افتتح البرلمان الموريتاني أمس (الاثنين) دورة برلمانية عادية هي الأولى منذ الاستفتاء الشعبي الذي شهدته البلاد في الخامس من أغسطس (آب) الماضي وتم بموجبه اعتماد تعديلات دستورية اقترحها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. وتلغي التعديلات مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان) وتفتح الباب أمام الدخول في نظام الغرفة البرلمانية الوحيدة (الجمعية الوطنية).
وإن كانت هذه الدورة البرلمانية «عادية» من حيث الصفة القانونية، إلا أنها تأتي في وضعية «استثنائية» تشهد احتقاناً سياسيا كبيراً منذ الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور. إذ تم سجن عضو مجلس الشيوخ المعارض محمد ولد غده بتهمة «الفساد والإخلال بالأمن العام»، ووضع 12 من أعضاء مجلس الشيوخ السابق تحت المراقبة القضائية بعد اتهامهم بالفساد وتلقي رشاوى مقابل التصويت بـ«لا» على التعديلات الدستورية، عندما أسقطها المجلس في مارس (آذار) الماضي.
كما أصدر القضاء الموريتاني خلال الأيام الماضية مذكرات توقيف دولية في حق عدد من المعارضين المقيمين خارج البلاد، بينهم رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو، المقيم في المغرب منذ سنوات، والذي يوصف بأنه معارض «شرس» للنظام القائم في نواكشوط، بالإضافة إلى مدير أعماله محمد ولد الدباغ الذي تتهمه الحكومة الموريتانية بالتورط في قضية الرشوة المزعومة لأعضاء في مجلس الشيوخ مقابل إسقاطهم التعديلات الدستورية الأخيرة.
وفيما كانت الجمعية الوطنية تفتتح الدورة البرلمانية أمس بمقرها في نواكشوط، كانت الأجهزة الأمنية ووحدات مكافحة الشغب تحاصر مبنى مجلس الشيوخ، خشية أن يتوجه أعضاء المجلس نحو المبنى للتعبير عن رفضهم التعديل الدستوري الأخير الذي يلغي مجلسهم.
وقد دأب الشيوخ على الاعتصام أمام المبنى كل يوم خميس بالتزامن مع الاجتماع الأسبوعي للحكومة في القصر الرئاسي، غير البعيد من مقر مجلس الشيوخ. وقال مصدر من الشيوخ لـ«الشرق الأوسط» إنهم ينوون القيام بخطوات تصعيدية تجاه الدورة البرلمانية الجارية، من دون أن يكشف عن طبيعة هذه الخطوات.
وبموجب التعديلات الدستورية الأخيرة، تمت إحالة كل صلاحيات مجلس الشيوخ إلى الجمعية الوطنية. وفي كلمته بافتتاح الدورة البرلمانية، قال رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد ابيليل إن التعديل الدستوري الأخير «كرس تفرد غرفتنا الموقرة بالسلطة التشريعية، وهي مكانة – في نظامنا المؤسسي – جديرة بأن تقدّر حق قدرها، حيث ألقيت على عواتقنا مسؤولية مضاعفة تستدعي التشمير عن سواعد الجد ولا شك أنكم أهل لتلك المسؤولية كما عهدناكم دائماً».
وأشار ولد ابيليل إلى أن افتتاح الدورة البرلمانية يأتي في «ظرفية مميزة تعقب استحقاقاً انتخابياً تمثل في الاستفتاء الدستوري الذي دعا له رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ونطق فيه الشعب بكلمته الفصل». وأضاف أن الاستفتاء الشعبي «أفسح المجال لنفاذ الترتيبات الدستورية القاضية بإلزامية نيل برنامج الحكومة – بعد تشكيلها – لثقة الجمعية الوطنية واعتماد نظام جديد للدورات البرلمانية، كما كرس تفرد غرفتنا الموقرة بالسلطة التشريعية»، على حد تعبيره.
وحول نظام الغرفة البرلمانية الوحيدة، قال رئيس الجمعية الوطنية إنه «يتيح تسريع المسطرة التشريعية، إلا أنه في الوقت ذاته يتطلب منا قراءة متأنية للنصوص ومراجعة دقيقة لها (...) إن علينا أن نبذل قصارى الجهد من أجل التأقلم مع هذه الوضعية، مستفيدين من تراكم تجاربنا وجادين في استحداث أنماط جديدة من العمل تواكب التطورات الجديدة».
البرلمان الموريتاني يفتتح دورته الأولى منذ تعديل الدستور
تدشين مرحلة برلمان الغرفة الواحدة في ظل احتقان سياسي
البرلمان الموريتاني يفتتح دورته الأولى منذ تعديل الدستور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة