مخاوف في الشارع السوري من تقسيم بالعراق

TT

مخاوف في الشارع السوري من تقسيم بالعراق

اعتبر إعلام النظام السوري أن ردود الفعل الإقليمية على الاستفتاء في كردستان العراق «تأخرت كثيراً، والتحذيرات الدولية جاءت إلى حدٍّ بعيد باهتة وباردة».
وقالت جريدة «الثورة»، التابعة لحكومة النظام في افتتاحيتها، يوم أمس، إن ردود الفعل الدولية «لا تتناسب ولا تتوافق مع خطورة ما تنطوي عليه المجازفة التي يحملها مشروع الاستفتاء الكردي»، الذي يرمي بحسب الصحيفة، إلى «تدشين المرحلة التمهيدية من مشروع التقسيم الجديد للمنطقة، بعد أن استنفد (سايكس بيكو) مبررات وجوده، وانتهت إلى حدٍّ بعيد مفاعيله السياسية التي كرست واقعا أتاح للغرب وإسرائيل أن يعربدا في طول المنطقة وعرضها»، لافتة إلى أن «المنطقة لا تستطيع أن تقبل التشظيات المقبلة»، وقد وصفت صحيفة «الثورة» مشروع الاستفتاء الكردستاني بـ«حجر الشيطان».
وكان النظام السوري وعلى لسان وزير خارجيته وليد المعلم قد أعلن رفض النظام «بشكل قاطع للاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن الدولة العراقية»، قائلا إن «سوريا تدعم وحدة العراق».
تقول أمل (55 عاما) وهي مدرسة جغرافيا في إحدى ثانويات دمشق، إنها تؤيد حق الأكراد في تقرير مصيرهم، لكنها «ضد اقتطاع أراض من العراق أو سوريا لإقامة كيان مستقل». وبرأيها أن من شأن ذلك جر دول المنطقة إلى مزيد من الانقسامات والتقسيم على أسس الإثنيات والقوميات والأديان، في وقت «نحتاج فيه إلى تعزيز قيم المواطنة والعدالة وإقامة دول تنتمي للعصر الراهن تضم الجميع وتعترف بحقوق الجميع، وهو ما فشلت في تحقيقه الأحزاب القومية العربية خلال أكثر من نصف قرن»، مشيرة إلى أن «القومية العربية فشلت، لأنها قامت على أساس شوفيني يلغي الآخر، استغلت قياداتها السلطة لتكريس تسلطها». واعتبرت أن «الأكراد يخطئون إذ يكررون تجربة القومية العربية»، مؤكدة أن الدول الناجحة اليوم هي تلك القائمة على أساس «جامع لمختلف الأطياف والألوان ضمن نظام ديمقراطي».
أستاذ الجامعة المهندس الذي يبلغ 60 عاما، رأى أن ما يحصل الآن في المنطقة هو «نتيجة لفشل بناء الدولة الحديثة في المنطقة، ما شجع الجماعات ذات الهوية الخاصة التي لها تجاربها في الدفاع عن نفسها، على العمل الحثيث لتحقيق طموحها بالاستقلال وتقرير المصير، وجاء هذا الظرف التاريخي فرصة سانحة لتحقيق هذا الطموح».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.