جنود النظام السوري يطالبون بتسريحهم بعد خدمة 7 سنوات

طالبوا بتحسين الطعام والرواتب وضمان حقوق مصابي الحرب

TT

جنود النظام السوري يطالبون بتسريحهم بعد خدمة 7 سنوات

أطلق ضباط وضباط صف ومجندون وعاملون احتياطيون في قوات النظام، حملة «سرحونا»، ومن الشعارات التي على مواقع التواصل الاجتماعي: «من حقي عيش، من حقي أتسرح» و:«بدنا نتسرح... بدنا قانون»، التي شاركت فيها عشرات الصفحات الإخبارية الموالية للنظام.
وتهدف الحملة بحسب البيان الذي تم تداوله على نطاق واسع، إلى تسريح أقدم دورتين في صفوف قوات النظام وهما الدورة «102 صف ضباط» والدورة «104» للمجندين والاحتياطيين القدامى. كما طالبت الحملة بوضع قانون يتفق مع أحكام الدستور ويحدد سقف الخدمة الإلزامية التي استمرت 7 سنوات تحت اسم «احتفاظ»، وخدمة احتياطية تحت اسم «دورة تدريبية». كما تطالب الحملة بتحسين واقع الخدمة من ترقية وطعام ولباس، ورواتب ومكافآت مالية، بما يتناسب مع الوضع المعيشي وضمان حقوق «الشهداء ومصابي الحرب». وتقديم تعويضات حقيقية وملائمة تتناسب مع المدة الزمنية في الخدمة للعناصر المسرحة بعد انتهاء خدمتها. وأضاف البيان أن الحملة تنطلق من أن «الوطن مسؤولية الجميع» وأن «ضمان أمنه وأمانه ليس حكرا علينا وحدنا»، لافتا إلى أن عناصر قوات النظام ممن مضى على خدمتهم 7 سنوات «ما زالوا يدفعون الثمن الأكبر من سنوات أعمارهم، وآن لهم المطالبة بحقهم القانوني بالتسريح»، باعتباره «من أبسط حقوق العسكريين وذويهم؛ شهداء... أحياء... ومصابين».
ووصف أحد عناصر قوات النظام دورته العسكرية بأنها «دورة الصمود»، وقال إنه عندما التحق بها كان تعدادها 120 ألفا، في حين وصل العدد حسب آخر إحصاء إلى 11 ألف عنصر!
صفحة وطن وعسكري» الموالية للنظام كتبت: «بدنا نتسرح، بدنا نعيش، بدنا نشوف مستقبلنا، بدنا نتزوج ونشوف الدنيا. بدنا نعيش بين أهلنا وحبابنا وناسنا. حاج بقى ملينا وما حدا حاسس فينا». وأضافت: «البلد ما حماها إلا فقيرها، ولولا بوط العسكري ما ضل وطن».
والدة أحد العسكريين كتبت شكوى في تعليق على الحملة: «ابني عسكري مجند بدير الزور صار له ثلاث سنوات ما نزل وما شفته، وهو مصاب ويلزمه عمل جراحي، ما كانوا ينزلوه إجازة حتى يتعالج. إلى متى سنتحمل هذا الوضع؟ ارحمونا تعبنا».
عسكري في صفوف قوات النظام شكا من مضي أكثر 7 سنوات على خدمته، بأنه بعد مقتل شقيقه بقي وحيدا لأهله، وبالتالي يجب أن يعفى من الخدمة، إلا أن ذلك لم يحصل، رغم أن والدته مريضة وبحاجة لرعايته. وعدّ جندي آخر أنه «لا يمكن لأي نصرٍ أن يكون له معنى ما دام هناك جندي يجوع، وجريح يئنُّ في سرير المهانة، وشهيد يمُدُّ أبناؤه أيديهم للريح».
العسكري سامي علق شاكيا بأن شركة الاتصالات الجوالة رفضت اعتماد بطاقته العسكرية لإتمام معاملة لديها، وأصرت على طلبها إخراج قيد، الأمر المستحيل الحصول عليه كون إجازته 24 ساعة فقط. وقال: «موظفة السيريتل كانت رح تجبلي الجلطة. بدها إخراج قيد. وأنا نازل 24 ساعة بس... ما بدها هويتي العسكرية وما اعترفت عليها».
صفحة «واقعنا» نشرت رسالة جماعية قالت إنها وردتها من جميع أفراد الدورة «102». مما جاء فيها:
«ما ضل من العمر قدّ يلي راح. لهيك بكفينا، صار لازم يجي حدا يكفي عنا هالواجب، يكمل الطريق يلي رسمناه بسنين عمرنا بعز شبابنا... بدنا نتسرح... مو لأنو بدنا نتهرب من واجباتنا تجاه البلد... بس لأنه الدفاع عن البلد مو حكر علينا... بدنا نتسرح... لأن أمهاتنا شبعوا بكي على غيابنا».
أما صفحة «رومنسيات عسكرية»، فكتبت: «بعيداً عن الرومانسيات... من بين عناصر الجيش العربي السوري (ضباط وصف ضباط وأفراد) الاحتفاظ والاحتياط. يلّي أتم السبع سنوات في الخدمة وأكتر، يلّي ضحوا بكل شي غالي لدحر الإرهاب... بدنا قانون يحمينا».
يذكر أن أقدم دورات عسكرية احتياط في قوات النظام هي «صف ضباط 102» و«مجندون 104» و«مجندون 105» و«صف ضباط 103» و«مجندون 106» و«صف ضباط 104»، علما بأن آخر دورة رقمها «111».
وتسببت ملاحقة النظام للشباب والرجال بسن الخدمة العسكرية والاحتياط في هجرة مئات الآلاف من الشباب والرجال الذين يشكلون العمود الفقري لقوة العمل، فيما يلجأ طلاب الجامعات إلى تأجيل تخرجهم هربا من الخدمة العسكرية، مما جعل المجتمع السوري مفتقدا لرجاله وفي حالة عطالة وانتظار انتهاء الحرب التي قال النظام إنها باتت في مرحلتها الأخيرة.
ويشكو الجنود في صفوف قوات النظام، لا سيما المقاتلين على الجبهات، من تدني الرواتب وسوء التغذية والإهمال من قبل قياداتهم الميدانية، حيث لا تتعدى مخصصاتهم الغذائية البيض والبطاطا. أما تعويضات الوفاة والإصابة، فلا تتجاوز هداية رمزية كساعة جدار أو سلال غذائية، وفي أحسن الحالات مبالغ مالية لا تتجاوز 300 دولار.
وتشير التقديرات إلى أن تعداد قوات النظام قبل اندلاع الحرب كان 450 ألف عنصر، ولا توجد أرقام لتعدادها بعد 7 سنوات من الحرب، إلا أن مناطق واسعة في الساحل السوري تكتظ بقبور شباب قضوا في الحرب، ناهيك بآلاف المصابين بإعاقات دائمة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.