جهود لإعادة تفعيل عمل المعابر السورية

الحكومة المؤقتة تدخل الشمال عبر تسلمها «باب السلامة» ومركزاً للتدريب العسكري

الحكومة السورية المؤقتة تسلمت من {الجبهة الشامية} معبر {باب السلامة}على الحدود السورية - التركية (الائتلاف السوري)
الحكومة السورية المؤقتة تسلمت من {الجبهة الشامية} معبر {باب السلامة}على الحدود السورية - التركية (الائتلاف السوري)
TT

جهود لإعادة تفعيل عمل المعابر السورية

الحكومة السورية المؤقتة تسلمت من {الجبهة الشامية} معبر {باب السلامة}على الحدود السورية - التركية (الائتلاف السوري)
الحكومة السورية المؤقتة تسلمت من {الجبهة الشامية} معبر {باب السلامة}على الحدود السورية - التركية (الائتلاف السوري)

يتحرّك ملف المعابر السورية الحدودية على أكثر من جهة، وتحديداً تلك الخاضعة لسيطرة المعارضة والنظام لإعادة العمل بها والاستفادة منها، في حين أعلنت الحكومة المؤقتة عن تسلمّها معبر باب السلامة، في ريف حلب الحدودي مع تركيا، وبدء العمل على تأهيله، وهو ما قد ينطبق على معبر باب الهوى، في إدلب. في وقت لاحق، تنشط المفاوضات على خطّ معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بينما سبق أن أعلن مسؤولون لبنانيون، ومن النظام السوري، عن توجه لإعادة فتح المعابر مع لبنان الخاضعة جميعها لسيطرة النظام.
ويوم أمس أعلنت الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف بعد اجتماع لها حضره رئيس الائتلاف رياض سيف، أن العمل عبر معبر باب السلامة قد يبدأ خلال ثلاثة أشهر، بعدما كان رئيسها جواد أبو حطب أعلن تسلمه من الجبهة الشامية.
وأكد نائب رئيس الائتلاف، عبد الرحمن مصطفى، لـ«الشرق الأوسط» أن «تسلم المعابر سيزيد بشكل ملحوظ من قدرة الحكومة المؤقتة على تقديم الخدمات الأساسية في المناطق المحررة بشكل عام، ومنطقة الشمال بشكل خاص، خصوصاً أن الحكومة موجودة بجميع وزرائها في الداخل المحرر في الجنوب والوسط والشمال، وتحتاج إلى دعم نوعي لتتمكن من خدمة السوريين جميعاً في المناطق المحررة».
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية، عن أبو حطب قوله إن «تسلم إدارة المعبر جاء بعد مفاوضات مع فصائل الجيش الحر وبدعم تركي»، وأوضح أن «تسلم إدارة المعبر سيكون له أثر اقتصادي إيجابي على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وينعشها»، مؤكداً أن «الحكومة المؤقتة ستدير المعبر وفقاً للمواصفات والمقاييس العالمية».
وأشار رئيس الحكومة المؤقتة إلى أن «حكومته تهدف لتسلم جميع معابر البلاد، خصوصاً في الشمال السوري»، في حين أوضحت مصادر في المعارضة في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجه هو أيضاً لتسلّم معبر باب الهوى وجرابلس، لافتة أيضاً إلى أن العملية التركية التي أعلن عنها في شمال سوريا قد تؤدي إلى إجبار «هيئة تحرير الشام» على التخلي عن المعابر غير الرسمية التي تسيطر عليها، وأبرزها خربة الجوز والعلاني، وتسليمها إلى الفصائل المعارضة أو بشكل مباشر إلى الحكومة المؤقتة.
وأكد رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم»، مصطفى سيجري إلى أن «لهذه الخطوة أهميتين أساسيتين؛ الأولى عبر تثبيت دور الحكومة المؤقتة في المناطق المحررة، والثانية عبر الاستفادة من مردودها لصالح المدنيين والعائلات التي تسكن في المنطقة». وهذا ما لفتت إليه المصادر، موضحةً قبل ذلك أن الفصائل التي كانت تدير المعابر هي التي تستفيد منها بشكل شبه كامل، وهذا ما كان يحصل مع الجبهة الشامية في باب السلامة، وفي باب الهوى التي كانت تسيطر عليه «أحرار الشام» قبل أن تسيطر عليه «هيئة تحرير الشام» وتوقف العمل به، باستثناء السماح بمرور المساعدات التي لا تتطلب دفع رسوم.
وكما في السياسة كذلك عسكريّاً بدأت الحكومة المؤقتة تفرض نفسها بشكل أكبر في الداخل السوري، إذ، وبعد تسلمها معبر باب السلامة، تسلّمت المركز التدريبي الذي كانت تديره الجبهة الشامية في المنطقة، في خطوة ستكون تمهيداً لإقامة معسكر للتدريب في المنطقة تحت إدارة وزارة الدفاع في الحكومة، بحسب سيجري، على أن يكون لصالح «الجيش الوطني» الذي سبق أن دعت إلى تشكيله الحكومة المؤقتة، مضيفاً: «نحاول أن نصل إلى مرحلة ننهي من خلالها الحالة الفصائلية، ليكون الجيش الحر تحت راية مؤسسة موحدة تابعة لوزارة الدفاع».
وفي الجنوب، عند الحدود العراقية والأردنية، حيث يخضع معبر التنف لسيطرة التحالف الدولي والبوكمال لتنظيم داعش، لا تزال مفاوضات إعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن الخاضع لسيطرة المعارضة مستمرة، إذ وبعدما كان قد أعلن عن قرب افتتاحه، يبدو أن المفاوضات تعثّرت من دون أن يعني ذلك وصولها إلى حائط مسدود بحسب ما أشارت إليه مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، مضيفةً: «لمنطقة الجنوب خصوصية تختلف عن الشمال، إذ ورغم عدم قدرة الحكومة المؤقتة على الوجود فيها، فإن حضور المعارضة واضح، لا سيما عند هذا المعبر الذي تطالب الفصائل بأن يكون تحت إشرافها، وهو ما يعارضه النظام».
وكانت مصادر عسكرية معارضة في الجنوب، أعلنت، يوم أول من أمس، أن الأردن أجَّل فتح معبر نصيب الرسمي بين البلدين، الذي من المفترض أن تشرف عليه المعارضة أمنياً، بعد ضغوط روسية تشترط إفراغ «درعا البلد» من المقاتلين، وتسليمها للنظام، وهذا ما رفضته فصائل المعارضة لأنه سيؤدي إلى محاصرتها، ما يُسهّل حصرها بين فكي كماشة النظام وتنظيم داعش، وهو الأمر الذي استبعدت المعارضة أن توافق عليه الأردن، ومن خلفها الولايات المتحدة التي ترعى اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا.
وافتتاح معبر نصيب الذي سيكون من صالح الأردن كما الفصائل والنظام، من شأنه أن ينعكس أيضاً إيجابيّاً على لبنان الذي يصدّر منتجاته إلى الخليج العربي عبر سوريا والأردن، لا سيما إذا مضى الوزراء اللبنانيون المعنيون في إصرارهم على إعادة تفعيل التبادل التجاري بين سوريا ولبنان وافتتاح المعابر بين البلدين، الخاضعة جميعها لسيطرة النظام السوري، رغم معارضة بعض الأطراف اللبنانية.
وكان وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام السوري، عبد الله الغربي، قد أعلن عن نية النظام فتح جميع المعابر الحدودية مع لبنان قريباً، وهو ما سبق أن أشار إليه وزير الزراعة اللبناني غازي زعيتر الذي زار دمشق مراتٍ عدة للتنسيق حول إعادة العمل باتفاقيات بين البلدين وفتح المعابر الحدودية.
ويبلغ عدد المعابر بين سوريا ولبنان خمسة، وهي معبر «جديدة يابوس» المعروف بـ«المصنع» من قبل الجانب اللبناني، و«الدبوسية» غرب حمص وافتتح في 2009، ومعبر «جوسيه» في منطقة القصير بريف حمص، ومعبر «تلكلخ - البقيع»، ومعبر «طرطوس» الذي يربط بين بلدتي العريضة اللبنانية وسوريا، إضافة إلى معابر أخرى غير قانونية تستخدم للتهريب، بسبب طبيعة الحدود الجبلية بين البلدين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.