واشنطن تعلن عن قصف معسكرَين لـ«داعش» وسط اليمن

مسؤولون وسكان محليون شكّكوا في الرواية وتحدّثوا عن استهداف «القاعدة»

TT

واشنطن تعلن عن قصف معسكرَين لـ«داعش» وسط اليمن

قُتل عدد من المتشددين في غارات جوية شنتها طائرة من دون طيار (درون) أميركية في محافظة البيضاء وسط اليمن. وبينما ذكرت القيادة الأميركية الوسطى في بيان أن الغارات استهدفت مقاتلين من تنظيم داعش، شكك مسؤولون أمنيون وسكان محليون في هذه الرواية قائلين إن المقاتلين الذين استهدفتهم الغارة ينتمون إلى تنظيم «القاعدة».
وقالت القيادة الأميركية الوسطى التي تشرف على القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة في بيان إن «القوات الأميركية قتلت العشرات من عناصر تنظيم (داعش) في غارة على معسكري تدريب في محافظة البيضاء في اليمن، ما حال دون تدريب التنظيم مقاتلين جدداً». وتابع البيان أن «تنظيم (داعش) يستخدم هذين المعسكرين لتدريب ناشطين على الصمود وأيضاً على شن هجمات إرهابية من خلال استخدام بنادق هجومية من طراز (إيه كي 47) ورشاشات وقاذفات صواريخ».
ونقلت وكالة «رويترز» عن شهود عيان قولهم إن قادة قبليين منعوا قرويين من الاقتراب من المنطقة في محافظة البيضاء في وسط اليمن لانتشال جثث القتلى وإنقاذ الجرحى، خشية حدوث ضربات أخرى. وأوضح سكان محليون أن المعسكرين المستهدفين بالغارات يحملان اسمي قائدين في التنظيم قُتلا في ضربة جوية أميركية الصيف الماضي، وهما: قائد التنظيم في اليمن أبو بلال الحربي، والناطق الدولي باسم التنظيم أبو محمد العدناني.
بدوره، قال مسؤول أمني يمني إن 5 من مسلحي تنظيم «القاعدة» قُتلوا بغارة جوية، يعتقد أنها أميركية، في البيضاء. وأوضح أن نحو 12 غارة جوية استهدفت معاقل «القاعدة» في مناطق العبل ويكلا بمديرية ولد ربيع وسط محافظة البيضاء التي تعد من أهم معاقل التنظيم في البلاد. وذكر سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» أن الغارات جاءت بعد 3 أيام من التحليق المكثف لـ«الدرون» فوق مناطق ولد ربيع وقيفة رداع. وأن أعداد القتلى والجرحى نتيجة الهجوم لم تتضح على الفور لأن السكان خشوا الاقتراب من الموقع الذي ظلت الطائرات الأميركية تحلق فوقه لعدة ساعات.
وتواصل طائرات أميركية من دون طيار قتل من يشتبه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية وسط اليمن. ففي 8 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قتلت غارات جوية لطائرة من دون طيار 5 من عناصر تنظيم «القاعدة» في منظقة راغون الأثرية شمال غربي محافظة مأرب، بعد أيام من مقتل آخرين بغارات في محافظة شبوة، والقيادي شروم الصنعاني، في محافظة البيضاء. وخلفت أعنف عملية عسكرية وإنزال لقوات المارينز الأميركية مطلع العام الحالي في ولد ربيع، مقتل قرابة 40 مسلحاً يُعتقد انتماؤهم إلى «القاعدة»، وغالبيتهم من بيت الذهب. ومنذ أواخر يناير (كانون الثاني)، كثفت طائرات «درون» الأميركية قصفها على مواقع عناصر «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب - فرع اليمن» بأكثر من 100 غارة جوية على مواقع في البيضاء وشبوة ومأرب وأبين وحضرموت. وتشير الإحصائيات إلى أن تلك الغارات خلّفت مقتل ما يقارب 120 مسلحاً من عناصر التنظيم بينهم قيادات كبيرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».