السيسي في «منتدى شباب العالم»: لا نعادي حقوق الإنسان

TT

السيسي في «منتدى شباب العالم»: لا نعادي حقوق الإنسان

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن بلاده «تحتاج 100 مليار جنيه سنوياً على الأقل لتوفير مليون فرصة عمل»، مخاطباً الشباب الحاضرين من دول أوروبية للمشاركة في فعاليات «منتدى شباب العالم» المنعقد بمدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، بالقول: «أنتم تسمعون عنا أننا ضد حقوق الإنسان، أو ديكتاتوريون، إحنا أمة عايزة تعيش (تريد) زي (مثل) ما انتوا عايشين».
واعتبر السيسي، خلال تعقيبه، أمس، على المتحدثين في جلسة بعنوان «تحديات وقضايا تواجه شباب العالم... سبل المواجهة لصناعة المستقبل»، أن «النمو السكاني غير المتوازن، أكبر التحديات التي تواجه مصر، بما يؤثر سلبا على جهود التنمية، لافتا إلى أن مصر تشهد نمواً سكانياً 2.5 مليون نسمة سنوياً».
ويبلغ تعداد سكان مصر 104 ملايين نسمة، بينهم 9 ملايين يعيشون في الخارج، بحسب أحدث إحصائي رسمي.
وأكد الرئيس، أن «المواطن المصري لم يشهد تحسنا في الدخل على امتداد 50 عاماً»، ومنوهاً إلى أن «تحقيق فرصة عمل حقيقية في مصر يتكلف ما بين 100 ألف إلى مليون جنيه».
ولفت إلى أن «النمو السكاني بصورته الحالية يأكل كل جهود النمو، الذي لا يجب ألا يقل عن 7.5 في المائة»، معتبراً في الوقت نفسه أن قضية «الزيادة السكانية تمس المجتمع ككل ولا تقتصر مواجهتها على مؤسسات الدولة فقط».
وأشار الرئيس إلى أن «أزمة البطالة ترجع إلى أن حجم العمالة التي تضخ لسوق العمل أكبر من القدرة على الاستيعاب، بينما لا تعاني دول مثل السويد وفرنسا وسويسرا واليابان من تلك المشكلة لأن عدد السكان ثابت تقريبا منذ سنوات طويلة، وأيضا عدد المواليد يساوي عدد الوفيات وقد يكون أقل».
وتطرق السيسي، إلى أثر «الإرهاب» على التنمية، وأوضح أن «مصر تواجه تحدي مكافحة الإرهاب، إلى جانب تحقيق التنمية في ملفي التعليم والصحة»، وقال: «أخطر قضية تواجه العالم أجمع وتؤدي إلى تدمير الأمم والمستقبل هي الإرهاب، الذي يستهدف الدولة المصرية. وفي كل مرة كانت معدلات ومؤشرات السياحة في مصر ترتفع وتأتي بدخل جيد، كنا نتعرض لضرب القطاع، باعتباره أحد الروافد المهمة للدخل القومي، بغرض منع الأجانب من زيارة مصر والاستمتاع بالأمان والاستقرار».
وتعول مصر على مساهمة المؤتمرات الدورية التي ترعاها «رئاسة الدولة»، في نقل صورة إيجابية عن القاهرة، بهدف طمأنة السائحين، في محاولة لتجاوز كبوة يعانيها القطاع منذ عامين بسبب إسقاط طائرة روسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، ومقتل أكثر من 200 شخص كانوا على متنها، الأمر الذي كبد المورد المصري الهام خسائر فادحة.
وفي معرض حديثه عن «الإرهاب» قال السيسي إنه «يستهدف إفشال المواطن المصري وتدميره وتعجيزه»، وقال: «نحن نحترم شعبنا ونحبه ونريده أن يقود دولته، لكن هناك أشخاصا آخرين لا يريدون لمصر أن تعيش».
وأكد أن «استهداف الدولة المصرية يجعلها عاجزة عن تلبية مطالب شعبها، والحديث الصريح الشفاف هو السبيل الوحيد لمواجهة كل من يحاول هدم الدولة المصرية مثل الجماعات والتنظيمات المتطرفة وقوى أخرى».
من جهته قال رئيس دولة تشاد، إدريس ديبي، الذي كان أحد المتحدثين الرئيسيين في جلسة «تحديات شباب العالم»، إن «الزيادة السكانية مشكلة عالمية وليس في القارة الأفريقية فقط»، مضيفاً أن بلاده «تعاني مثل مصر من هذه المشكلة، حيث يتزايد معدل السكان بنسبة 4 في المائة».
ولفت ديبي إلى أن «الجماعات (الإرهابية) تستطيع أن تستقطب الشباب الذي يعاني من البطالة والذي لم يتلق التعليم»، وقال إنهم «قنبلة موقوتة» يمكن أن تنفجر في أي وقت.
وفي إطار فعاليات «منتدى شباب العالم» شهد، أمس، تنظيم نموذج محاكاة لـ«مجلس الأمن الدولي»، بمشاركة أكثر من 60 شاباً يمثلون دولا مثل «مصر، والسنغال، وإثيوبيا، والأوروغواي، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، والصين.... وغيرها».
ونظم المشاركون في المحاكاة أنفسهم بطريقة مجلس الأمن ذاتها، إذ تم تمثيل 5 دول ذات عضوية دائمة تمتلك حق «الفيتو»، و10 دول أخرى يجري انتخابهم لفترة محددة.
وأكد الشاب الذي مثل مصر، أن بلاده تخوض «حربا شرسة ضد قوى الظلام، وحققت نجاحات بارزة في مواجهة تلك القوى بفضل صمود شعبها»، مضيفاً أن «العالم يقف اليوم أمام نقطة فاصلة تهدد الإنسانية جمعاء وآمال الشعوب والأجيال القادمة في العيش بسلام وأمان، وأصبح الإرهاب عائقا أمام استقرار المجتمعات وسلامة الأفراد».
وحذر ممثل مصر في نموذج المحاكاة، من «أن العالم يشهد منحنى خطيراً في قضية الإرهاب، وتقدم دول الدعم للمتطرفين، وترعى الجماعات المتشددة، وتمول نشاطها، وتنفق على تسليحها؛ رغبة في تحقيق مصالح سياسية ضيقة على دماء الشعوب وأنقاض الدول؛ ما يعد شكلاً ممتداً للحروب بالوكالة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.