ترقب قلق في كاتالونيا قبيل الاستفتاء

تشكيل لجان شعبية للدفاع عن تنظيمه... ودعوات للتظاهر في كل أنحاء الإقليم

ترقب قلق في كاتالونيا قبيل الاستفتاء
TT

ترقب قلق في كاتالونيا قبيل الاستفتاء

ترقب قلق في كاتالونيا قبيل الاستفتاء

ساعات وتبدأ عملية الاستفتاء على انفصال إقليم كاتالونيا، في شمال إسبانيا، إلا أن حالة من التوتر بدأت تسود المشهد، وتزيد من حالة احتقان في الشارع الإسباني، إثر التراشق الكلامي والإعلامي بين الحكومة المركزية في مدريد الرافضة لإجراء الاستفتاء من جانب، والحكومة الكاتالونية المنادية بالانفصال عن إسبانيا من جانب آخر.
وتصر القيادات الانفصالية في إقليم كاتالونيا على المضي في قرار عقد الاستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وذلك رغم قرار قضائي من المحكمة العليا الإسبانية أقر صراحة بعدم شرعية عقد الاستفتاء، كما بدأت الحكومة المركزية الإسبانية في مدريد بشن حملة إعلامية شرسة في الجرائد ووسائل الإعلام المحلية والدولية، منادية بعدم شرعية ما يحدث، وأرسلت بعدد من رسائل التهديد والوعيد لكل من ينظم الاستفتاء، أو حتى يساعد في إجرائه، وهو ما دفع إلى حالة من العناد في صفوف الانفصاليين الكاتالونيين.
ولم تقتصر حكومة مدريد على التهديد والوعيد، بل قامت باعتقال عدد كبير من قيادات الانفصال في إقليم كاتالونيا، عبر مداهمات أمنية، إضافة إلى مصادرة صناديق الاقتراع، وعدد من المنشورات، في سابقة هي الأولى من نوعها، لم يعهد عليها الإسبان منذ قيام الديمقراطية في المملكة الإسبانية، خصوصاً بعد انتهاء حكم الجنرال فرانكو، مما أثار الجدل حول التعامل الأمني ضد الانفصاليين.
كذلك قامت مدريد بإرسال سفن ضخمة محملة بعناصر من الأمن التابع لمدريد، وتحديداً «الأمن الوطني»، وذلك للوجود في الإقليم تمهيداً لأي أعمال عنف قد تحدث، وهو ما يثير دلالات حول عدم الثقة المتبادلة بين جهاز الأمن المركزي التابع لمدريد وجهاز الأمن التابع لإقليم كاتالونيا، المسمى «موسوس دي اسكوادرا»، وهو ما يظهر حالة التوتر القائمة في مدريد تخوفاً مما قد يفرزه استفتاء الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
ويرى عدد من المحللين أن هناك احتمالات بعدم استجابة عدد من أفراد الأمن التابعين لإقليم كاتالونيا والانصياع لقرارات مدريد، وهو ما دفع إلى الزج بعناصر «الحرس الوطني»، الجهاز الذي بدأ بالفعل العمل على الأرض، وصادر أخيراً عدداً كبيراً من المنشورات في الإقليم، لمنع الاستفتاء.
وفي هذه الأثناء، بدأ عدد كبير من سكان إقليم كاتالونيا، من تشكيل ما يسمى «لجان الدفاع عن الاستفتاء»، وهي لجان من المتطوعين ستقوم بالنوم داخل المدارس أو مراكز الاقتراع عشية بدء عملية الاستفتاء، وذلك لمنع الأمن الإسباني من غلق مراكز الاقتراع، التي أكدت الحكومة المركزية أنها ستقوم بغلقها، بل قامت مدريد بإرسال موظفين من وزارة العمل ووزارة التعليم لتسلم مفاتيح المدارس، للتأكد من غلقها يوم الأحد.كما بدء عدد كبير من سكان الإقليم بالتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم لجان الدفاع عن الاستفتاء، عبر تنظيم فعاليات رياضية وثقافية، لضمان فتح مراكز الاقتراع، والمبيت داخلها، والتظاهر حولها، لمنع اقتراب جهاز الأمن الإسباني منها.
من جهة أخرى، دعت السلطات الألمانية مواطنيها في كاتالونيا إلى توخي الحذر، خشية حدوث «تصعيد». وقبل يومين من موعد الاستفتاء، عدلت الخارجية الألمانية على موقعها على الإنترنت التوصيات للمسافرين، ونصحت الألمان الموجودين في كاتالونيا بـ«متابعة وسائل الإعلام المحلية، وتفادي التجمعات الكبرى، والتقيد حرفياً بتوصيات قوات الأمن».
وشددت الوزارة على أن «الشرطة والقضاء الإسبانيين سيسعيان إلى منع الاقتراع. ويمكن أن تنظم تظاهرات كرد فعل، خصوصاً في برشلونة»، عاصمة إقليم كاتالونيا. ومن غير المستبعد حدوث تصعيد. وتشمل سيناريوهات التصعيد المواجهات بين عناصر الأمن والمواطنين، إضافة إلى حملات اعتقال غير مسبوقة، كما أن هناك احتمالات بإجراء الاستفتاء وإعلان نتيجة الانفصال، مما سيدفع إلى مواجهات ضخمة بين الأمن والمتظاهرين. وتشهد إسبانيا منذ بداية سبتمبر (أيلول) 2017 أسوأ أزمة سياسية منذ نحو 40 عاماً، بحسب مسؤوليها كافة.
في الوقت ذاته، أعلن قادة الإقليم أنهم ينوون توفير 2300 مكتب تصويت يوم غد (الأحد)، لتمكين الكاتالونيين من المشاركة في الاستفتاء حول تقرير المصير. وقال المتحدث باسم حكومة كاتالونيا، جوردي تورول، في مؤتمر صحافي في برشلونة عاصمة الإقليم، إن المكاتب جاهزة، وهناك أكثر من 5 ملايين منتخب على أهبة الاستعداد للتصويت.
وأوضح تورول أن مدينة برشلونة وحدها تحتوي على 1.6 مليون منتخب، وسيفتح فيها أكثر من مائتي مكتب تصويت.
وعرض المتحدث، خلال المؤتمر، صندوق تصويت أبيض اللون شبه شفاف، ممهوراً بشعار حكومة كاتالونيا. وهي صفقة من الصناديق اشترتها حكومة الإقليم من شركة صينية من موقع «علي بابا» الشهير، وذلك لإتمام عملية التصويت. وأشارت صحيفة «البايس» الإسبانية إلى أن هناك صفقة لصناديق اقتراع قد بيعت من جهة في فرنسا، وهناك شكوك من انتقالها من فرنسا المجاورة للإقليم إلى كاتالونيا.
ودعا نائب رئيس كاتالونيا، أوريول جونكيراس، من جهته المواطنين في الإقليم إلى التصويت والالتزام بالمظهر الحضاري.
ومنذ أسابيع، تسعى سلطات كاتالونيا إلى إخفاء صناديق الاقتراع وبطاقات التصويت، خوفاً من مصادرتها من قبل السلطات المركزية. كما تعمل على فتح مواقع إلكترونية لتمكين الناخبين من معرفة أمكنة مراكز الاقتراع للاستفتاء.
وكانت رئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو قد دعت الاتحاد الأوروبي للقيام بوساطة في الأزمة بين مدريد وحكومة إقليم كاتالونيا، وذلك في مقالة نشرتها صحيفة «غارديان» البريطانية، الخميس الماضي.
وكتبت أن من واجبها كرئيسة بلدية البحث عن وساطات لحل تفاوضي ديمقراطي، وأضافت أن برشلونة لا تريد تصادماً له عواقب غير متوقعة، وأنها على قناعة بأن الأوروبيين يريدون الشراكة.
وعلى الرغم من معارضة رئيسة البلدية كولاو فكرة الاستقلال، فإنها نددت بتصرفات «الحكومة المتصلبة»، برئاسة رئيس الوزراء ماريانو راخوي، متهمة إياها بأنها فاقمت الأزمة مع حكومة إقليم كاتالونيا، وهو ما دفع سكان الإقليم كافة، من الموافقين والرافضين للاستفتاء، إلى احترام الديمقراطية، والوقوف في وجه حكومة مدريد التي وصفت بتعاملها غير الحكيم، إثر حملة من الاعتقالات والمداهمات. واعتبرت أن التحرك القضائي ضد مسؤولين كاتالونيين لن يساعد إلا في زيادة التوترات الاجتماعية، ومنع أي إمكانية في إيجاد حل للنزاع.
وتعد هذه الأزمة من أكبر الأزمات السياسية في إسبانيا، ويثير الاستفتاء انقسامات كبيرة في إقليم كاتالونيا، البالغ عدد سكانه نحو 7.5 مليون نسمة، ويمثل نحو خمس اقتصاد إسبانيا.
وصادر الحرس الوطني التابع لمدريد نحو 2.5 مليون بطاقة تصويت، و4 ملايين مغلف في مستودع في إيغالادا، بالقرب من برشلونة. كما عثر على نحو مائة صندوق اقتراع، لكن لم يعرف ما إذا كانت كلها مرتبطة بالاستفتاء.
وعلى الرغم من الانقسام بين الكاتالونيين بشأن الاستقلال عن إسبانيا، ترغب أغلبية السكان في تنظيم اقتراع قانوني، لكن الحكومة الإسبانية، برئاسة ماريانو راخوي، والقضاء قررا حظر الاستفتاء.



قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
TT

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ، وفقاً لاتفاق صعب تم التوصل إليه في قمة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29) في باكو بأذربيجان.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.

واتفقت الدول أيضاً على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون التي يقول المؤيدون إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكان من المقرر اختتام القمة أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد القادم.

ورفضت الدول النامية أمس الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين. وتعاني الدول النامية من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

وكشفت محادثات كوب29 عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية، كما جعلت الإخفاقات السابقة في الوفاء بالتزامات التمويل المناخي الدول النامية متشككة في الوعود الجديدة.

وبعد إعلان الاتفاق، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي، وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ «عملنا بجدّ معكم جميعا لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار ثلاث مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش في بيان «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساسا لمواصلة البناء عليه».