إسرائيل تهدد بمقاطعة منظمات حقوق الإنسان الدولية

زعمت أنها متحيزة للفلسطينيين وتقف بشكل تلقائي ضد تل أبيب

فلسطيني في تظاهرة احتجاجية ضد غلق أحد الطرق بالضفة أمس (رويترز)
فلسطيني في تظاهرة احتجاجية ضد غلق أحد الطرق بالضفة أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تهدد بمقاطعة منظمات حقوق الإنسان الدولية

فلسطيني في تظاهرة احتجاجية ضد غلق أحد الطرق بالضفة أمس (رويترز)
فلسطيني في تظاهرة احتجاجية ضد غلق أحد الطرق بالضفة أمس (رويترز)

كشف وزير كبير في الحكومة الإسرائيلية أن المصادقة على «قانون المقاطعة» الجديد، داخل اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع، سيتحول إلى سلاح فتاك ضد المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، لأنه سيفتح الطريق أمام مقاطعة هذه المنظمات والامتناع عن تقديم معلومات لها، وربما سيتيح منعها من النشاط في إسرائيل بشكل كلي.
وقال هذا الوزير إن تهديده يأتي «ضمن سياسة حكومية متطورة في إسرائيل، ومسنودة من الإدارة الأميركية وعدة دول أوروبية، ترفض السكوت على التحيز الدولي للفلسطينيين، والوقوف بشكل أوتوماتيكي ضد إسرائيل».
وبحسب هذا المسؤول فإن «المنظمات التي تعمل بشكل فعال على مقاطعة إسرائيل، هي أكثر من سيعاني من هذه السياسة الجديدة، إذا ما واصلت سياستها. فالقانون سيسري فقط على المنظمات التي تواصل العمل على المقاطعة بعد سريان مفعول القانون، لكن الحركات التي كانت حتى الآن تتعاون على مقاطعة إسرائيل وتوقفت عن ذلك، لن يسري عليها القانون بأثر تراجعي».
يشار إلى أنه بموجب «قانون المقاطعة» الإسرائيلي فإن أي شخص، أو هيئة يتضرر من نشاط مقاطعة إسرائيل، بإمكانه أن يقدم دعوى تعويضات ضد الجهة التي دعت للمقاطعة في المحاكم الإسرائيلية، كما يتيح مطالبة هذه الحركات بدفع تعويضات كبيرة من دون حاجة إلى إثبات وقوع ضرر، نتيجة المقاطعة.
ونقل عن وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان قوله إن القانون الجديد سيكون ناجعا في محاربة المنظمات وناشطي المقاطعة، الذين سيفهمون حتما أن القواعد قد تغيرت، موضحا أن القانون هو خطوة ضمن سلسلة خطوات يعمل عليها، مثل المنع من دخول البلاد، وإغلاق حسابات في البنوك، فضلا عن أنه سيعرض المنظمات الداعية أو الداعمة للمقاطعة الثقافية والأكاديمية والاقتصادية لإسرائيل، لدعاوى قضائية.
ومن بين المنظمات التي يمكن أن تقدم ضدها دعاوى في حال ثبت أنها تواصل العمل على المقاطعة بعد سريان مفعول القانون، منظمة «من يربح من الاحتلال»، وهي منظمة بادرت إلى تنظيم حملات لمقاطعة بنوك إسرائيلية وأجنبية وشركات حراسة، وبنى مدنية وشركات خاصة، وتساعد في حملات المقاطعة التي تنظمها حركة المقاطعة في كافة أنحاء العالم في البحث عن شركات للعمل ضدها. كما يلاحق القانون منظمة «المقاطعة من الداخل»، وهي مجموعة من الإسرائيليين الناشطين في حركة المقاطعة (BDS) بشكل معلن، ويعملون من أجل فرض المقاطعة الأكاديمية والثقافية والاقتصادية على إسرائيل، وتمارس ضغوطا على فنانين يسعون للظهور في إسرائيل لإلغاء ذلك، بواسطة رسائل يتم إرسالها لهم.
بالإضافة إلى منظمة العفو الدولية (أمنستي) التي نشرت على موقعها الإلكتروني، وفي نشرات دولية وعلى صفحتها على «فيسبوك» دعوة لكل دول العالم بمقاطعة منتجات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، وفرض حظر بيع أسلحة لإسرائيل، باعتبار أنها مجرمة حرب، وقالت إن (نهب) أراضي المستوطنات جريمة حرب أيضا.
أما المنظمة الرابعة التي قد يشملها قانون المقاطعة فهي «ائتلاف نساء للسلام»، باعتبار أنها منظمة تتعاون مع منظمة «من يربح من الاحتلال». كما أن ممثلي المنظمة شاركوا في أسبوع الأبرتهايد الإسرائيلي، وتشارك في حملات ضد البنوك الإسرائيلية المركزية وشركة «إلبيت» وشركة «G4S» و«أغركسكو».
وعلى صعيد غير متصل، اختتم أمس الأسبوع الأول من التدريب الجوي الأكبر الذي تستضيفه إسرائيل منذ تأسيسها، الذي حمل اسم «بلو فلاغ» («العلم الأزرق»)، في جنوب إسرائيل، وعرف مشاركة مائة طائرة من 8 دول.
ونفذت خلال التدريب ألف طلعة جوية، تمت خلالها محاكاة سيناريوهات حرب جوية بين الدول المشاركة. وقد وصف سلاح الجو الإسرائيلي التمرين بأنه الأضخم الذي جرى في إسرائيل، والأكبر عالميا لهذا العام، واعتبره بمثابة «قفزة في التعاون الاستراتيجي مع الدول الثماني». مشيرا إلى أن التمرين، الذي يقام في إسرائيل للمرة الثالثة، بمشاركة كل من الولايات المتحدة، وبولندا وإيطاليا واليونان، تميز هذه السنة بمشاركة ثلاث دول جديدة هي الهند وألمانيا وفرنسا.
وشارك في التمرين نحو ألف مقاتل من سلاح الطيران في الدول المذكورة، إضافة إلى ممثلي 40 دولة مراقبة، ومائة طائرة، معظمها مقاتلات من طراز «تورنادو» الإيطالية، و«يوروفايتر» الألمانية، و«ميراج» الفرنسية، والـF15 والـF16 الأميركي والإسرائيلي.
وحسب سلاح الجو الإسرائيلي، فإن السيناريوهات الحربية التي تتدرب عليها الجيوش هي كيفية التهرب من منظومات الدفاعات الجوية وقصفها، وإنزال قنابل، ومواجهة طائرات من دون طيار. وقد خصص الجيش الإسرائيلي قوات أرضية وجوية للقيام بدور العدو.
ووصف طيارون إسرائيليين شاركوا في التمرين، بأنه حدث دولي ذو أهمية سياسية استراتيجية لإسرائيل، ويمكن من التعرف على القدرات الحقيقة لسلاح الجو.
وأوضح ضابط إسرائيلي أن التمرين يدل على قوة إسرائيل في المنطقة، لكنه لا يعني أن الدول المشاركة في التمرين ستشكل ائتلافا ما في حال نشوب حرب في المنطقة، مشددا على أن القوات المشاركة تعد جيوشا رئيسية في العالم، وجاءت لتتدرب على مواجهة الإرهاب والطائرات من دون طيار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».