روما تفشل في جمع «مجلسي الرقة» بعد مقاطعة «الحكومة المؤقتة»

رئيسة الفيدرالية مستعدة للتفاوض مع دمشق

TT

روما تفشل في جمع «مجلسي الرقة» بعد مقاطعة «الحكومة المؤقتة»

فشلت محاولة تشكيل مجلس مشترك لمدينة الرقة عبر دمج المجلسين التابعين لـ«قوات سوريا الديمقراطية» و«الحكومة المؤقتة»؛ ذلك بعد رفض الأخير المشاركة في المؤتمر الذي دعت إليه إيطاليا في اليوميين الماضين.
وقال سعد الشويش، رئيس المجلس التابع للحكومة المؤقتة: إن رفض المشاركة جاء لاقتصار البحث على المدينة وليس كامل المحافظة، في حين امتنعت الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» ليلى مصطفى عن التعليق على الموضوع في اتصال مع «الشرق الأوسط». وأكّدت معلومات لـ«الشرق الأوسط» أن «مصطفى ورئيس المجلس المشترك عمر علوش، إضافة إلى خمسة أشخاص آخرين غادروا إلى روما ويشاركون في الاجتماعات حول مستقبل الرقة».
وقال سعد فهد الشويش لـ«الشرق الأوسط» وفق الدعوة التي تلقيناه «إيطاليا هي التي تنظم المؤتمر بدعم من وزارة الخارجية الأميركية»، وأكدوا لنا أن «الأمر سيكون بعيدا عن الإعلام بشكل قاطع». وأضاف: «لكن بعد رفضنا المشاركة باتت المفاوضات تقتصر على ممثلين من (مجلس سوريا الديمقراطية) وشخصيات عربية من أبناء الرقة، ولغاية الآن لا نعلم ماذا سينتج منها».
وأوضح، أن رفض المشاركة «كان بسبب تجاهل المطالب التي قدّمتها شرطا لحضورها، وأهمها أن يشمل البحث كامل محافظة الرقة، وألا يقتصر فقط على المدينة». في المقابل، قالت مصادر معارضة من الرقة لـ«الشرق الأوسط» إن المؤتمر سيكون تكريسا لسلطة «سوريا الديمقراطية» على المناطق الخاضعة لسيطرتها في ريف الرقة وللتقسيم في سوريا، معتبرة أن رفض البحث في مستقبل كامل المحافظة هو تأكيد على هذا الأمر، وبخاصة فيما يتعلق بالمناطق الواقعة ضمن نظام الأكراد الفيدرالي وتحديدا في إقليم «الفرات»، وفق تسمية «سوريا الديمقراطية»، أهمها مقاطعة تل أبيض وناحيتا عين عيسى والسلوك، حيث من المرجح أن تكون «عين عيسى» مقرا للمجلس المحلي الذي سينبثق عنه المؤتمر.
وكان «حزب الاتحاد الديمقراطي» أعلن في مارس (آذار) 2016 النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم التي قسموها إلى ثلاثة أقاليم، هي الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب).
وقال الشويش: «كان الهدف من الدعوة إلى المؤتمر هو تشكيل مجلس محلي، وبالتالي اختيار شخصيات عربية لإدارة المدينة على أن تبقى الإدارة العسكرية لـ(قوات سوريا الديمقراطية)، وهو الأمر الذي لا نقبل به لأننا على يقين أن المجلس المحلي سيكون واجهة فقط لإدارة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الفعلية، وهو ما سيجعل أيضا عودة أهالي الرقة إلى منازلهم غير مضمونة على غرار ما حصل في منطقة تل أبيض التي يبدو أن أميركا سلمتها لـ(سوريا الديمقراطية)»، ويشير الشويش إلى أن توقيت هذا المؤتمر أتى استباقا لإعلان التحرير الكامل للرقة الذي من المتوقع أن يتم بعد ثلاثة أسابيع من المؤتمر وفق المعلومات التي وصلت إلينا.
وأوضح الشويش، أن مجلس الرقة، كان قدم شروطا معينة للمشاركة في المؤتمر، أهمها أن يتم البحث في مستقبل كامل المحافظة وليس فقط المدينة، وهي عودة جميع النازحين واللاجئين إلى مدنهم وقراهم في الرقة دون قيد أو شرط، وإطلاق سراح المعتقلين لدى «سوريا الديمقراطية» وإنشاء جهاز شرطة من أبناء الرقة وجهاز قضائي من القضاة والمحامين والعمل وفق القانون السوري، إضافة إلى تشكيل مجالس محلية للرقة التي نتمسك بأن تبقى واحدة وموحدّة دون تجزئة، وطرد كل المقاتلين الأجانب إلى أي جهة، لكن الرد الأميركي كان باعتبارها مطالب جديرة بالبحث، إنما التركيز اليوم هو على المدينة وليس المحافظة؛ لذا كان ردنا برفض المشاركة.
وفي بيان له، أوضح مجلس محافظة الرقة، الأسباب التي أدت إلى عدم مشاركته في المؤتمر وهي «أن أجندته غير واضحة واقتصار التفاوض حول المدينة واستثناء المحافظة كاملة بحدودها الإدارية، كما تجاهله لقضية عودة النازحين والمهجرين إلى قراهم ومساكنهم من أبناء المحافظة»، وأكد البيان أن «كل من يشارك بهذا المؤتمر لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل محافظة الرقة».
من جهتها، أعلنت «الرئاسة المشتركة للهيئة التنفيذية لفيدرالية شمال سوريا»، في بيان لها أمس، استعدادها لـ«الحوار والتفاوض»، بعدما أدى ما أسمته «الإصرار في العنجهية من قبل النظام والائتلاف السوري «إلى فشل كل محاولتنا»، رغم أن القوى الديمقراطية التي تواجدت شمال سوريا كانت منذ البداية أصحاب مشروع الحل، ويملكون الإرادة السياسية للتفاوض، فإنه «تم إقصاؤهم وتهميشهم». وقالت: «نحن أصحاب مشروع يملك إمكانية حل كل القضايا في سوريا، وباسم كل المكونات الموجودة نملك الإرادة السياسية للبدء في التفاوض بصدد النظام الفيدرالي الديمقراطي الذي نراه حلا شاملا لكل سوريا».
وردت تصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي قال فيه: إن إقامة نظام إدارة ذاتية للأكراد في سوريا أمر قابل للتفاوض والحوار، بالقول: «رغم أن تصريحه جاء متأخرا فإننا نعتبره أمرا إيجابيا؛ لأننا مؤمنون بأن الخيار الوحيد من أجل إنهاء الأزمة في سوريا هو التفاوض وفق أسس مبدئية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.