قلق دولي من الإجراءات الحمائية وغموض السياسات المالية

لاغارد تدعو لاستغلال التعافي في إصلاحات هيكلية... وكيم يؤكد الاتجاه لزيادة رأسمال البنك الدولي

TT

قلق دولي من الإجراءات الحمائية وغموض السياسات المالية

أكدت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، تزايد المؤشرات على تحقيق تعاف قوي للاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات النمو العالمي إلى 3.6 للعام الجاري، و3.7 لعام 2018، وبشكل أعلى بنحو 0.1 في المائة عن التوقعات السابقة، إلى جانب نجاح 75 في المائة من الدول في دفع معدلات نمو لناتجها القومي الإجمالي، موضحة أن هذا النمو يقوده الاستثمار والاستهلاك والتجارة، وتشارك فيه الاقتصادات النامية وأوروبا واليابان والولايات المتحدة.
وأوضحت لاغارد، في مؤتمر صحافي صباح أمس بمقر صندوق النقد، أن التعافي ليس كاملا، وأن دولا كثيرة تشهد سلبيات في اقتصاداتها نتيجة التوترات السياسية. وطالبت الدول باتخاذ قرارات في السياسات الإصلاحية واستغلال فرصة التعافي الاقتصادي، ونصحت بتحقيق خطوات أكثر فعالية في تنفيذ إصلاحات هيكلية وإصلاح سوق العمل وزيادة النفاذ إلى الأسواق وإزالة العوائق التي تعوق الاستثمار، وكذلك تشجيع دخول المرأة إلى سوق العمل والتطوير المستمر في التعليم.
واستعرضت لاغارد المخاطر التي قد تنجم عن تقييد الأسواق المالية والتدفقات المالية إلى الدول الناشئة والنامية، وأشارت إلى المخاوف من الإجراءات الحمائية في بعض الدول. كما لفتت إلى تقرير الرقابة المالية الذي يصدر كل عامين، والذي دعا إلى زيادة الضرائب على الأغنياء في الاقتصادات المتقدمة بما يحقق نموا أكثر شمولية، وأوضحت أنها تختلف مع هذا التوجه كوسيلة لتضييق فجوة عدم المساواة، وقالت إن «الأفضل هو تضييق الفجوة بين الرجل والمرأة لتضييق فجوة عدم المساواة، والتركيز على تمكين المرأة يقلل عدم المساواة، وأن تقليل الضرائب يدفع معدلات النمو».
وفي إجابتها عن سؤال حول «بريكست» وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قالت لاغارد إن «القضية تتعلق بالبشر أولا ثم بالأعمال»، وتابعت: «لا أستطيع تصور سيناريو الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأن حركة الأشخاص والطيران لم تشملها قواعد منظمة التجارة العالمية التي تدخل حيز التنفيذ بحلول مارس (آذار) 2019، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق». وطالبت بوضع جدول زمني للمفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي على وجه السرعة.
وتأتي تصريحات لاغارد في وقت وصلت فيه المحادثات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود، مما يثير المخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد دون التوصل إلى اتفاق تجاري جديد.
من جانبه، أكد جيم يونغ كيم، رئيس البنك الدولي، أن الغالبية العظمي من الدول الـ189 الأعضاء في البنك تدعم خطة البنك لزيادة رأس المال، مشيرا إلى أنه سيتم اتخاذ القرار بالزيادة خلال ستة أشهر، وأن هدف زيادة رأس المال هو الاستجابة لمطالب الاقتراض المتزايدة من جانب الدول.
وأكد رئيس البنك الدولي، أن قرار زيادة رأس المال هو قرار يرجع لإدارة البنك ومجلس المحافظين، مبديا تفاؤلا كبيرا بإمكانية تنفيذه. ويواجه البنك تحديا رئيسيا في إقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لهذه الزيادة في رأسمال البنك الدولي، حيث تعتبر الولايات المتحدة أكبر مساهم في البنك. وتعترض وزارة الخزانة الأميركية على استمرار البنك في تقديم قروض للصين.
وأشار رئيس البنك في المؤتمر الصحافي، صباح أمس، إلى أن المنطلق وراء استمرار البنك في إقراض الصين يرجع إلى أهمية التعلم من الدروس المستفادة من نجاح الصين في انتشال 800 مليون شخص من براثن الفقر والاستفادة من الخطوات التي اتخذتها الصين لتحقيق معدلات نمو سريعة.
وقال كيم، خلال المؤتمر الصحافي، إن الاقتصاد العالمي يسير نحو التعافي، وتتزايد معدلات التجارة، لكنه حذر من ضعف الاستثمار. وأبدى قلقه من ارتفاع إجراءات الحمائية وعدم اليقين في السياسات والاضطرابات المحتملة في الأسواق المالية التي يمكن أن تقوض هذا الانتعاش الهش. ودعا صناع السياسة إلى استغلال معدلات النمو المرتفعة في القيام بإصلاحات، وقال: «إننا نشهد زيادة في معدلات النمو في معظم الاقتصادات النامية والمتقدمة، وهذا هو السبب أن البلدان بحاجة إلى القيام باستثمارات حاسمة الآن، وهذا هو الوقت المناسب لتنفيذ الإصلاحات».
وشدد كيم على دور البنك الدولي في مساعدة الدول على مواجهة التحديات، بما في ذلك التغير المناخي والكوارث الطبيعية والنزاعات والمجاعات، مشيرا إلى خطط البنك الدولي على تخصيص خطوط لتمويل مشروعات التنمية ومساعدة القطاع الخاص لإيجاد حلول لتحقيق أهداف التنمية وتحويل التمويل العام إلى الاستثمار في رأس المال البشري.
وقال: «سنناقش مع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية المجتمعين هذا الأسبوع كيف يمكن للاستثمارات طويلة الأجل في البشر أن تساعد الدول على الاستثمار وتنمية الاقتصاد».وأبدى رئيس البنك الدولي اهتماما كبيرا بقضية تأثير التعليم على تحفيز النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن الدول التي حققت تقدما في مجال الاستثمار البشري وجودة التعليم حققت 1.5 في المائة نموا اقتصاديا بشكل سنوي، مقارنة بالدول التي لم تتقدم في هذا المجال.



النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.