خوان سانتوس لـ «الشرق الأوسط»: لا عصا سحرية لأزمة فنزويلا التي تجلب لنا المشكلات

الرئيس الكولومبي دعا رجال الأعمال السعوديين إلى الاستثمار في بلاده

الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (أ.ف.ب)
الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (أ.ف.ب)
TT

خوان سانتوس لـ «الشرق الأوسط»: لا عصا سحرية لأزمة فنزويلا التي تجلب لنا المشكلات

الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (أ.ف.ب)
الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس (أ.ف.ب)

يقوم الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس الحائز على جائزة نوبل للسلام بعد توقعيه اتفاق السلام مع حركة «فارك» المتمردة في بلاده، بجولة دولية تشمل منطقة الشرق الأوسط وبريطانيا والبرتغال. وأثناء زيارته للندن، تحدث الرئيس سانتوس إلى «الشرق الأوسط» عن اتفاق السلام الكولومبي والتحديات التي تواجه بلاده وسط الأزمة الفنزويلية، إضافة إلى نظرته للعالم العربي الذي يرى أنه عالم واعد للاستثمارات مع بلاده ودول أميركا اللاتينية. كما دعا العالم العربي إلى الإسهام في مرحلة ما بعد الصراع في بلاده واكتشاف الفرص الاقتصادية فيها. وفي هذا الإطار، دعا سانتوس المستثمرين السعوديين والعرب إلى الاستثمار في بلاده والاستفادة من تحالف المحيط الهادي الذي تعد كولومبيا عضواً فيه واستغلال الموارد الطبيعية الهائلة لدوله.
ووصل سانتوس بصحبة وفد تجاري ودبلوماسي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لتوقيع عدد من الاتفاقات. ويُتوقع أن تسهم الإمارات بنحو 45 مليون دولار للمساعدة في إحلال السلام في كولومبيا.
وفيما يأتي نص المقابلة:
- ما رصيدك السياسي الحالي بعد عام من توقيع اتفاق السلام مع «فارك»؟
- بعد عام من توقيع الاتفاق وتدمير آخر قطعة سلاح في أيدي التمرد واستخدام هذا السلاح لإقامة نصب تذكاري ليعبّر عن السلام، هذا أهم شيء لديّ. يعيش العالم الآن أوضاعاً استثنائية، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن أهم خبر لديه كان توقيع كولومبيا على اتفاق السلام وإنهاء صراع دموي. سيحتاج تطبيق السلام إلى بعض الوقت، ولكن المهم أن يُطبّق في قلوب الكولومبيين، وأن ينشر روح التسامح في مجتمع عاش أكثر من 50 عاماً في الصراع. وأعتقد أن ذلك سيأخذ وقتاً ليمر في الطريق الصحيحة.
- ما الدروس المستفادة من جنوح كولومبيا إلى طريق السلام؟
- كل صراع في العالم له طبيعته الخاصة وأحب أن أؤكد أنه لا صراع دون حل، خصوصاً إذا وجدت العزيمة. الناس في بلادي لم يكونوا ليتوقعوا يوماً ينتهي فيه الصراع المسلح. لقد استطعنا تحقيق المستحيل، إلا أن تهيئة الأجواء قبل الحل كانت ضرورية لضمان النجاح. وأؤكد أن حل أي صراع يبدأ من إضفاء الصيغة الشرعية على عملية السلام، وهذه الشرعية تأتي في إطار الإقليم المحيط والضحايا، لأن كل صراع له أشكاله وخصائصه.
- كحائز على جائزة نوبل للسلام، بم تنصح العالم العربي؟
- لست بصدد إعطاء دروس لأحد، ولكن ما أستطيع قوله إن خبرتنا تقول إن كل صراع له وضعه المختلف، ولكن الأهم هو شرعنة أي عملية للسلام، لا بين أطراف النزاع فقط، ولكن أيضاً عبر المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية، لأن أي صراع في العالم الآن يؤثر على أي إقليم يقع فيه الصراع. ولذلك فإن إشراك الإقليم شيء مهم (في الحل). كما أن وجود النظرة المستقبلية لحل أي صراع يجب أن يؤخذ في الحسبان. وأضيف أن أي حل لصراع يجب أن يكون بموافقة أطرافه، ونحن كأشخاص لسنا كاملين ولسنا دائماً على صواب، لكننا نستطيع أن نفعل الصواب وننهي الحروب.
- لماذا تعتقد أن إحلال السلام شيء ضروري؟
- الحرب دائماً مكلفة والسلام ضروري حتى وإن لم يكن كاملاً. الحرب تكلّف كثيراً، فالحرب في كولومبيا أنستنا الخصال الحميدة؛ الإنسانية والعفو والإحساس بآلام الآخر، حتى أن وسائل الإعلام في بلادنا أصبحت لا تشعر بحجم الأسى لمجرد أنها كل يوم كانت تنقل أخبار الصراع الوحشي الذي كنا نعيشه بشكل يومي، فذلك يدمر الشعوب ويفكك النسيج الأخلاقي في المجتمعات. ولذلك فالحرب مكلفة، وأقول إن سلاماً وإن كان غير كامل أفضل من الحرب.
- ما الذي يجب ألا يتناساه أي زعيم يُقبل على السلام؟
- كنت ضابطاً في البحرية الكولومبية وعلمني قادتي الإبحار، ولكي أكون بحاراً ناجحاً يجب أن أعرف طريقي جيداً، وكيف أرسو إلى المرفأ قبل أن أُبحر. هذا ما طبقته في عملية السلام: تحديد الهدف قبل أن أبدأ الحل، وكان يجب أن أعرف أنه ستكون هناك عقبات في طريقي واعتراضات، فهناك من يريد استمرار النزاع والحروب لتحقيق المصالح الشخصية، ولكن كان علي ألا أفقد الطريق، وأن أعرف هدفي للوصول إلى السلام. وهذه هي رسالتي لأي زعيم يريد السلام.
- بعد توقيع السلام مع حركة «فارك» ونزع السلاح، ما رأيك في زعيم الحركة تيموشينكو إذا أصبح مرشحاً لرئاسة كولومبيا العام المقبل؟
- لقد حاربت زعيم «فارك» تيموشينكو وتغلبت عليه في الميدان وانتصرت عليه، وعندما قابلته في كوبا حاربت معه من أجل السلام. لا أتوقع فوزه في الانتخابات المقبلة كما أني لا أشارك آراءه القديمة التقليدية، ولكني وقّعت معه اتفاق سلام يضمن له حقوقه في خوض العمل السياسي في إطار الديمقراطية.
- هل سيذهب زعيم «فارك» إلى المحاكمة قبيل ترشحه في الانتخابات المقبلة؟
- سيكون تيموشينكو قيد تطبيق ما يسمى العدالة الانتقالية، لأنه لن يكون تحت طائلة القانون التقليدي، وذلك لأن اتفاق السلام كان فريداً من نوعه، وبالتالي سيحاسب زعيم التمرد داخل هذا الإطار، وفي الوقت ذاته سيمارس العمل السياسي. هذا شيء فريد من نوعه. فلأول مرة تخضع حركة متمردة لمقررات روما وتسلّم السلاح وتقبل أن تُحاسب، وبالتالي كان علينا اتباع أساليب تحفيزية لانخراطهم في العمل السياسي.
- هل ستحمي الدولة عناصر «فارك» أثناء العمل السياسي؟
- بالطبع فهذا في إطار مسؤوليتنا وهو شيء فريد من نوعه، فرجال الشرطة والجيش سيحمون من كانوا يحاربونهم في يوم من الأيام، وهذا بناء على طلبهم، وهو شيء لم يسبق من قبل.
- هل من الممكن حدوث تغييرات في اتفاق السلام من قبل من يفوز برئاسة كولومبيا بعدك؟
- بالطبع لا، فالاتفاق تم تمريره عبر الكونغرس الكولومبي والمحكمة الدستورية وأقرت المحكمة عدم تغيير أي شيء خلال الحكومات الثلاث المقبلة.
- ستكون أول رئيس كولومبي يقوم بزيارة رسمية لمنطقة الشرق الأوسط، فما هدفك؟
- نحن نريد توطيد العلاقات مع الشرق الأوسط وبلدان العالم العربي، وخصوصاً من يملكون المقومات لذلك ومن يلعبون أدواراً إقليمية مهمة ولديهم دبلوماسية نحتاجها. هناك موارد نحتاجها من العالم العربي وكذلك لدينا كثير من الأشياء التي يحتاجها العالم العربي. هناك فرص الاستثمار في أميركا اللاتينية وكولومبيا وتحالف المحيط الهادي الذي يعتبر قوة إقليمية مستقبلية، كما أن لدينا الطاقة والغذاء، لأن بلادنا تحقق أعلى معدلات تنمية، وأعتقد أن ذلك يعتبر شيئاً مهماً للمستثمر العربي.
- لماذا كولومبيا دون البلدان الأخرى في أميركا اللاتينية؟
- كولومبيا تتمتع باستقرار عالٍ وتحقق معدلات نمو غير مسبوقة، كما أن التنوع فيها يعتبر الأكبر في العالم، لأن لدينا القدرات والبنية التحتية التي تشجع أي مستثمر وتحفزه، ولذلك تلقت كولومبيا دون البلدان اللاتينية الأخرى أكبر كم من الاستثمارات الأجنبية بمعدل 7.5 في المائة.
- هل تدعو المستثمرين السعوديين لاستغلال الفرص التجارية في بلادكم؟
- أدعو المستثمرين السعوديين لبلادنا، وأقول لهم وللعرب إن كولومبيا لديها مقومات الاستثمار على المدى البعيد، فلدينا الموارد الطبيعية والطاقة والبترول والغاز والطاقة المائية. فنحن ننمو في قطاع الطاقة بشكل كبير وخصوصاً الطاقة البديلة، ولدينا أيادٍ عاملة تعد من الأفضل في العالم، ولدينا طبقة عريضة من الشباب، كما أن السوق الكولومبية مهمة تحتوي على 50 مليون مواطن، إضافة إلى كوننا عضواً في تحالف المحيط الهادي المكون من 4 بلدان (كولومبيا وتشيلي وبيرو والمكسيك)، فمن يستثمر في بلدنا يتمتع بأسواق الدول الثلاث الأخرى في التحالف، وبالتالي سأقوم في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال زيارتي، بتوقيع عدد من الاتفاقات لحماية الاستثمارات والمعاهدات الجمركية لكي تصبح بلادنا مشجعة على الاستثمار.
- قلت إن فنزويلا كابوس بالنسبة لك، ماذا يمكن فعله لهذا البلد؟
- أتمنى لو كانت لدي عصا سحرية لحل مشكلة فنزويلا الجارة. الوضع هناك معقد للغاية، ويقلقني كثيراً، فلدينا حدود تقدر بأكثر من ألفي كيلومتر، كما أن المواطنين الفنزويليين يهربون إلى كولومبيا للبحث عن حياة أفضل. أتمنى لو كان هناك حل سلمي في فنزويلا من أجل استرداد الشرعية والديمقراطية التي دمّرها النظام الحالي هناك، وكلما حدث ذلك بشكل أسرع كان أفضل، وسأضغط حتى يتحقق السلام في الإقليم. أعتقد أن استقرار الإقليم مهم، فكولومبيا مرهونة بفنزويلا والصراع الفنزويلي يؤثر على الإقليم بأكمله.
- لقد أوشكت ولايتك الرئاسية على الانتهاء فماذا تخطط للعمل؟ هناك أخبار عن أنك ستنتقل للعيش في لندن.
- لقد قالوا إنني اشتريت بيتاً في لندن، وأقول لهم من يكتشف هذا البيت سأعطيه هدية له. أحب لندن كثيراً ولكن ليست لدي خطط للعيش خارج كولومبيا. سأعيش في بلادي مع عائلتي وسأمتهن التدريس دون أن أكون مصدر قلق للرئيس المقبل. وبالطبع إذا سمح لي من يخلفني بذلك، لا أريد أن أتسبب في المشكلات لأحد كما لن أتدخل في الحكومة المقبلة.
- هل ستكتب مذكراتك؟
- بالطبع. لقد عملت في مجال الصحافة وأحب الكتابة جداً وجزء من اهتماماتي فن الكتابة.



بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.