ميلادينوف من غزة: اتفاق القاهرة فرصة أخيرة للفلسطينيين

بحث مع هنية في لقاء مغلق وجود فريق أممي لمراقبة تطبيقه

ميلادينوف (أ.ف.ب)
ميلادينوف (أ.ف.ب)
TT

ميلادينوف من غزة: اتفاق القاهرة فرصة أخيرة للفلسطينيين

ميلادينوف (أ.ف.ب)
ميلادينوف (أ.ف.ب)

قال نيكولاي ميلادينوف، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن اتفاقات القاهرة تمثل الفرصة الأخيرة بالنسبة للفلسطينيين. وأضاف ميلادينوف من قطاع غزة أنه يجب استغلال هذه الفرصة جيداً. وجاءت تصريحات ميلادينوف، بعدما التقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وقائد الحركة بغزة يحيى السنوار، وقيادات أخرى، لبحث ملف المصالحة الفلسطينية، وتطبيق التفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية المخابرات المصرية في القاهرة مؤخراً.
والتقى ميلادينوف مع هنية وقيادة حماس في مكتب الأخير بمدينة غزة، بعيداً عن وسائل الإعلام، وبشكل مغلق من دون أي تصريحات. لكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن ميلادينوف وهنية بحثا إمكانية وجود فريق من الأمم المتحدة لتسهيل عملية تطبيق تفاهمات القاهرة الأخيرة، وإن موقف حماس كان إيجابياً، وإنها لا تمانع من مثل هذه الخطوة المهمة.
وأشارت المصادر إلى أن الجانبين بحثا ضرورة أن تقوم حكومة «الوفاق الوطني»، التي تم تشكيلها في يونيو (حزيران) 2014، بعد «إعلان الشاطئ» بين حركتي فتح وحماس، بمهامها كافة، وتحل الأزمات الإنسانية في قطاع غزة بمساعدة المجتمع الدولي.
وسبق ذلك الاجتماع، لقاء جمع المبعوث الأممي مع قيادات من الفصائل الفلسطينية، بغياب حركة فتح، ومشاركة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وفصائل أخرى، لبحث تفاهمات القاهرة والوضع الأمني بغزة والحصار المفروض على القطاع والأزمات الإنسانية.
وقال ميلادينوف عقب اجتماعه بالفصائل، إن تفاهمات القاهرة تمثل الفرصة الأخيرة لإتمام المصالحة الفلسطينية، محذراً من تفويت هذه الفرصة. وأضاف: «يجب أن تعمل كافة الأطراف من أجل استغلال هذه الفرصة، وإنجاحها دون أي عقبات قد تعيق إتمام المصالحة».
وأشار ميلادينوف إلى أنه ناقش مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خطة يسهم من خلالها وفد من الأمم المتحدة في إنجاح تطبيق الاتفاق، وتمكين حكومة الوفاق من تسلم مهامها بغزة. وتعهد ميلادينوف بأنه سيراقب شخصياً، إلى جانب مسؤولين في مكتبه، عملية تسلم الحكومة مهامها والعمل بشكل مشترك لحل الأزمات في القطاع.
وأكد ميلادينوف أن المجتمع الدولي يدعم تفاهمات القاهرة، وأنه لا يوجد أي طرف دولي يعارضها، حتى داخل الأمم المتحدة، بما في ذلك الأطراف الرئيسية التي تؤيد جميعها عودة الحكومة الشرعية للقطاع لإنهاء الوضع الإنساني الصعب في غزة. وقال إن ذلك يشمل إسرائيل التي «لديها مصلحة في إنهاء الوضع القائم بغزة وعودة السلطة الشرعية إلى القطاع». مضيفا: «الجميع يدرك أن وضع غزة الإنساني الصعب يمكن أن ينفجر، ويقود إلى خطر شديد، ولكن مهمتنا اليوم أن نرى الحكومة تعود لغزة، وتتحمل مسؤولياتها كاملة، والتأكد من أن التفاهمات التي تمت بالقاهرة يجري تنفيذها من كل الأطراف».
ودعا ميلادينوف الفصائل كافة إلى تسهيل مهمة الحكومة، وعدم وضع عقبات في طريقها، خصوصاً أن الحكومة ستتعامل مع الكثير من الملفات الصعبة، التي تتعلق بالموظفين بغزة، والاحتياجات الإنسانية والوضع الإنساني المعقد.
كما دعا المواطنين الغزيين، والفصائل كافة، إلى التحلي بالصبر، «خصوصاً أن هذه الملفات لن تحل بسرعة كبيرة، وستأخذ وقتا من أجل حلها». وتابع: «نحن جاهزون لمساعدة الحكومة لتسلم مهامها، وسنخبر المجتمع الدولي بكل التطورات على الأرض».
ورأى ميلادينوف أن الملف الأول أمام الحكومة سيكون مشكلة الكهرباء، وقال: «إذا عادت الكهرباء لمستويات ما قبل الأزمة، فنحن جاهزون مع المجتمع الدولي للمساعدة لإعادة بناء البنية التحتية، من أجل المساهمة بحل هذه الأزمة؛ الكهرباء من الملفات السهلة التي يجب حلها، وهناك رغبة حقيقية لدى المجتمع الدولي في حلها».
وتحدث ميلادينوف عن الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، لافتاً إلى أن الأمم المتحدة عملت مع السلطة ومصر من أجل حل هذه الأوضاع الإنسانية، والوصول إلى حل سياسي لإنهاء الانقسام.
واعتبر ميلادينوف إنهاء الانقسام مقدمة لرفع الحصار عن غزة. وقال: «يجب أن يرفع الحصار، وأن يتعافى الاقتصاد، ويجري خلق وظائف وفرص عمل جديدة، وأن يسمح بالاستيراد والتصدير»، معرباً عن أمله في أن تشهد الأشهر المقبلة تقدماً في هذه الملفات، وأن تكون عودة الحكومة طريقاً لحل مشاكل غزة كافة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.