أنقرة تبلغ ممثل بارزاني برفض عودته

تحاول الإبقاء على العلاقات الاقتصادية رغم التصعيد السياسي

TT

أنقرة تبلغ ممثل بارزاني برفض عودته

أبلغت تركيا ممثل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، برفض عودته إلى أنقرة، على خلفية استفتاء الاستقلال الذي أجراه الإقليم الاثنين الماضي، فيما ترأس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى لبحث الخطوات التي ستتخذها تركيا في مواجهة الاستفتاء. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده أبلغت المبعوث الكردي عمر ميراني، بعدم العودة إلى تركيا بعد الاستفتاء. وأضاف في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن سلطات بلاده كانت ستطلب من ممثل الحزب الكردي مغادرة أراضيها لو كان موجوداً في أنقرة، غير أن ممثل حزب بارزاني موجود حالياً في أربيل.
وقال جاويش أوغلو: «لم نكتف بطلب عدم إجراء الاستفتاء غير المشروع؛ بل شرحنا لإدارة الإقليم لماذا يجب الامتناع عن هذه الخطوة، وأبلغناهم كيف سنساعدهم في حال إلغائهم ذلك، وبالمقابل أخبرناهم عن العواقب التي سيواجهونها إذا ما أقدموا على الاستفتاء».
ورأى أن «موقف بارزاني حالياً ضعيف تجاه حكومة بغداد، وكان بإمكانه الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع بغداد بقوة لو ألغى الاستفتاء». وعدّ أن «هدف بارزاني الوحيد هو المحافظة على كرسيه في الرئاسة، بعد أن فقد كثيرا من قوته في الإقليم، لأن الأحزاب الأخرى تعارضه. وللحفاظ على كرسيه، يزج بمستقبل الأكراد في خطر».
وجدد الوزير تأكيده أن أنقرة ستقيم كل الطلبات التي تقدمت بها الحكومة المركزية العراقية في أعقاب الاستفتاء، بما في ذلك إجراء عمليات عسكرية مشتركة مع بغداد. وعما إذا كانت الحكومة التركية ستغلق قنصليتها في أربيل، قال: «عندما فتحنا قنصليتنا في أربيل لم نستأذن إدارة الإقليم، بل طلبنا موافقة الحكومة المركزية في بغداد، لذا؛ فإننا سنخاطب وزارة الخارجية العراقية». وعن المناورات العسكرية المشتركة التي تجرى بالقرب من الحدود العراقية، أكد أن «تركيا تدعم وبقوة وحدة أراضي الجار العراق وتعمل على الحفاظ على سلامة حدوده».
في السياق ذاته، شدد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على أن استفتاء كردستان «غير مشروع» وأن الحزب «لن يسمح أبدا بتغيير حدود المنطقة». وقال نائب رئيس الحزب الناطق باسمه ماهر أونال، عقب اجتماع للجنة المركزية برئاسة إردوغان، أمس، إن «تركيا لن تسمح أبدا بتغيير حدود المنطقة عقب الاستفتاء غير المشروع لانفصال إقليم شمال العراق... حدود تركيا ثابتة ومعروفة». وتواصلت المناورات العسكرية التركية لليوم العاشر في قضاء سيلوبي بولاية هكاري قرب معبر خابور الحدودي مع العراق، بمشاركة وحدات تابعة للقوات المسلحة العراقية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، أن العلاقات التجارية بين تركيا وإقليم كردستان «ينبغي ألا تتأثر بإجراء الاستفتاء»، مشيراً إلى أن «العلاقات الاقتصادية والتجارية لا تزال كما هي ولم يطرأ عليها أي تغيير». وقال في تصريحات أمس إنه «خلال الأزمة مع روسيا في 2015 كان تقليص الأعمال التجارية الخطوة الأولى التي اتخذتها موسكو؛ إذ حاولت تلقين تركيا درساً بهذه الطريقة، وهذا كان خطأ كبيراً، وأعتقد أنه ليس من الصواب أن نكرر هذا الخطأ ضد حكومة إقليم كردستان العراق».
ولفت إلى أن اجتماع مجلس الوزراء التركي يوم الجمعة الماضي «لم يصدر أي قرار بفرض حصار اقتصادي على حكومة إقليم كردستان»، عادّاً أن «فرض عقوبات من هذا النوع من قبل دولة مثل تركيا التي تريد أن تصبح مركزاً تجارياً ومالياً مهماً، أمر خطير».
لكنه أضاف أنه «إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي إصدار قرارات أخرى، فإننا سنخطو بهذا الاتجاه، لكن سياستنا الحالية في وزارة الاقتصاد تتمثل في إبقاء العلاقات التجارية مع حكومة إقليم كردستان على طبيعتها وكما هي عليه الآن، ولم يتمخض عن الاجتماع الأخير للحكومة أي قرار لتغيير رؤيتنا هذه حول المسألة».
وأشار إلى أن الحكومة لم تقرر إغلاق منافذها التجارية مع إقليم كردستان والمتمثلة بمعبر خابور الحدودي (إبراهيم الخليل) بشكل أحادي، قائلاً إن «حجم التبادل التجاري الحالي بين العراق وتركيا يبلغ 8 مليارات دولار؛ منها 2.5 مليار دولار مع إقليم كردستان... ويمارس عدد كبير من التجار الأتراك أعمالهم في إقليم كردستان وتبلغ مستحقاتهم لدى حكومة الإقليم 1.8 مليار دولار». وأضاف أن «فرض عقوبات اقتصادية على إقليم كردستان سيؤدي إلى وقف أعمالنا التجارية وعمليات التصدير».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.