واشنطن تتعهد بدعم عسكري «مطلق وطويل الأمد» للجيش اللبناني

تزامن مع استعداد وفود أمنية لبنانية للتوجه إلى موسكو

تكريم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن (موقع الجيش اللبناني)
تكريم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن (موقع الجيش اللبناني)
TT

واشنطن تتعهد بدعم عسكري «مطلق وطويل الأمد» للجيش اللبناني

تكريم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن (موقع الجيش اللبناني)
تكريم قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن (موقع الجيش اللبناني)

جددت واشنطن تأكيدها الاستمرار بتقديم دعم عسكري «مطلق وطويل الأمد» للجيش اللبناني، خلال زيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى واشنطن، الذي التقى مسؤولين في البنتاغون وفي وزارة الخارجية، وعرض تجربة الجيش في معركة «فجر الجرود»، وحاجات الجيش للعتاد والذخائر بما يمكنه من حماية الحدود الجنوبية والشرقية، والاستمرار في تنفيذ مهامه في الداخل، بحسب ما قالت مصادر مواكبة للزيارة لـ«الشرق الأوسط».
ونوهت واشنطن، على لسان قائد المنطقة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل، بالقرار الذي اتخذته قيادة الجيش بتعزيز انتشار القوى العسكرية في قطاع جنوب الليطاني، جنوب لبنان.
وجاءت الزيارة بالتزامن مع معلومات تحدثت عن استعداد وفود أمنية لبنانية للتوجه إلى موسكو قريباً للبدء بالتباحث بين الجانبين فيما يحتاج إليه لبنان من أسلحة نوعية تنوي روسيا تزويد لبنان بها، وكانت ضمن اتفاق بين رئيس الحكومة سعد الحريري والقيادة الروسية إثر زيارة الحريري الأخيرة إلى موسكو. وإذ اكتفت مصادر نيابية معنية، بالتأكيد على أن هناك محادثاتٍ بين لبنان وروسيا، قالت مصادر عسكرية إن الجيش اللبناني منفتح على أي مساعدات عسكرية، لكنها جزمت أنه حتى الآن «لا يوجد أي شيء رسمي على هذا الصعيد»، لافتة إلى أن أهم المساعدات العسكرية تلقاها الجيش اللبناني من الولايات المتحدة الأميركية.
من جهته، أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفد الذي سيتوجه إلى موسكو، «سيحدد احتياجات قوى الأمن الداخلي والأمن العام والدفاع المدني، لنوعية العتاد والسلاح والآليات التي تحتاجها المؤسسات الأمنية، وتؤدي دورها على صعيد حفظ الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب».
وأوضح المصدر الأمني أن «المعدات المشار إليها لن تكون على شكل هبات، إنما سيدفع لبنان ثمنها بأسعار مخفضة جداً، وعلى دفاعات ميسرة قد تزيد مدتها عن خمس سنوات دون فوائد»، لافتاً إلى أنه «بعد عودة الوفد من موسكو، سيطلع الوفد وزارة المال على كلفة الأسلحة والمعدات الروسية من أجل جدولة دفعاتها».
وتكتسب زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن أهميتها من كونها تحولت إلى فرصة لعرض تجربة الجيش في المعركة الأخيرة التي خاضها ضد عناصر تنظيم داعش على الحدود الشرقية مع سوريا، إذ أكدت مصادر مواكبة للزيارة لـ«الشرق الأوسط» أن الشخصيات التي التقاها العماد عون «كانت تنتظر الاستماع إلى تفاصيل المعركة والصعوبات التي واجهت الجيش والتقنيات الحديثة التي استخدمها في المعركة، وهي بمعظمها تقنيات أميركية»، علما بأن مجريات المعركة عرضها العماد عون قبل فترة وجيزة مع عسكري أميركي كان مهتماً بمعرفة كيف استخدم سلاح الجو اللبناني تقنية الليزر الحديثة لمواكبة الضربات المدفعية في المعركة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن المعركة ونتائجها «عززت مكانة الجيش اللبناني على الصعيد الدولي، وهو ما دفع لتكريم قائد الجيش في الولايات المتحدة عبر وضع صورته ضمن صور قليلة في قاعة بجامعة الدفاع الوطني NDU المخصصة للشخصيات التي تعلمت في الجامعة»، في إشارة إلى أن عون كان تلقى دروساً عن محاربة الإرهاب في الجامعة في عام 2009.
وأشارت المصادر إلى أن العماد عون قال للمسؤولين الأميركيين إن «الخبرات التي اكتسبها ساعدته في مسيرته العسكرية حينما كان قائداً ميدانياً في الجنوب وعرسال في شرق لبنان، وطبق خلالها المعلومات التي تلقاها، وصولاً لتحقيق إنجاز معركة الجرود بعد أشهر قليلة على توليه قيادة الجيش»، بحسب ما قالت المصادر.
والتقى العماد عون مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع الأميركية، كما التقى قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتيل، حيث أجرى مباحثات طويلة، بحضور مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن «اللقاءين كانا مهمين، وتحدث عون بإسهاب عن تجربة معركة الجرود ورؤيته للجيش وحاجة الجيش للذخائر، وسمع من المسؤولين الأميركيين تأكيداً على الدعم المطلق للجيش ودعم طويل الأمد، واستمرار المساعدات الأميركية للجيش اللبناني».
وتسلم الجيش اللبناني مطلع الشهر الحالي الدفعة الأولى من طائرات «سوبر توكانو»، وهي عبارة عن طائرتين خضعتا لتعديلات أساسية بما يناسب حاجات الجيش حتى تستطيع إطلاق صواريخ موجهة بالليزر وتحقق إصابات دقيقة من غير إحداث أضرار جانبية، وتخفف المخاطر وتواكب العمليات.
ومن المتوقع أن يتسلم الجيش الدفعتين الثانية والأخيرة في مايو (أيار) 2018، ليبلغ عدد الطائرات بمجملها 6 طائرات. ووصل فريق تقني تدرب على تلك الطائرات من الولايات المتحدة بعد خضوعه لدورات تدريبية، فيما غادر فريق آخر للخضوع لدورات مشابهة.
يذكر أن الزيارة، وهي الثانية للعماد عون إلى واشنطن، كانت مقررة في أغسطس (آب) الماضي، لعقد لقاءات مع شخصيات عسكرية ومدنية وتكريم عون في جامعة الدفاع الوطني، لكنها تأجلت بسبب معركة «فجر الجرود».
وخلال لقاء العماد عون مع الجنرال فوتيل، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، توجه الجنرال فوتيل بالتهنئة إلى العماد عون على الانتصار الكبير الذي حققه الجيش اللبناني في معركة فجر الجرود، ثم بحث الجانبان في العلاقات الثنائية بين جيشي البلدين، وسبل تطوير التعاون ودعم الجيش اللبناني للقيام بمهماته الوطنية. كما عرضا برنامج المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، حيث أكد الجنرال فوتيل مواصلة تقديم المزيد من المساعدات في المرحلة المقبلة، منوها بالقرار الذي اتخذته قيادة الجيش بتعزيز انتشار القوى العسكرية في قطاع جنوب الليطاني في جنوب لبنان. من جهته، شكر العماد عون للجنرال فوتيل دعوته إلى اللقاء واستقباله المميز للوفد العسكري اللبناني، إلى جانب مواقفه الداعمة للجيش واهتمامه الدائم بأوضاعه المختلفة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.