحة العامة للبلاد، ونعتبر أي توجه بهذا الاتجاه هو مخالفة للقانون والدستور، وعليه سنعلن انسحابنا الكامل من العملية السياسية في العراق في حال حدث ذلك، وهذا سيعمق الخلافات أكثر فأكثر».
وأعرب رئيس كتلة الاتحاد الوطني عن استغرابه من كيفية التأكد من تصويت أعضاء البرلمان بالاستفتاء وقال: «لا أحد يعرف من صوّت لصالح الاستقلال ومن رفضه، ولا أحد أيضاً يستطيع التأكيد على من صوّت بنعم ومن قال لا للانفصال؛ وعليه لا يمكن البناء على مجرد شكوك لمحاسبة أشخاص هم منتخبون من الشعب ويمثلون مكوناً مهماً من مكونات العراق».
من جهة أخرى، يبدو أن حصّة الإقليم من الموازنة المالية العامة، ساعدت الكتل الكردستانية في مجلس النواب الاتحادي على تجاوز الانقسام الكردي الذي نجم عن قضية الاستفتاء. وتقول رئيسة كتلة «التغيير» النيابية سروة عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون لدى جميع الكتل الكردستانية موقف موحد داخل مجلس النواب في حال لم تخصص نسبة الـ17 في المائة من الموازنة الاتحادية لإقليم كردستان». يشار إلى أن مشروع قانون الموازنة الاتحادية الذي تقرّه الحكومة، لم يصل مجلس النواب حتى الآن لمناقشته أو تعديله وصولاً إلى التصويت عليه، لكن أعضاء في مجلس النواب يتحدثون عن تخصيص الموازنة الجديدة نسبة 12 في المائة لإقليم كردستان بدلاً من الـ17 في المائة السابقة؛ وهو الأمر الذي ترفضه جميع القوى الكردستانية».
إلى ذلك، بحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق، يان كوبيتش، الإجراءات الأمنية لبسط السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن بيان للدائرة الإعلامية في الحكومة العراقية، أن «العبادي اجتمع مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش وجرى بحث الإجراءات الحكومية لبسط السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، والمطارات والمنافذ الحدودية، وثوابت الحكومة الاتحادية في هذا المجال التي هي في صالح مواطنينا الكرد».



برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.