جدل في الجزائر حول دور الإبراهيمي في «نفي عجز» بوتفليقة عن أداء وظيفته

TT

جدل في الجزائر حول دور الإبراهيمي في «نفي عجز» بوتفليقة عن أداء وظيفته

تثير لقاءات متكررة يعقدها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا سابقا جدلا واسعا هذه الأيام في الأوساط السياسية والإعلامية، وبخاصة أنه في كل مرة يجري فيها الحديث عن «تدهور صحة الرئيس»، يأتي الإبراهيمي من باريس، حيث يقيم، ليلتقي بوتفليقة، وبعدها يتم الترويج لـ«اجتماع الصديقين» على نطاق واسع، ويخرج الدبلوماسي المخضرم للصحافة لـ«ليطمئن الشعب على صحة الرئيس».
وهذا النوع من «اللقاءات الخاصة» يعقد على الأقل مرتين في العام، وذلك منذ إصابة بوتفليقة في 27 من أبريل (نيسان) 2013 بجلطة دماغية أقعدته على كرسي متحرك. وبث التلفزيون الحكومي سهرة الخميس مع صور لقاء بين الرئيس والإبراهيمي داخل مقر «الإقامة الطبية» لبوتفليقة التي تقع بالضاحية الغربية للعاصمة. وكانت الصور صامتة، إذ لم يسمع صوت أي منهما وهو يتحدث، ودام الشريط دقيقتين و25 ثانية، ظهر فيها الرئيس ببدلة رسمية، وكان يتحدث مع «الضيف الصديق»، الذي كان يستمع له باهتمام كبير.
كما تعاطى الإبراهيمي مع الحالة الصحية للرئيس دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك، ومن دون أن يسأله أحد من فريق التلفزيون الذي كان ينقل تصريحاته، وتقريبا هو الكلام نفسه الذي يردده الإبراهيمي كلما استقبله بوتفليقة، وفي كل مرة تشير الرئاسة إلى أنه لقاء «ودي بين صديقين يجمعهما الاحترام».
وقال مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»: إن بوتفليقة حريص على تخصيص فيلا بـ«جنان الميثاق» التابع للرئاسة للإبراهيمي كلما تواجد بالجزائر، وفيها توفر له كل ظروف الراحة. وتباينت ردود الفعل بخصوص «الدور» الذي يؤديه الإبراهيمي بشأن ما يشاع عن «عجز الرئيس عن أداء وظيفته»، إذ قال إسماعيل سعيداني، وهو قيادي بحزب «جيل جديد» المعارض، في اتصال به «الإبراهيمي ليس طبيبا حتى يخوض في صحة الرئيس. ما يقوم به مسرحية سيئة الإخراج، وهي تأتي بنتيجة عكسية. فالإصرار على أن بوتفليقة بصحة جيدة دليل على أنه مريض فعلا». أما الصادق بوقطاية، المتحدث باسم «جبهة التحرير الوطني» التي يرأسها بوتفليقة، فقال بدوره «ما العيب في أن يستأنس رئيس الجمهورية بآراء دبلوماسي جزائري يملك سمعة عالمية؟. الرئيس انتخبه الشعب لمدة 5 سنوات (2014 – 2019) ومن يريد خلافته عليه انتظار انتخابات 2019». ونقلت قناة «بربر تي في»، التوقرأت وسائل إعلام مستقلة عن الحكومة «إطلالات» الإبراهيمي المتكررة على أنها «عاكسة لوجود ترتيبات لمرحلة ما بعد بوتفليقة». ويوجد الإبراهيمي، حسبها، في قلب هذه الترتيبات، وبأن النظام لن يجد أفضل منه لخلافة الرئيس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».