موسكو تؤكد استمرار الهجوم شرق الفرات

TT

موسكو تؤكد استمرار الهجوم شرق الفرات

أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شريغو تهنئته قوات النظام السوري وميليشيات تابعة لإيران بالسيطرة على مدينة البوكمال، بالتزامن مع استمرار المعارك فيها أمس. وأكد قادة في القوات الروسية في سوريا أن العمليات مستمرة حتى تطهير كل ضفاف نهر الفرات من فلول «داعش».
وفي هذه الأثناء تواصل روسيا استعداداتها لعملية التسوية السياسية المقبلة بعد القضاء على «داعش»، حيث ستكون هذه المسألة موضوع مشاورات في لقاء مرتقب بين غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، وستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي إلى سوريا.
أكد وزير الدفاع الروسي استعادة السيطرة على مدينة البوكمال، وطرد تنظيم داعش منها، وأثنى على دور القوات الجوية الروسية في تحرير المدينة، وقال خلال اجتماع، أمس، لكبار الضباط من وزارتي الدفاع الروسية والبيلاروسية، إن تلك القوات «أظهرت درجات عالية من المهارة، وقامت بتنفيذ مهامها في ظروف جوية معقدة للغاية»، وأكد القضاء على جزء من الإرهابيين، بينما لاذ جزء آخر بالفرار عبر الفرات، باتجاه الشمال. وأشار إلى بدء عمليات نزع الألغام في البوكمال، المدينة التي وصفها بـ«آخر معقل كبير ومركز تجمع فيه عدد كبير من الإرهابيين».
إلى ذلك، قالت هيزر نوريت، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية في تصريحات للصحافيين، أمس، إن الولايات المتحدة مهتمة ببحث إقامة مناطق خفض تصعيد إضافية في سوريا مع الجانب الروسي. ولفتت إلى أن «كثيرين يتساءلون: هل سيجلس الرئيسان دونالد ترمب وفلاديمير بوتين لبحث الأزمة السورية؟!».
وأضافت: «بحال جرى اللقاء فإن إقامة مناطق خفض تصعيد جديدة في سوريا ستكون واحداً من المواضيع الني نود بحثها»، موضحة أنه لم يصدر بعد أي شيء بخصوص اللقاء، لأنه غير مدرج على جدول الأعمال الرسمي للرئيس ترمب.
وتضاربت الأنباء، أمس، حول إمكانية عقد لقاء موسع مستقل بين الرئيسين الروسي والأميركي على هامش مشاركتهما في قمة منتدى آسيا - المحيط الهادي في فييتنام، إلا أن الأزمة السورية بقيت مدرجة على جدول أعمال اللقاء، حتى لو لم يكن مستقلاً، بل «على الأقدام».
وكانت موسكو أكدت على لسان يوري أوشاكوف معاون الرئيس الروسي أن التحضيرات للقاء جارية، وأن الأزمة السورية ستكون موضوعاً رئيسياً خلال اللقاء. وأكد أوشاكوف، أمس، أن الرئيسين قد يلتقيان «على الأقدام».
وقبل توجهه إلى فيتنام، أجرى بوتين محادثات في مدينة تشيليابينسك الروسية مع نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف، الذي تستضيف بلاده لقاءات آستانة الخاصة بالمفاوضات العسكرية بين الدول الضامنة حول الأزمة السورية. وقال بوتين عقب المحادثات إنه «إلى حد كبير بفضل عملية المفاوضات في آستانة، ظهرت إمكانية للحل العاجل للأزمة السورية، واتفاق السوريين أنفسهم على إطلاق عملية التسوية السياسية».
وأشاد بوتين ونزارباييف في بيان مشترك بعملية آستانة، وقال البيان: «ثمن الرئيسان نتائج اللقاءات الدولية حول التسوية السورية في إطار عملية (آستانة)»، وأشارا إلى تراجع أعمال العنف في سوريا بفضل ما تم التوصل إليه من نتائج خلال المفاوضات في آستانة.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن الكرملين قوله إن بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان سيتحدثان عن الوضع في سوريا خلال اجتماع مقرر في جنوب روسيا، الأسبوع المقبل.
وذكرت الوكالات أنهما سيتناولان أيضاً التعاون في مجال الطاقة في اجتماعهما بمنتجع سوتشي المطل على البحر الأسود يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي إطار الاستعدادات الروسية للتسوية السياسية في المرحلة المقبلة، قالت وكالة «ريا نوفوستي» نقلاً عن المكتب الصحافي لدى ممثلية روسيا الدائمة في مقر الأمم المتحدة في جنيف، إن «وفداً دبلوماسياً روسياً، على رأسه غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، سيجري يوم 14 نوفمبر الحالي، مشاورات في جنيف مع دي ميستورا»، وأوضحت الممثلية الروسية أن اللقاء سيشهد نقاشاً حول مسائل التحضيرات للجولة المقبلة من المفاوضات في جنيف، أي «جنيف8»، «ومن المخطط أيضاً بحث التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني السوري»، الذي اقترحته روسيا في وقت سابق، ورفضته القوى الرئيسية المعنية، لا سيما المجموعات الرئيسية في المعارضة السورية وفرنسا ودول أخرى، وحذرت من أنه «بديل عن جنيف»، بينما تنفي روسيا أنه بديل عن تلك المفاوضات، وتقول إنه سيُسهِم في تنشيطها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».