روسيا تلوح بـ {خطة ب}: حوار في دمشق ودستور فيدرالي

رجل يوزع القهوة خلال انتخاب المجلس المحلي في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
رجل يوزع القهوة خلال انتخاب المجلس المحلي في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

روسيا تلوح بـ {خطة ب}: حوار في دمشق ودستور فيدرالي

رجل يوزع القهوة خلال انتخاب المجلس المحلي في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)
رجل يوزع القهوة خلال انتخاب المجلس المحلي في دوما شرق دمشق أمس (إ.ب.أ)

خلال أيام يُطرد «داعش» من معاقله السورية، الرقة ودير الزور والبوكمال والميادين، وتكون الأطراف الدولية والإقليمية، خصوصاً روسيا المستعجلة بسبب موعد انتخابات الرئيس فلاديمير بوتين في مارس (آذار) المقبل، أمام استحقاق البحث عن حل سياسي والاختيار بين مسارين:
الأول، مفاوضات جنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة لتنفيذ القرار 2254، وبحث «السلال الأربع» المتعلقة بالحكم والدستور والانتخابات.
الثاني، «خطة ب» الروسية التي تتضمن عقد حوار بين ممثلي المصالحات والمجالس المحلية المنبثقة من اتفاقات «خفض التصعيد» والإدارات الذاتية الكردية والحكومة في قاعدة حميميم ثم مؤتمر حوار وطني في مطار دمشق بضمانات روسية، لبحث تعديل الدستور أو المسودة الروسية، وإقرار الإدارات الذاتية وخيار «سوريا الاتحادية» اللامركزية.
الخيار الأول، يدفع باتجاهه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي خبر في العراق وأفغانستان المنعكسات طويلة الأمد لحلول سريعة وقصيرة الأمد. تلك الحلول أوجدت الأرضية لـ«طالبان» وفوضى مديدة في أفغانستان وسقوط الموصل وزيادة نفوذ «داعش». وكان هذا محور الحديث بين دي ميستورا ونائب وزير الدفاع الروسي الجنرال ألكسندر فومين في جنيف قبل يومين، وسيكون حاضراً في محادثات المبعوث الدولي في موسكو.
ويحاجج خبراء بضرورة عدم القفز بعد طرد «داعش» من الرقة على أيدي «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم أميركي، ومن دير الزور على أيدي قوات النظام بدعم روسي، إلى حلول سياسية غير ناضجة، ولا تتناول جوهر الأزمات السياسية والاجتماعية في سوريا.
وسيكون مؤتمر المعارضة السورية في الرياض محطة أساسية في التمهيد لمفاوضات جنيف التي أراد دي ميستورا استئنافها بداية الشهر المقبل. وبحسب مصادر مطلعة، برزت وجهتا نظر في الاجتماعات التحضيرية لـ«الهيئة التفاوضية العليا» استعداداً لمؤتمر الرياض. يمثل الأولى جورج صبرة بحيث يحضر مؤتمر المعارضة 51 عضواً، بينهم 28 من «الهيئة التفاوضية»، و23 شخصية أخرى جديدة «نصفهم من العاملين في الداخل السوري، بما يحقق أوسع قاعدة ممكنة للمشاركة، مع تحقيق حضور المكونات المختلفة للشعب السوري، واحترام دور المرأة السورية وحسن تمثيلها». وبين الأعضاء الجدد ثمانية ضباط منشقون و5 سياسيين و5 من المجالس المحلية في الداخل.
ومثَّل وجهة النظر الثانية، المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطني» حسن عبد العظيم الذي اقترح عقد مؤتمر جديد، بمشاركة 120 عضواً، بينهم 28 من «الهيئة التفاوضية»، إضافة إلى شخصيات و«منظمات مجتمع مدني، بما في ذلك عدد محدد من مجموعتي القاهرة وموسكو، مع مراعاة تمثيل المرأة والشباب» وضمان «مشاركة أوسع للفصائل العسكرية الثورية».
أي الخيار بين توسيع «الهيئة التفاوضية العليا» وضم أسماء جدداً وفق مرجعية «الهيئة» ومؤتمر المعارضة السابق، وبين عقد مؤتمر جديد للمعارضة يؤدي إلى قيادة ومرجعية جديدة أساسها «بيان جنيف» والقراران 2118 و2254. وتحسم المشاورات الجارية بين أعضاء «الهيئة» وبين دول إقليمية مصير مؤتمر المعارضة.
وأفادت «الهيئة»، في بيان، أمس، بأنها ناقشت «توسعة الهيئة العليا وإدخال المزيد من الشخصيات الوطنية، ولا سيما من الداخل السوري»، إضافة إلى «مناقشة الاستعداد لعقد مؤتمر جديد في الرياض معلنة تمسكها بمبادئ الثورة ومطالب الشعب السوري وفقاً لبيان جنيف، وتمسكها بما نصّت عليه القرارات الدولية، سيما 2118 و2254، وما حدده (بيان الرياض) نهاية 2015». كما بحثت في «تشكيل وفد جديد للمفاوضات المقبلة بناء على مستجدات توسعة الهيئة المقبلة بتمثيل أوسع لشرائح المعارضة».

خطة موسكو
لكن يبدو أن موسكو ماضية في «خطة ب» في حال لم تتوفر شروط نجاح مفاوضات جنيف التي لا تلقى اهتماماً من واشنطن المشغولة فقط بالحرب على «داعش»، وربما البحث في تقييد النفوذ الإيراني شرق سوريا. وبحسب مسؤولين غربيين، فإن الجانب الروسي يسير وفق خطة من مراحل متسلسلة تقودها وزارة الدفاع الروسية، إذ إن اتفاقات «خفض التصعيد» في جنوبي غربي البلاد (درعا، القنيطرة، ريف السويداء) وريف دمشق وشمال حمص ومحافظة إدلب كانت اللبنة الأولى، على أن تكون الثانية بدعوة المجالس المحلية المنبثقة من هذه الاتفاقات والإدارات الذاتية الكردية و«المصالحات» التي عقدها الجيش الروسي في مناطق مختلفة وممثلي الحكومة السورية إلى مؤتمر في القاعدة الروسية في حميميم قرب اللاذقية. وتضمنت رسائل الدعوة لمؤتمر حميميم، التي شملت بعض معارضي الخارج، بحث خمسة بنود، هي: «الوضع السوري العام، خفض التوتر بين الأطراف السورية، نقاش حول الدستور السوري، تشكيل لجان تفاوضية لمشاريع المستقبل، التمهيد لمؤتمر شامل».
كان مقرراً عقد المؤتمر في نهاية الشهر الحالي، لكن مسؤولاً غربياً قال أمس إن موسكو باتت تتحدث عن بداية الشهر المقبل، بحيث «يعقد مؤتمر كبير وبحضور إعلامي واسع». وتنوي موسكو أن يكون هذا الحدث - المؤتمر الإعلامي تمهيدياً لمؤتمر وطني يعقد في مطار دمشق الدولي بضمانات روسية لشخصيات معارضة ستأتي من خارج البلاد.
وبحسب «خطة ب» الروسية، سيؤدي هذا المؤتمر الذي سيشارك فيها مئات المعارضين وممثلي المجالس المحلية والإدارات الذاتية (قد يصل عدد المشاركين إلى أكثر من ألف شخص) إلى إقرار مبادئ للحل السياسي، بما في ذلك آلية لتعديل الدستور الحالي، أو بحث المسودة الروسية للدستور بما يقضي بعلاقة بين الإدارات الذاتية الكردية ودمشق وإقرار إصلاحات سياسية وصولاً إلى انتخابات محلية وبرلمانية تنتهي بانتخابات رئاسية في 2021. كما يشمل هذا التوجه تشكيل حكومة وحدة وطنية بصلاحيات أوسع من الحكومة القائمة لتمهيد الأرضية لـ«الحل الروسي» في حال تعثر الحل الأممي في جنيف.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.