معيتيق يجتمع بوزرائه في فندق.. والثني يطالب البرلمان بإيجاد حل لأزمة طرابلس

الجيش الجزائري يدفع بخمسة آلاف عسكري إلى الحدود مع ليبيا

معيتيق يجتمع بوزرائه في فندق.. والثني يطالب البرلمان بإيجاد حل لأزمة طرابلس
TT

معيتيق يجتمع بوزرائه في فندق.. والثني يطالب البرلمان بإيجاد حل لأزمة طرابلس

معيتيق يجتمع بوزرائه في فندق.. والثني يطالب البرلمان بإيجاد حل لأزمة طرابلس

تأكيدا لما نشرته «الشرق الأوسط» أمس حول رفض الحكومة الانتقالية في ليبيا برئاسة عبد الله الثني تسليم السلطة لرئيس الوزراء الجديد أحمد معيتيق، أعلنت حكومة الثني في بيان رسمي أنها تنتظر قرار القضاء لتقرير ما إذا كانت ستسلم السلطة أم لا، وأكدت أنه «انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية فإنها تتعهد بالاحترام التام لكل قرارات القضاء».
لكن معيتيق تجاهل رفض الثني، وعقد أول اجتماع لأعضاء حكومته الـ22 في فندق فخم يمتلكه في العاصمة الليبية طرابلس، فيما قال مسؤول من مكتبه إن «الأمن في البلاد وبرامج الوزراء من بين المواضيع التي وضعت في جدول أعمال الاجتماع». وعقد معيتيق اجتماعه خارج مقر الحكومة الأصلي، الذي ما زالت حكومة الثني تواصل اجتماعاتها الرسمية فيه وسط إجراءات أمنية مشددة.
وكانت الإدارة القانونية بوزارة العدل الليبية أقرت بطلان إجراءات التصويت على منح الثقة لحكومة رجل الأعمال والمليونير معيتيق المدعوم من جماعة الإخوان المسلمين. وقالت حكومة الثني في بيان أصدرته أمس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها «انطلاقا من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في هذه الفترة العصيبة، تلتزم التزاما مطلقا بما يصدر من أحكام قضائية، وإنها لن تخذل الشعب الليبي في مطالبه المشروعة». وأوضحت أنها تلقت ثلاثة آراء قانونية من إدارة القانون، وهي من الهيئات المستقلة القضائية، كلها تشير إلى غياب قانونية إجراءات انتخاب معيتيق، مشيرة إلى أن أحد هذه الآراء القانونية كان بناء على طلب من مقرر المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
ولفتت الحكومة إلى أن هناك طعنا مقدما من مجموعة من أعضاء المؤتمر الوطني إلى المحكمة العليا للفصل في قانونية وشرعية تنصيب الحكومة الجديدة، معلنة ترحيبها بلجنة التوافق التي شكلها مجلس القضاء الأعلى وبعض الشخصيات الوطنية، وأكدت أنها ستتعاون مع هذه اللجنة وستلتزم بأي حل توافقي للأزمة الراهنة.
وبعدما أوضحت أنها بدأت في إعداد محاضر التسليم والتسلم للحكومة الجديدة، وأنها في حالة انعقاد مستمر لمتابعة التطورات الشعبية والقضائية واتخاذ ما يلزم من إجراءات دستورية بالخصوص، دعت الحكومة رئاسة البرلمان للامتناع مؤقتا عن اتخاذ أي إجراءات تنفيذية بتكليف أي أجسام غير هذه الحكومة بأي مهام أمام المحافل الدولية، حفاظا على هيبة الدولة الليبية وتفاديا لضياع مصلحة الوطن. وحذرت الحكومة مما وصفته بالأخطار المحدقة بالوطن في ظل الاختلاف السياسي، ومنها الانزلاق إلى خطر الانقسام الوطني، والاحتكام إلى السلاح، والتدخل الأجنبي، وناشدت كل الأطراف تغليب صوت العقل والحكمة والاحتكام للسلطة القضائية لتثبيت دولة القانون والمؤسسات.
من جهته، قال الثني، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بطرابلس، إن «حكومته ليست طرفا في أي خلاف مع معيتيق وأعضاء حكومته الجديدة»، داعيا البرلمان إلى الاحتكام للعقل والمنطق والجلوس لإيجاد مخرج، مضيفا أن «رئيس البرلمان نوري أبو سهمين طلب منه تسليم السلطة، لكن نائبه الأول عز الدين العوامي طلب منه البقاء في منصبه».
وحمل الثني البرلمان مسؤولية إيجاد حل لهذه الأزمة، ورأى أن «المخرج ليس من معيتيق وليس من الحكومة الحالية، المخرج منهم (أعضاء البرلمان) لأنهم المسؤولون عما حدث». ومضى إلى القول «رأينا أن نحتكم للقانون، وإذا أردنا أن نؤسس لدولة تحترم القانون فعلينا جميعا أن نحتكم للقانون، ولا سلطان على القضاء والقانون، والحكومة المؤقتة ستلتزم بما يصدر من فتاوى قانونية سواء كانت من مجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية أو إدارة القانون، وسنحترم الآراء القانونية ونعمل بها».
وبعدما لفت إلى أن «البلاد تمر بمرحلة خطيرة ولا نريد انقسام الشرق أو الجنوب، رد الثني على اتهامات صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس البرلمان، لحكومته بالفشل، وقال «هذه ليست فترة توجيه اتهامات، والقول بأن الحكومة فاشلة وبأن لها وعليها. وأود أن أقول له لا ترم بيوت الآخرين بالحجارة وبيتك من زجاج، بإمكاننا الرد على المؤتمر الوطني لكننا لسنا في خصام معه». وقال الثني إنه تلقى أوامر متناقضة من البرلمان المنقسم بشأن شرعية انتخاب معيتيق، وإنه سيواصل القيام بمهامه حتى يوضح البرلمان الموقف.
وتفاقمت الأزمة في ليبيا بوجود حكومتين وسط سوء تفاهم سياسي - قضائي، وصناديق ميزانية فارغة؛ إذ لم تقر موازنة عام 2014 حتى الآن. ويعود الخلاف إلى مطلع هذا الشهر حين انتخب معيتيق في تصويت شابته الفوضى في المؤتمر الوطني، واتهم عدد كبير من النواب الليبراليين الكتل الإسلامية بترك عملية التصويت مفتوحة لتمكين الغائبين وقت التصويت من الإدلاء بأصواتهم بعد إعلان نتيجة التصويت بهدف حصول معيتيق على الأصوات الـ121 اللازمة في حين أنه لم يحصل في الأصل إلا على 113 صوتا.
وأعلنت عدة مجموعات مسلحة وسياسيون أنهم لن يعترفوا بحكومة معيتيق، الذي حصل على الرغم من كل ذلك على ثقة البرلمان. وأصبح في ليبيا التي تواجه اضطرابا متزايدا رئيسا وزراء الآن، وبرلمان منقسم بشدة بين الإسلاميين وخصومهم، وفصائل متناحرة تنتمي لمناطق مختلفة ستزيد من تعقيد أي حل سريع للأزمة.
في غضون ذلك، استبق اللواء السابق بالجيش الليبي خليفة حفتر مظاهرات متوقعة اليوم (الجمعة) في بعض المدن الليبية تحت اسم «جمعة دعم الجيش» في عملية الكرامة التي تشنها قواته ضد المتطرفين، وقال إنه «يقاتل في ليبيا نيابة عن العالم كله مدعوما من جميع الليبيين»، مجددا تأكيده أنه لا يخطط لتقسيم البلاد ولا يطمح على المستوى الشخصي للوصول إلى السلطة.
وقال حفتر، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية عبر الهاتف من مقره في بنغازي، إن «الجماعات التي تقاتلني هي جماعات متطرفة تزعم الانتماء إلى الإسلام، لكن الشعب الليبي لا يعدها كذلك، لأن الشعب في ليبيا مسالم، لكننا نواجه المتطرفين بقوة وسنسعى لإلحاق الهزيمة بهم». ونفى تلقيه أي دعم خارجي، قائلا «ليس هناك أحد خارج ليبيا يدعمني.. أعتمد على البناء الاجتماعي الليبي والمؤسسات والقبائل الليبية والشعب الليبي السني، وأنا واثق مائة في المائة، وسننتصر عليه بعون الله رغم أننا نقاتل في هذه المعاركة نيابة عن العالم كله». وتابع «الذين يريدون تقسيم ليبيا ليسوا بيننا، الشعب الليبي يدعمنا، وليست لدينا أي خطة لتقسيم ليبيا بأي شكل من الأشكال، نريد أن تصل الخدمات إلى كل الليبيين، هذا ما نريده وما نطمح إليه». ورأى حفتر أن البديل بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي لم يكن جيدا، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني المنتخب من الشعب لم يعمل بطريقة صحيحة، وأسهم في سرقة البلاد. وأضاف أن «الشعب الليبي كان يسأل: أين الجيش؟ ولذلك قررت مواجهة هذا الخطر ومواجهة كل أعداء الشعب الليبي».
إلى ذلك, قررت قيادة أركان الجيش الجزائري تعزيز وحدات الجيش المرابطة على الحدود مع ليبيا بخمسة آلاف عسكري، بين جندي ودركي، كما قررت إنشاء «قطاع عملياتي» بالمنطقة الحدودية في ولاية «إليزي» الحدودية.
وكشفت مصادر مطلعة أمس عن أن قائد أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح، نائب وزير الدفاع، شدد على كبار قادة العسكريين المعنيين «الاضطلاع بكامل مسؤولياتهم في حماية الحدود قرب منطقة مشتعلة، تخشى السلطات انتقال نارها إلى التراب الجزائري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».