أربيل تتهم «الحشد» بقتل 600 مدني في كركوك وطوزخورماتو

نازحون أكراد يناشدون المجتمع الدولي حمايتهم

TT

أربيل تتهم «الحشد» بقتل 600 مدني في كركوك وطوزخورماتو

«لم يعد بإمكاننا العودة مرة أخرى إلى طوزخورماتو؛ فبيوتنا فُجّرت وحرقت من قبل عدد من فصائل الحشد الشعبي»... هذا ما يقوله غالبية النازحين الكُرد من قضاء طوزخورماتو جنوب كركوك التي سيطرت عليها الحشد الشعبي في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بعد انسحاب قوات البيشمركة منها.
ورغم التطمينات التي منحتها الحكومة العراقية للأكراد في طوزخورماتو، وتأكيدها لهم أن حياتهم وممتلكاتهم ستكون مصونة من قبل الجهات الأمنية الحكومية، فإن عمليات الحرق والتفجير والاعتقال والقتل التي يقول النازحون منها إن فصائل من «الحشد» مارستها في المدينة إبان سيطرتها عليها دفعت بسكانها الكرد إلى الهرب منها، تاركين خلفهم كل ما يمتلكون، منتشرين في غالبية مدن الإقليم كنازحين ينتظرون المجتمع الدولي أن يمد لهم يد المساعدات، ويقدم لهم الدعم كي يتمكنوا من العودة مرة ثانية إلى المدينة.
ويقول النازح كاروان حبيب، الذي نزح الأسبوع الماضي من طوزخورماتو لـ«الشرق الأوسط»: «نزحت بسبب المعارك وسيطرة الحشد الشعبي والقوات العراقية على طوزخورماتو أكثر من 15 ألف عائلة كردية»، لافتا إلى أن فصائل «الحشد» أقدمت خلال الأيام الماضية على نهب وحرق وتفجير منازل المواطنين ومقاتلي البيشمركة وقوات الآسايش (الأمن الكردي) والموظفين الأكراد في القضاء.
ويروي حبيب قصة مواطن من طوزخورماتو يدعى سعيد صالح، انتحر هو وعائلته بالكامل بعد أن تعرضوا للإهانة والاعتداء من قبل مسلحي «الحشد» على خلفية عودتهم إلى المدينة، كاشفا عن أن الحشد نفذ عملية تغيير ديموغرافية في طوزخورماتو من خلال إخراج العوائل الكردية، وتحويل المدينة إلى مدينة شيعية يسكنها المتطرفون، لافتا إلى أن «الحشد» استخدم خلال العامين الماضيين الطريقة نفسها في الاستيلاء على أراضي القرى العربية السنية في حدود القضاء بعد تحريرها من «داعش».
بدوره، أوضح المواطن زانيار رشاد فاتح، النازح من قضاء طوزخورماتو: «ما تعرضنا له كارثة إنسانية حقيقية، والنازحون يعيشون ظروفا إنسانية صعبة، المساعدات الموزعة على النازحين حتى الآن تتمثل بوجبة من المواد الغذائية التي لا تكفي سوى عشرة أيام، وهناك حاجة إلى مساعدات أكبر»، داعيا حكومة الإقليم والمجتمع الدولي إلى نجدة النازحين وتقديم المساعدات اللازمة لهم، مبينا أن فصل الشتاء على الأبواب والنازحون في حاجة إلى مخيمات ووسائل التدفئة والملابس، إضافة إلى ضرورة حل مشاكل الطلبة النازحين وتوفير التعليم لهم كي لا تفوتهم سنة دراسية.
وتزامنا مع الأحداث التي تشهدها المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، كشف رئيس اللجنة العليا للمتابعة والرد على التقارير الدولية التابعة لحكومة الإقليم ديندار زيباري، في مؤتمر صحافي عقده أمس في أربيل، عن إحصائيات بأعداد المدنيين، وقال: إن قوات «الحشد» في المناطق المتنازع عليها بعد مرور أسبوع من فرضها السيطرة على هذه المناطق: «قتلت نحو 400 مدني في كركوك و200 في قضاء طوزخورماتو، ومثلت بجثث القتلى، واعتقلت هذه القوات نحو 50 شخصاً في حي رحيماوة في كركوك دون مذكرة اعتقال من أي محكمة»، لافتا إلى أن «الحشد» أحرق 1200 منزل في طوزخورماتو، مؤكدا أن «كردستان وثقت جرائم الحشد الشعبي بالفيديوهات والوثائق».
في غضون ذلك، أشار رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، أمس، في حديث للصحافيين في أربيل، إلى أعداد نازحي أربيل وطوزخورماتو في الإقليم، وقال «بلغ عدد النازحين من كركوك وطوزخورماتو منذ بدء الأزمة وحتى الآن نحو 150 ألف مواطن»، مضيفا أن حكومة الإقليم تجري اتصالاتها مع الأمم المتحدة لتقديم المساعدات اللازمة للنازحين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.