مشروعان روسي وأميركي في مجلس الأمن لتمديد تحقيق «الكيماوي»

TT

مشروعان روسي وأميركي في مجلس الأمن لتمديد تحقيق «الكيماوي»

يتنافس في الأمم المتحدة مشروعا قرار روسي وأميركي لتمديد مهمة لجنة التحقيق الدولي حول الأسلحة الكيماوية في سوريا، التي تواجه خطر توقف عملها في البلاد، إذ إن التوتر على أشدِّه بين القوتين العظميين في شأن التمديد للجنة تحقيق مشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة التي ينتهي التفويض المعطى لها في 16 من الشهر الحالي.
الأسبوع الماضي حملت اللجنة الحكومة السورية مسؤولية الهجوم بغاز السارين في بلدة خان شيخون في 4 أبريل (نيسان) الماضي في تقرير صب الزيت على النار، خصوصاً بعد اتهام دول غربية لقوات النظام بقصف البلدة وقتل نحو 80 شخصاً بينهم أطفال.
وجاء التقرير الدولي ليؤكد صحة اتهامات الدول الغربية التي حملت دمشق منذ وقت طويل مسؤولية هذا الهجوم الذي أورد التقرير أنه نَجَم عن «قنبلة ألقتها طائرة».
وبعد ساعات من نشر التقرير سارعت موسكو إلى التنديد بما خلص إليه، مؤكدة في المقابل أن آثار غاز السارين التي عثر عليها كانت نتيجة لسقوط قذيفة وليس نتيجة غارة جوية سوريا.
وعرضت روسيا الخميس على أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار يدعو إلى تمديد عمل لجنة الأمم المتحدة للتحقيق حول الأسلحة الكيماوية في سوريا ستة أشهر، في المقابل يطلب من لجنة التحقيق المشتركة «الاحتفاظ بنتائج عملها (...) حتى يصبح التحقيق الكامل والجيد في موقع الحادث ممكناً». ويطالب المشروع الروسي اللجنة بأن «ترسل فريقاً من المحققين إلى خان شيخون بأسرع وقت ممكن»، وكذلك يطالب بإرسال فريق آخر إلى قاعدة الشعيرات العسكرية التي تعرضت لقصف من القوات الأميركية في أبريل الماضي لـ«جمع عينات بيئية».
وبانتظار تنفيذ هذه الخطوات يفرض المشروع الروسي على لجنة التحقيق «تجميد نتائج» تحقيقها في الهجوم على خان شيخون.
في المقابل، يدعو مشروع القرار الذي عرضته الولايات المتحدة على مجلس الأمن الذي اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية إلى تمديد مهمة اللجنة لسنتين. ويشدد المشروع الأميركي على «قلق بالغ» لمجلس الأمن حيال النتائج التي توصل إليها التحقيق، والتي تحمِّل دمشق مسؤولية هجوم الرابع من أبريل. كذلك يؤكد المشروع الأميركي «دعم» مجلس الأمن للجنة التحقيق، مطالباً جميع القوى الفاعلة على الأرض إلى تسهيل عمل المحققين.
وفي تقريرها الذي نشرته في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، أعلنت اللجنة أنها «مقتنعة بأن الجمهورية العربية السورية مسؤولة عن إطلاق غاز السارين على خان شيخون في الرابع من أبريل 2017». وقال التقرير إن العناصر التي جُمعت تذهب باتجاه «السيناريو الأرجح» الذي يشير إلى أن «غاز السارين نجم عن قنبلة ألقتها طائرة».
ويعتبر عدد من الدبلوماسيين أن التحدي الأبرز الذي تواجهه الأمم المتحدة جراء صراع القوة بين روسيا والولايات المتحدة هو المحافظة على مهمة اللجنة التي أنشأتها في الأصل موسكو وواشنطن للتحقيق في استخدام غاز الكلور.
وتضاعف عدد الملفات في السنوات الأخيرة وسط شبهات باستخدام أسلحة كيماوية أكثر خطورة، كغاز السارين.
ويقول دبلوماسيون إن لدى المحققين قرابة 60 ملفاً في سوريا، وأي تعليق أو إنهاء لعمل اللجنة في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) من شأنه التأثير بشكل كبير على خبراتهم ومهاراتهم.
ومع طرح هذين المشروعين «المتعارضين إلى حد بعيد»، يقول دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه إن السؤال الأبرز هو ما إذا كان بالإمكان «إنقاذ لجنة التحقيق». ويقول دبلوماسي آخر إن «الروس يريدون قتل اللجنة من دون تحمل مسؤولية ذلك». ويعتبر هذا الدبلوماسي أن المشروع الذي طرحته موسكو «لا يشكل قاعدة عمل» لإيجاد توافق حوله بين أعضاء مجلس الأمن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.