بارزاني «يتجاوب» مع مبادرة علاوي

أبدى استعداده «للتريث عامين» و«عدم فرض الأمر الواقع»

مسافرون إلى إسطنبول ينتظرون إجراءات التسجيل في مطار أربيل الدولي أمس عشية تعليق الرحلات الخارجية منه وإليه اليوم (أ.ف.ب)
مسافرون إلى إسطنبول ينتظرون إجراءات التسجيل في مطار أربيل الدولي أمس عشية تعليق الرحلات الخارجية منه وإليه اليوم (أ.ف.ب)
TT

بارزاني «يتجاوب» مع مبادرة علاوي

مسافرون إلى إسطنبول ينتظرون إجراءات التسجيل في مطار أربيل الدولي أمس عشية تعليق الرحلات الخارجية منه وإليه اليوم (أ.ف.ب)
مسافرون إلى إسطنبول ينتظرون إجراءات التسجيل في مطار أربيل الدولي أمس عشية تعليق الرحلات الخارجية منه وإليه اليوم (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني أبلغ نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، أمس، باستعداده للتجاوب مع المبادرة التي طرحها الأخير لاحتواء الأزمة المتصاعدة بين بغداد وأربيل، على خلفية استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم منفرداً الاثنين الماضي.
وقالت مصادر عراقية مطلعة على تفاصيل المبادرة، إن بارزاني أرسل رداً مكتوباً على المبادرة، أمس، أبدى فيه استعداده «للتريث حتى عامين، نتواصل فيهما عبر حوار بناء ممتد لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تجعل منا معاً شريكين في بناء المستقبل لشعبينا، من دون أن نفرض الأمر الواقع على أي منطقة»، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها، وضمنها كركوك، التي عرضت مبادرة علاوي الاحتكام إلى الدستور بشأنها.
وأشار بارزاني في رده إلى أن «دعوتكم إلى الحوار كأداة لمعالجة القضايا الخلافية ونبذ أسلوب التهديد والتعنت والتلويح بالقوة هو ما دعونا إلى اعتماده منذ اندلاع الأزمة واقترانها بتوجهنا للاستفتاء على تقرير مصيرنا وما زلنا عند نفس الخيار، خيار الحوار الممتد المفضي إلى التفاهم، بعيداً عن لي الأذرع وفرض الإرادات».
ولفت إلى أنه يجد في المبادرة «عناصر تشكل أساساً للعودة إلى منطق العقل والحكمة، ومنصة لتعبئة القوى والأحزاب والكتل المشاركة في الحكم وخارجها، تأخذ على عاتقها البحث بمنطق الحقوق والعدل والتفاهم في كل ما يزيل الاحتقان الذي يريد البعض له أن يظل مشحوناً، وهذا البعض هو من يتربص لاقتناص الفرصة ويُجهز على كل ما تبقى من إمكانات كفيلة بتحقيق تطلعات الأشقاء العراقيين إلى الدولة المدنية الديمقراطية المبنية على قاعدة المواطنة الحرة والمؤسسات الضامنة للحريات والعدالة الاجتماعية».
ولفت إلى أن «الاستفتاء لا يعني قيام الدولة مباشرة، بل نحن مستعدون للتريث حتى عامين نتواصل فيهما عبر حوار بناء ممتد لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تجعل منا معاً شريكين في بناء المستقبل لشعبينا من دون أن نفرض الأمر الواقع على أي منطقة».
واعتبر أن «في مبادرتكم عناصر إيجابية، خصوصاً الدعوة إلى وقف التصعيد والتعبئة وتجنيد البرلمان ليتخذ قرارات عقابية، وبضمنها دعوات مبطنة لإعلان الحرب فوراً، بما يتعارض مع الدستور الذي يتباكون عليه». وأضاف: «إننا منفتحون على مبادرتكم ومستعدون للتعاون معكم».
وكان علاوي أعلن مبادرة لاحتواء الأزمة التي أثارها الاستفتاء الكردي، ناشد عبرها بارزاني وقيادة الإقليم «تجميد نتائج الاستفتاء خلال مرحلة انتقالية بناءة يجري فيها حوار وطني مسؤول وبنّاء لمعالجة كل أوجه الخلاف، بما يضمن ويحافظ على الإرث المشترك ويعززه ويكرس كل ما يوطد الأخوة العربية الكردية، ويؤدي إلى تحقيق العراق الاتحادي الديمقراطي الموحد».
وطالبت المبادرة بإخضاع مصير كركوك والمناطق المتنازع عليها «لنصوص المادة 140 من دستور البلاد ومعالجة أوجه الإخلال بما يعمق المشاركة الوطنية ويستجيب لمصالح كل الشرائح فيها ويطفئ فتيل إثارة الفتنة فيما بينها».
ودعت «السلطة وأطراف العملية السياسية، وبشكل خاص قوى التحالف الوطني والكرد»، إلى «التخلي عن الدعوة إلى التصعيد واستخدام لغة الانتقام والوعيد والتلويح بالحل العسكري». كما طلب من الحكومة والجيش «الوقوف بحزم ضد أي انتهاك لحرمة كل المواطنين، ورفض تدخل أي طرف في النزاع، ولا مواجهة مسلحة إلا مع الإرهاب وداعش والإرهاب التكفيري».
ودعا «التحالفات المشاركة في السلطة إلى البدء بحوارات عملية بناءة على مدار الأسابيع المقبلة للشروع باتخاذ كل ما يلزم لتصفية المظاهر التمييزية والاقتصادية والانفراد بالحكم، وصولاً عبر التشريعات التوافقية غير المعرقلة إلى تصفية منظومات المحاصصة الطائفية والمذهبية، وتعديل كل القوانين التي تتعارض مع روح الدستور بإقامة الدولة الديمقراطية المدنية، دولة القانون والحريات والمواطنة».
وحذر «الدول الإقليمية من التدخل في الشأن الداخلي العراقي بأي وسيلة تصدع وحدة العراقيين، وعلى الحكومة تنبيه الدول المعنية». كما رفض «انفراد التحالف الوطني بالحوار مع الأشقاء الكرد»، مطالباً بـ«التوجه لتشكيل لجنة وطنية عليا تقوم بهذه المهمة».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.