زولواغا لـ«الشرق الأوسط»: حاولت اكتشاف شخصية ماركيز المخفية وراء رواياته

شُغف بصاحب «مائة عام من العزلة» لمدة خمسين عاماً

زولواغا في محاضرة له عن ماركيز
زولواغا في محاضرة له عن ماركيز
TT

زولواغا لـ«الشرق الأوسط»: حاولت اكتشاف شخصية ماركيز المخفية وراء رواياته

زولواغا في محاضرة له عن ماركيز
زولواغا في محاضرة له عن ماركيز

اعتاد غابرييل غارسيا ماركيز القول إن كونرادو زولواغا، أستاذ الأدب الكولومبي، كان يعرف عن حياته وعمله أكثر مما كان يعرف هو. فقد كان لدى الأستاذ شغف تجاه المؤلف الحائز جائزة نوبل لمدة خمسين عام تقريباً.
نشر زولواغا، الأكاديمي البارز المتخصص في أدب غارسيا ماركيز، الذي ألف الكثير من الكتب عن صاحب نوبل،، مؤخراً كتابه الجديد «لن أموت كلياً»، وعنوانه بالإسبانية «نو مورير ديل تودو». والكتاب يمثل طريقة مبتكرة لاكتشاف شخصية الكاتب المخفية وراء الروائع التي قام بتأليفها.
يشرح زولواغا في هذا الكتاب الجديد للقارئ كيف استلهم ماركيز كل رواية كان يكتبها. إنه كتاب ممتع ويزخر بالتفاصيل الشخصية التي ترويها مرسيدس بارشا، زوجة ماركيز، ذات الأصول المصرية. كذلك يناقش الكتاب علاقة الصداقة القوية، التي جمعت بينه وبين شخصيات أدبية أخرى، مثل خوليو كورتاثر من الأرجنتين، وكارلوس فوينتس من المكسيك، وعلاقته المثيرة للجدل بفيديل كاسترو، الرئيس الكوبي السابق.
ويعرف القارئ من الكتاب أنه لا يوجد شيء سهل في الكتابة الإبداعية؛ فقد استغرق ماركيز عشرين عاماً على الأقل في كتابة أعظم رواياته «مائة عام من العزلة»، وكانت تلك سنوات من الفقر؛ لأنه لم يكن يملك هو وأسرته أي مال.
في هذه المقابلة مع «الشرق الأوسط»، يتحدث عن زولواغا عن إخلاصه وتفانيه لواحد من أعظم الكتاب.
> من المعروف أنك خبير في أعمال غارسيا ماركيز؛ كيف ولماذا شغفت بهذا الكاتب؟
- اكتشفت ذات يوم أنه في كل مرة أقرأ فيها أعماله أكتشف شيئا جديدا، ورأيت أن كاتبا بهذه الصفات لجدير بالدراسة. مع ذلك لا أعتقد أني الشخص الأكثر علماً، ولا أهتم كثيراً بهذا النوع من المنافسة والمقارنة. المنافسة الوحيدة الحقيقية هي بين العمل والقارئ.
> في رأيك، ماذا كان العنصر السحري الذي كان لديه؟
- كان ما لديه من سحر يكمن في قدرته على إدراك وتوضيح الحجب التي تمنعنا من رؤية الواقع المليء بالعجائب، وهناك شيء سحري في استخدامه للغة.
> كيف يمكن لي تعريف كتابك الجديد «لن أموت كلياً»؟
- إنها صورة أدبية مستوحاة من مساره المهني بصفته كاتبا، مع ذلك لا يمكن الفصل بين مساره المهني كاتبا وبين حياته؛ لذا يمكن القول إن الكتاب سيرة أدبية.
> لماذا تعتقد أن روح غارسيا ماركيز لن تموت؟
- لأنه كتب أعمالاً تتجاوز زمنه، وسوف يستمر الناس في قراءتها حتى لو أسلوب «الواقعية السحرية» لم يصبح رائجاً، حيث ستبقى ذكراها في عقول القرّاء، كما يحدث لكل الأعمال الكلاسيكية مهما ظهر من تيارات أدبية جديدة بعد ذلك.
> ما أبرز التفاصيل التي تقدمها في كتابك الجديد عن حياة وأعمال غارسيا ماركيز؟
- في رأيي، هناك جانب تم تجاهله، وهو وجود تحد في كل عمل من أعماله؛ إذ كان يحاول كتابة كل عمل من أعماله بشكل مختلف. لقد كان دائماً نفسه، لكنه كان مختلفاً في الوقت ذاته. وأعتقد أن القارئ يشعر بذلك التحدي الذي كان يضعه ماركيز أمام ذاته، وهو أن يروي القصة بشكل مقنع وجميل. إنه لم يحاكِ أو يكرر نفسه أبداً.
> في رأيك، ما العمل الذي كان أكثر إمتاعاً بالنسبة إلى غارسيا ماركيز كثيراً: الصحافي، أم الراوي، أم صانع الأفلام، أم المفكر؟
- لم يكن يوماً مفكراً، ولم يكن مهتماً بذلك. كذلك رفض السينما حين اكتشف أن كاتب النص لم يكن أكثر من مجرد مشارك في فيلم، وأن ما يكتبه لا علاقة له بالمنتج النهائي إلى حد كبير.
على الجانب الآخر، كانت الصحافة والأدب وجهين لعملة واحدة بالنسبة إليه، فقد كان يستمتع بتقديم عمل روائي، ويستمتع بتأسيس صحيفة، ونشرة إخبارية، أو مؤسسة لتدريب الصحافيين؛ وقال مرة إن ذلك هو أفضل عمل في العالم.
> أرى أنك خصصت مساحة مميزة في كتابك للصحافة في حياة غارسيا ماركيز وهي من الجوانب التي لا يعرف الناس الكثير عنها.
- بدأ ماركيز العمل في الصحافة في الوقت نفسه الذي خاض فيه مجال الأدب. كان الوقت الذي يمنحه للصحافة أطول من الوقت الذي يمنحه للأدب، وأثبت أنه من الممكن تقديم محتوى صحافي بروح وجودة أدبية. لذا؛ فقد قدم صحافة راقية تشمل مراجعة دقيقة للأحداث، مستخدما في ذلك للمهارة الأدبية. وتم نشر أعماله الصحافية في خمسة أجزاء يزيد عدد صفحاتها على 3500 صفحة.
> ما اللحظة التي مرت في حياة ماركيز وجعلت منه الشخص الذي كان عليه؟
- في سن الثالثة والعشرين، ذهب مع والدته لبيع منزل جديه، وهو المنزل نفسه الذي عاش فيه السنوات الست الأولى من عمره. كان التناقض بين الصورة السعيدة المثالية لتلك السنوات، والواقع خلال السبعة عشر عاماً التالية، في تلك البلدة التي لم يبق منها سوى أطلال، هو ما دفعه إلى الكتابة. وقد كتب في مذكراته: «اكتب فلا تموت».
> هل لك أن تحدثنا عن مرسيدس زوجته وأصولها العربية؟
- جد مرسيدس هو إلياس بارشا فاكور، من الإسكندرية في مصر، لكن تمتد جذوره إلى لبنان. في رواية «مائة عام من العزلة» يقول غابرييل، أحد أصدقاء أورليانو بابيلويا، عن صديقته مرسيدس إنها تمتلك «جمالا خفيا لثعبان النيل». وكان ماركيز يكتب عمودا في صحيفة «إل هيرالدو دي بارانكويلا» باسم «الزرافة»، وهو اسم أثار الكثير من التكهنات إلى أن اتضح في النهاية أنه كان يشير إلى رقبة مرسيدس الهيفاء الممشوقة.
> هل ماركيز هو الكاتب الأشهر في أميركا اللاتينية؟
- يوجد في أميركا اللاتينية الكثير من الكتاب المهمين العظماء، مثل روبين داريو، خورخي لويس بورخيس، بابلو نيرودا، وخوان رولفو، وغيرهم. ليس السؤال هو من الكاتب الأهم، فجميع هؤلاء، وغيرهم أيضاً، مهمون لأنه لولاهم لما كان هناك أدب أميركا اللاتينية. غارسيا ماركيز عظيم لأن «مائة عام من العزلة» هي أفضل رواية كتبت باللغة الإسبانية بعد «دون كيخوته» لميغيل دي ثيربانتس.



معرض فنيّ مفتوح في محطات قطار الرياض

«لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم (واس)
«لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم (واس)
TT

معرض فنيّ مفتوح في محطات قطار الرياض

«لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم (واس)
«لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم (واس)

كشف برنامج «الرياض آرت» عن احتضان محطات قطار الرياض 4 أعمال فنية مميزة أبدعها فنانون محليون ودوليون، بهدف إثراء المساحات والأماكن العامة، وتعزز الإبداع، وتضفي طابعاً ثقافياً مميزاً على الحياة اليومية لسكان وزوار الرياض.

منحوتة لألكسندر كالدر (واس)

وتزدان محطة المركز المالي بمنحوتة «جاني واني» لألكسندر كالدر وهو عمل ديناميكي ذو ألوان حيوية يعكس الثورة الفنية الحركية التي اشتهر بها الفنان خلال الستينات الميلادية، كذلك بمنحوتة «حب أحمر من الخارج وأزرق من الداخل» للفنان روبرت إنديانا التي تمثل رمزاً عالمياً للترابط، لتُصبح جزءاً من السرد الثقافي النابض في الرياض.

ويتألق عمل «لما اكتمل القمر» للفنان السعودي زمان جاسم في محطة قصر الحكم لسكّان وزوّار مدينة الرياض، حيث يعبر العمل بشكل مجازي عن حتمية الرحيل مقارناً بين الإنسان والأجرام السماوية التي تدور في الكون.

«الشمس» لأوغو روندينوني (واس)

أما مدخل محطة قصر الحكم فيتألق بعمل «الشمس» لأوغو روندينوني، وهو منحوتة ذهبية يجسد فيها الفنان أقدم مقياس للوقت في حالة من السكون ويثير العمل تساؤلات عميقة حول تصورنا لمرور الوقت، وتجسد هذه القطع الفنية المعاصرة رسالة «الرياض آرت» في تحويل العاصمة إلى معرض فنيّ مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة.

منحوتة «حب» للفنان روبرت إنديانا (واس)

وأوضح المهندس خالد الهزاني المدير التنفيذي لبرنامج «الرياض آرت»، أن هذه الأعمال الفنية تحتفي بافتتاح قطار الرياض لتجسد رؤية البرنامج في تحويل العاصمة إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة، كما سيتم نقل الأعمال والمعالم الفنيّة لاحقاً إلى مواقعها المحددة، مؤكداً أن هذه المعالم والأعمال تعزز جودة الحياة وتعمّق الصلة بين المجتمع والفن من خلال التعاون مع أكثر العقول إبداعاً في عصرنا، كما أننا لا نكتفي بإضافة الفنون في الأماكن العامة، بل نسعى لاحتضان معالم ثقافية تلهم الأجيال وتشجعها على المشاركة في هذه التجربة الفنية الفريدة في محطات قطار الرياض.

ويمثل «الرياض آرت» جزءاً من مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، حيث يعزز التنوع الاقتصادي ويشجع الإبداع الثقافي، إضافةً إلى تعزيز المشهد الثقافي للعاصمة للإسهام برفع تصنيف مدينة الرياض بين نظيراتها من مدن العالم.

ومنذ انطلاقة «الرياض آرت» في عام 2019، قدّم البرنامج أكثر من 500 عمل فني بمشاركة أكثر من 500 فنان محلي ودولي، وأكثر من 6000 فعالية ضمن برنامج الشراكة المجتمعية، كما جذبت فعالياته المتنوعة ما يزيد على 6 ملايين زائر.

ويهدف «الرياض آرت» لاحتضان أكثر من 1000 عمل فني، مواصلاً إثراء السرد الفني والثقافي للعاصمة من خلال تقديم 35 منحوتة من ملتقى طويق للنحت في مركز الملك عبد العزيز التاريخي لتعزز هذه المنحوتات التي أبدع في نحتها فنانون من جميع أنحاء العالم المشهد الحضري والإرث الفني.