لخفض الوزن... تقوية العضلات والحفاظ على كتلتها

لخفض الوزن... تقوية العضلات والحفاظ على كتلتها
TT

لخفض الوزن... تقوية العضلات والحفاظ على كتلتها

لخفض الوزن... تقوية العضلات والحفاظ على كتلتها

خفض وزن الجسم يتطلب أن تتوفر «الرغبة» في الوصول به إلى المعدلات الطبيعية، ويتطلب كذلك «بذل جهد» المحاولة لنجاح بلوغ تلك الغاية. والرغبة تنشأ وتُبنى على عدد من العوامل المحفّزة، كالحصول على رشاقة المظهر، أو الخفّة في أداء الحركات البدنية، أو رفع مستوى الصحة البدنية والنفسية، أو تحسين الفرص المستقبلية للوقاية من الإصابة بالأمراض، أو تخفيف وطأة أحد الأمراض المزمنة التي قد يُعاني منها المرء. وأي من تلك المُحفزات قد يكون كافياً للشخص كي تنشأ لديه رغبة في إزالة كتل من الكيلوغرامات الزائدة عن كاهل جسمه وصحته.
و«بذل جهد» المحاولة للعمل على خفض وزن الجسم يتطلب أشياء مختلفة تماماً عن حزمة «المُحفزات»، لأن نجاح «بذل جهد» يتطلب فهم حالة السمنة، ويتطلب وضع خطة علاجية عملية لخفض الوزن، ثم يأتي بعد ذلك تطبيق هذه الخطة العلاجية، ثم تقييم مدى نجاحها، ثم العمل بعد ذلك؛ إما بالاستمرار فيها، إذا كانت النتائج جيدة، أو تعديل الخطة العلاجية لتحقيق الأفضل إذا كانت النتائج دون المتوقع والمأمول.
فهم السمنة يتضمن إدراك أن هناك كتلتين مهمتين في الجسم؛ إحداهما يجب تخفيف حجمها، والثانية يجب زيادتها أو على أقل تقدير عدم التسبب في نقصها. الكتلة التي يجب تخفيف حجمها وإزالة أكبر قدر ممكن منها هي كتلة الشحوم، وعلى وجه الخصوص كتلة الشحوم المتراكمة في منطقة البطن والمتراكمة كذلك تحت طبقة الجلد. والكتلة التي يجب زيادة حجمها، أو على أقل تقدير عدم التسبب في نقصها، هي العضلات.
وعليه، فإن الخفض الصحي للزيادة في وزن الجسم هو خفض وزن كتلة الشحوم في الجسم. وهذا الخفض الصحي يتطلب الحفاظ على كتلة العضلات وزيادة حجمها. ولأحدنا أن يسأل: لماذا هذه الأهمية للحفاظ على كتلة العضلات؟ والجواب: لأن كتلة العضلات هي «صمام الأمان» لأمرين: الأول، حصول استهلاك الدهون عبر حرقها لإنتاج الطاقة. والثاني، ضمان استمرارية عملية حرق الدهون التي قد تتراكم لاحقاً. وبشيء من التفصيل، فإن العضلات من أهم الأنسجة التي تستهلك الشحوم وتحرقها لإنتاج الطاقة، وكلما حافظ المرء على كتلتها وداوم على «تشغيلها»، فإن النتيجة مزيد من حرق الدهون وإزالة الأنسجة الشحمية من الجسم، والعكس الصحيح.
وهناك شيئان يُساعدان المرء على حفظ كتلة العضلات: الأول، الحرص على تناول البروتينات من المصادر الحيوانية والنباتية، والثاني ممارسة التمارين اللاهوائية لتقوية وبناء العضلات (Muscle Strength Exercise) والسلوك الذي يُساعد المرء على «تشغيل» العضلات هو ممارسة الرياضة البدنية بنوعيها: «تمارين إيروبيك» الهوائية (Aerobic Exercise) كالهرولة والسباحة والمشي، وتمارين بناء وتقوية العضلات اللاهوائية.
ولذا، يسير المرء في طريق خفض وزن الجسم وهو يعمل على ممارسة السلوكين الصحيين التاليين، السلوك الأول: اتباع حمية غذائية لتناول وجبات الطعام الصحي؛ أي الصحي في كمية طاقة السعرات الحرارية، والصحي في نوعية مكوناته من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقول ومشتقات الألبان واللحوم الخالية من الشحوم، مع ضبط تناول نشويات الكربوهيدرات وتناول الملح. والسلوك الثاني: ممارسة الرياضة البدنية بنوعيها: التمارين الرياضية الهوائية، وتمارين بناء وتقوية العضلات اللاهوائية. ومن دون ممارسة تمارين «إيروبيك» الهوائية الرياضية يخسر المرء مساعدة العضلات في حرق الدهون، ومن دون ممارسة التمارين الرياضية اللاهوائية لتقوية وبناء العضلات يخسر المرء مساعدة وجود كتلة أكبر من العضلات لحرق مزيد من الدهون واستمرارية ذلك.
وغالبيتنا يعلم أن الحمية الغذائية بخفض كمية الأطعمة المتناولة وتناول المكونات الصحية منها، خطوة مهمة، كما أن غالبيتنا يعلم أن ممارسة تمارين «إيروبيك» الهوائية أيضاً مفيدة في تعزيز ضمان نجاح جهود خفض وزن الجسم، ولكن أهمية ممارسة تمارين بناء وتقوية العضلات لا تزال بحاجة إلى مزيد من التوضيح. وهذا ما كان موضوع دراسة الباحثين من جامعة سيدني بأستراليا، والمنشورة ضمن عدد 1 نوفمبر (تشرين الثاني) لـ«المجلة الأميركية لعلم الأوبئة» (American Journal of Epidemiology).
وشمل الباحثون في دراستهم أكثر من 82 ألف شخص، وتبين من نتائج المتابعة أن الأشخاص الذين يُمارسون تمارين تقوية وبناء العضلات تنخفض بينهم معدلات الوفاة المُبكّرة بنسبة 23 في المائة، كما تنخفض بينهم معدلات الوفيات بسبب الأمراض السرطانية بنسبة 31 في المائة، هذا بالمقارنة مع منْ لا يُمارسونها.
وعلق الدكتور إيمانويل ستاماتاكيس، الباحث الرئيسي في الدراسة، بالقول: «نتائج الدراسة تبين أن التمارين التي تعزز القوة العضلية لها أهمية للصحة، مثل التمارين الرياضية الهوائية كالهرولة وركوب الدرجات، ولها أهمية حيوية بالذات في خفض خطورة الوفيات بسبب الأمراض السرطانية». وأضاف أن ثمة إهمالا من قبل الناس، وحتى من قبل الأوساط الطبية، في الحث على ممارسة تمارين تقوية العضلات، واستشهد بنتائج المسح الإحصائي القومي الأسترالي للتغذية والنشاط البدني، التي لاحظت أن نسبة عدم ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية تبلغ 53 في المائة، وأن أقل من 19 في المائة من الناس يُمارسون تمارين تقوية وبناء العضلات. وأوضح قائلاً: «عندما يفكر الإنسان في تمارين تقوية وبناء العضلات فإن أول ما يخطر في ذهنه هو القيام بتمارين الحديد في الصالة الرياضية، ولكن ليست هذه هي الطريق الوحيدة، ونتائج الدراسة تفيد بأن استخدام الجسم في إجراء تلك النوعية من التمارين الرياضية يُحقق المطلوب دون استخدام أجهزة خاصة لأداء تلك التمارين».
وتعتمد تمارين تقوية وبناء العضلات على استعمال مقاومة أو ثقل شيء ما، لتحفيز عمليات تعاقب انقباض وارتخاء العضلات بالتوالي في مناطق شتى من الجسم، كعضلات العضد أو الساعد أو الفخذ أو الساق أو البطن... وغيرها، مثل تمارين الضغط بالجسم على اليدين وهما على الأرض، وإجراء تمارين الانخفاض والارتفاع (Push - Ups). وهذه النوعية من التمارين لا تُقوي العضلات وتزيد من حجمها فقط؛ بل أيضاً تزيد من تدفق الدم للعظام والأربطة، مما يعني تقوية العظام وتحسين أداء المفاصل، وأيضاً تزيد من اكتساب مهارات حفظ التوازن للجسم وخفض احتمالات السقوط والتعثر.

* استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».