أطل تنظيم داعش برأسه مجددا بعملية انتحارية أمس، استهدفت مجمع محاكم مدينة مصراتة (شمال غربي ليبيا)، قتل فيها 4 أشخاص على الأقل، وأصيب أكثر من 41 آخرين، في وقت كان فيه غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، يبحث مع رئيس المجلس الرئاسي المستشار عقيلة صالح آخر مستجدات العملية السياسية في البلاد، وما تم من تطورات بشأن الحوار الليبي، بالتزامن مع مباحثات رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، والمفوض الأوروبي لسياسات دول الجوار، يوهانس هان.
وأفاد المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، التابعة لحكومة «الوفاق الوطني» في العاصمة طرابلس، بأن «العملية الانتحارية التي وقعت بمحيط مجمع المحاكم بمصراتة قام بها داعشيان، وأن التفجير وقع بعد مواجهة مسلحة مع الانتحاريين لمدة دامت عشرين دقيقة بعد وصولهما إلى المجمع»، مبرزا أن قوات الأمن طوقت محيط المجمع، وتحفظت على سيارة كانت تقل الانتحاريين.
وفور وقوع التفجير أعلنت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش»، أن «أعضاء بالتنظيم نفذوا هجوما على محكمة في مدينة مصراتة».
وجاءت أول إدانة دولية لهذا الهجوم من السفارة الإيطالية لدى ليبيا، إذ قالت في تغريدة لها عبر موقع «تويتر»: «تعازينا لأهالي مصراتة العزيزة الذين فقدوا أبناءهم إثر العمل الإرهابي»، مشيرة إلى أن «المستشفى الميداني الإيطالي تحت تصرف أهالي المدينة». فيما قال مسؤول أمني بارز في حكومة السراج لـ«الشرق الأوسط» إنه «يعتقد أن هذا الهجوم رد فعل انتقامي من تنظيم داعش على الغارات الجوية التي شنتها القوات الأميركية العاملة في أفريقيا (أفريكوم) مؤخرا ضد مواقع وعناصر تابعة للتنظيم في مدينة سرت الساحلية».
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «إنها عملية نادرة، وتمثل اختراقا في صفوف القوات الموالية لحكومة السراج، ونحن نعتقد أنها بمثابة رد على الغارات الأميركية التي تمت بالتنسيق مع القوات الحكومية». وتعد مصراتة معقلا للقوات المسلحة النافذة التي لعبت دورا رئيسيا في العملية، التي أفضت إلى خروج مدينة سرت الساحلية من قبضة تنظيم داعش نهاية العام الماضي.
لكن لا يزال تنظيم داعش يعد قوة مؤثرة في ليبيا، رغم فقدانه السيطرة على سرت، علما بأنه أعاد العديد من مقاتليه الانتشار في مناطق البلاد الجنوبية الصحراوية.
في غضون ذلك، أحدثت تصريحات وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، وصفت بـ«الساخرة» حول الأوضاع في مدينة سرت، ردود فعل متباينة في ليبيا وبريطانيا أيضا.
ونقلت وكالة «رويترز» عن جونسون قوله إن سرت «يمكن أن تكون دبي جديدة إذا ما تمكنت من إزالة الجثث»، وضحك بعض من أعضاء حزب رئيسة الوزراء تيريزا ماي على المزحة قبل أن يغير رئيس الجلسة الموضوع.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي محمد عقيلة العمامي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التدخلات البريطانية تحديدا في ليبيا، تعد من مصائبنا»، وذهب إلى «أنها تلعب أدوارا مريبة، وتخلق نوعا من التباعد بين الأطراف المختلفة»، مذّكرا بالاحتلال البريطاني لبلاده.
وأضاف العمامي موضحا: «سنكون بخير من غير الرؤية الرائعة لبوريس جونسون، وإذا كانت الجثث التي تحدث عنها في سرت تخص جنودنا، أو تعود إلى إرهابيين قاتلناهم هناك، فلسنا في حاجة إلى ما يقوله وسنطهرها من الدخلاء».
غير أن العميد محمد الغصري، المتحدث باسم عملية «البنيان المرصوص»، رأى أن وزير خارجية بريطانيا «لم يقصد السخرية من الليبيين، أو إهانتهم»، مشيرا إلى أن جونسون «تحدث عن جثث الإرهابيين الذين قتلوا في المدينة، ويقدرون بثلاثة آلاف، وما زالت جثثهم موجودة في الشوارع، وفي البنايات التي قاتلناهم فيها، ولم يقصد شيئا آخر... كنا نود أن تتحول سرت إلى مدينة نموذجية، لكن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أهملها ولم يلتفت إليها».
وزاد الغصري قائلا: «حديث بوريس جونسون عن سرت صحيح، وأنا أؤيده فيما ذهب إليه من ضرورة الاهتمام بالمدينة وتحويلها إلى مدينة نافعة، بما يليق بالتضحيات التي بذلت من أجلها».
أما في بريطانيا فقد أثارت تصريحات وزير الخارجية البريطاني عاصفة من الانتقادات، أولها انتقادات وزيرة الخارجية في حكومة الظل إيميلي ثورنبيري، التي قالت إن «حديث بوريس جونسون عن هؤلاء الموتى كمزحة... هو أمر فظ وعديم الشفقة وقاس بشكل لا يصدق. يأتي وقت يتعين فيه وقف التهريج، لأنه إذا كان بوريس جونسون يعتقد أن جثث أولئك الجنود الشجعان والمدنيين الأبرياء الذين قتلوا في سرت موضوعا للنكات، فإنه ليس أهلا بمنصب وزير الخارجية».
من جهتها، قالت النائبة عن الحزب الليبرالي الديمقراطي، جو سوينسون، إن جونسون يفتقر إلى المهارة الدبلوماسية الضرورية لمنصبه، وطالبت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بإقالته.
وقالت سوينسون، إن «هذا التعليق الفظ بشكل لا يصدق حول مسألة بهذه الأهمية هو دليل إضافي على أن بوريس ليس أهلا لهذا المنصب. يتعين على ماي أن ترتب بيتها وأن تقيله».
بدوره، قال الوزير داميان غرين، من المحافظين، إنه «يتعين استخلاص العبر من تصريحات جونسون... على بوريس وكل سياسي في أي وقت أن يكونوا حساسين في استخدام اللغة».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم مجلس النواب، عبد الله بلحيق، إن المبعوث الأممي غسان سلامة التقى رئيس مجلس النواب أمس، وتباحث معه حول مستجدات العملية السياسية في البلاد، وما تم من تطورات بشأن تعديلات اتفاق الصخيرات.
وجاء لقاء سلامة مع رئيس مجلس النواب في مدينة القبة (شرق البلاد)، بعد زيارته العاصمة طرابلس (غرب)، ومشاورات أجراها مع رئيسي المجلسين الرئاسي والدولة لحشد الدعم لما توصلت إليه لجنتا الحوار السياسي المعنيتان بتعديل اتفاق الصخيرات. كما التقى سلامة رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان الذراع الموالية لجماعة «الإخوان المسلمين».
وقال صوان، في بيان نشر عبر صفحة الحزب، مساء أول من أمس، إنه قدم للمبعوث الأممي مذكرة «شارحة للأوضاع القائمة والمراحل التي مرت بها الأزمة الليبية، والأسباب الحقيقية وراءها»، بالإضافة إلى «سبل إنجاح خريطة الطريق المطروحة، ونقاط تسهم في تجاوز العقبات المحتمل أن تواجه تنفيذ مراحل الخريطة».
«داعش» يضرب في مصراتة... وسلامة يحشد لتعديل اتفاق الصخيرات
سخرية وزير الخارجية البريطاني من انتشار الجثث في سرت تثير حفيظة الليبيين
«داعش» يضرب في مصراتة... وسلامة يحشد لتعديل اتفاق الصخيرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة