بوتين يعتبر «خفض التصعيد» دعماً للتسوية السياسية

TT

بوتين يعتبر «خفض التصعيد» دعماً للتسوية السياسية

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن إقامة مناطق «خفض التصعيد» ساهمت في دفع التسوية السياسية في سوريا، لافتا إلى أن الجيش الروسي ساهم في «تحرير أكثر من 90 في المائة من الإرهابيين».
وأثنى بوتين خلال لقائه عسكريين أمس على العناصر الروس المشاركين في العملية في سوريا، وأشار إلى إقامة مناطق خفض التصعيد، وعبر عن قناعته بأنها ساهمت في دفع التسوية السياسية والمصالحات المحلية في سوريا.
إلى ذلك، وجهت الخارجية الروسية انتقادات لآلية عمل لجنة التحقيق المشتركة بالهجمات الكيماوية في سوريا، وقالت في بيان أصدرته في ساعة متأخرة مساء أول من أمس: إن «استخدام السارين في خان شيخون يوم 4 أبريل (نيسان) وتطورات الموقف بعد ذلك أظهرت خللاً منهجياً في عمل بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وعمل آلية التحقيق المشتركة»، واتهمتها بـ«الانتقائية في استخدام الصلاحيات، وعدم الجاهزية أو عدم القدرة على استخدام مجمل أساليب التحقيق التي تنص عليها المواثيق الدولية»، في إشارة إلى عدم زيارة اللجنة موقع الحادث في خان شيخون، وعدم الذهاب إلى مطار الشعيرات، الذي أقلعت منه المقاتلات ونفذت الهجوم على خان شيخون. ودعا البيان إلى «تصحيح هذا الوضع إذا كنا نريد فعلا تحديد المسؤولين عن الهجمات»، واتهم الدول الغربية بأنها غير مهتمة بتصحيح الوضع «وهذا لأنهم لا يهدفون إلى الكشف عن الحقيقة، بل استخدام اللجان الدولية الفرعية لزيادة الضغط على دمشق».
ورأت الخارجية، أن التقارير التي صدرت عن فرنسا وبريطانيا وتركيا، وتوجه للنظام «اتهامات غير قابلة للطعن» بالمسؤولية عن هجوم خان شيخون «تمثل نوعاً آخر من الضغط على لجان التحقيق»، وقالت: إن «حصول استخبارات تلك الدول على عينات من موقع الهجوم يظهر مدى الارتياح الذي يشعرون به في المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات الأكثر راديكالية من الجهاديين». وفي عبارات تظهر وجود مآخذ مسبقة لدى روسيا على التقرير المرتقب عن لجنة التحقيق، وآلية عملها، قالت الخارجية في بيانها: «نؤكد عزمنا بعد الحصول على التقرير، العمل خلال مدة محدودة لنعرض على مجلس الأمن الدولي اقتراحات محددة حول ما يجب اتخاذه، لضمان تحقيق حقيقي مستقل وموضوعي ومهني بالمعنى العملي لا بالكلام». وترفض روسيا منذ بداية الأزمة السورية تحميل نظام الأسد المسؤولية عن أي هجمات وعمليات قتل وتهجير، كما رفضت كل التقارير السابقة التي أشارت إلى مسؤولية النظام السوري عن الجزء الأكبر من الهجمات باستخدام السلاح الكيماوي.
وانتقدت الخارجية الروسية لهجة الانتقادات التي وجهتها دول كبرى لاعتراض روسيا على تمديد ولاية آلية التحقيق الدولية المشتركة في الهجمات الكيماوية في سوريا، وقالت: إن «موسكو كانت تتوقع انتقادات حادة من بعض الدول عقب استخدام مندوب روسيا في مجلس الأمن الدولي الفيتو في جلسة 24 أكتوبر (تشرين الأول)»، وإذ أكدت الخارجية عدم اكتراثها لتلك الانتقادات ولهجتها، لكنها رأت أنه «يتعين علينا تذكيرهم بما هو لائق وما هو غير لائق وغير مسموح به في الشؤون الدولية». واعترضت روسيا بصورة خاصة على لهجة تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض الذي قال: إن روسيا باستخدامها الفيتو توافق على استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي ضد النساء والأطفال والأبرياء. ودعت موسكو الجانب الأميركي إلى مراعاة الحد الأدنى من اللباقة، وقالت: إنه «من غير المقبول في العلاقات الدولية الحضارية تشويه موقف الخصوم بهذا الشكل الفظ».
إلى ذلك، شككت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي أمس، بالكارثة الإنسانية التي يعاني منها المدنيون في الغوطة الشرقية نتيجة الحصار من جانب قوات النظام والنقص الحاد بالمواد الغذائية، وقالت: إن «المشكلة الإنسانية في سوريا يجري استغلالها دون خجل لأغراض سياسية، وبهدف زيادة الضغط على السلطات السورية وروسيا التي قدمت الدعم في الحرب على الإرهاب»، وأضافت: إن بعض وسائل الإعلام الغربية أطلقت حملة «حول ما يزعم أنها مجاعة في الغوطة الشرقية»، واتهمت القائمين على الحملة بأنهم «يأخذون فقرات من تصريحات ممثلي المنظمات الدولية ويبعدونها عن سياقها» لخدمة حملتهم. وأشارت إلى أن هذه المنطقة كانت تشهد مؤخرا قتالا بين الفصائل المسلحة المختلفة، لكنها باتت تدخل ضمن مناطق خفض التصعيد. ونوهت بأن روسيا تبذل كل الجهود الممكنة لتحسين الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية وفي كل سوريا، ودعت المجتمع الدولي إلى إرسال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية.
في شأن متصل، أشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إلى أنه يجري النظر في عقد «مؤتمر شعوب سوريا» الذي دعا له بوتين، وأعربت عن أملها في أن يساعد في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2254. وذكرت وكالة «إنتر فاكس» نقلا عن مصدر مقرب من المنظمين قوله إنه من المخطط عقد «مؤتمر شعوب سوريا» منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مؤكدا أنه سيتم توجيه الدعوات إلى ممثلي جميع التيارات المعارضة ومختلف الطوائف الدينية، فضلا عن شيوخ العشائر السورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».