مشاركة لبنان في إعادة إعمار سوريا تعيد سجال {التطبيع مع النظام}

مشاركة لبنان في إعادة إعمار سوريا تعيد سجال {التطبيع مع النظام}
TT

مشاركة لبنان في إعادة إعمار سوريا تعيد سجال {التطبيع مع النظام}

مشاركة لبنان في إعادة إعمار سوريا تعيد سجال {التطبيع مع النظام}

أعادت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى موسكو السجال حول التطبيع مع النظام السوري، الأمر الذي يطالب به فريق 8 آذار، وبشكل خاص «حزب الله» و«حركة أمل» التي يزور أحد ممثليها في الحكومة، وزير الزراعة غازي زعيتر، دمشق، قريباً، تحت عنوان «إعادة تفعيل اتفاقات زراعية مجمدة بين البلدين».
وفي ظل محاولات الحكومة المتواصلة، بجميع أطيافها سياسية، تجنب طرح المواضيع الخلافية، من بينها العلاقة مع النظام السوري، وهو ما طالب به الحريري أمس في تصريح، داعياً إلى عدم العودة إلى الخلافات السياسية التي سادت في الأعوام الماضية، ولاقى رداً من وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، علي قانصو ممثل الحزب السوري الاجتماعي، على خلفية ما أعلنه الحريري من موسكو لجهة مشاركة لبنان بإعادة إعمار سوريا، معتبراً أن «هذا الأمر يتطلب التنسيق مع النظام السوري».
في المقابل، أوضح وزيرا الاقتصاد والإعلام رائد خوري وملحم رياشي اللذان كانا قد رافقا الحريري إلى موسكو هذا الموضوع. وقال خوري إن «ما طرح في روسيا حول إعادة إعمار سوريا من لبنان لا يتطلب تنسيقاً مع النظام السوري، بل عبر الشراكة بين القطاع الخاص الروسي ولبنان»، في حين نفى الرياشي أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد طلب من الحريري التطبيع مع سوريا لحل مسألة النازحين وإدراج لبنان على لائحة إعمار سوريا، مشيراً إلى أن بوتين أكد أنه لا استثمار لما يحصل في سوريا على حساب لبنان.
وأكدت مصادر حزب القوات اللبنانية الممثلة في الحكومة بثلاثة وزراء، أن التطبيع مع سوريا لم ولن يحصل في ظل نظام الرئيس بشار الأسد، واعتبرت أن أي محاولة لفرض هذا الأمر من شأنه أن يطيح بالحكومة، لافتة إلى أن «الحريري كان واضحاً في هذا الموضوع»، وقال إن «المشاركة في إعمار سوريا قد يتم بعد انتهاء الأزمة السورية والتسوية السياسية».
وحول الحديث عن بقاء النظام السوري وبالتالي اضطرار لبنان إلى التنسيق معه، قالت المصادر عينها: «لا بد أن نتعامل مع الموضوع انطلاقاً من الوقائع، أي أنه إذا تم التوصل إلى تسوية في سوريا وحازت على غطاء دولي وعربي ومحلي سوري عندها لن يكون لبنان خارج هذا السياق، مع التأكيد على أنه حتى لو استمر النظام الحالي العلاقة معه لن تكون على ما كانت عليه في السابق، بل ضمن أسس وقواعد جديدة»، مؤكدة: «وبالتالي هناك فرق بين أن يفرض التطبيع اليوم أو بعد التسوية، أي أن المطالبة بالتطبيع مع النظام الحالي من قبل بعض الوزراء المحسوبين على حزب الله وحركة أمل هو اعتداء موصوف على لبنان واللبنانيين»، محذرةً من أن إصرار هذا الفريق على مطلبه سيؤدي إلى الإطاحة بالحكومة ومكررة ما سبق أن طالب به رئيس القوات سمير جعجع، الذي دعا خلاله إلى إلغاء معاهدة التعاون والتنسيق بين البلدين والمجلس الأعلى اللبناني - السوري، وترسيم الحدود مع سوريا.
وكان قد سبق موضوع مشاركة لبنان بإعادة إعمار سوريا، إثارة فريق 8 آذار التنسيق مع النظام السوري، ربطاً بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وهو ما لاقى رفضاً قاطعاً من قبل فريق 14 آذار، ومن ثم زيارة وزراء في «حزب الله» و«حركة أمل» دمشق للمشاركة في معرض في سوريا، وأدت بدورها إلى انقسام في مقاربتها من قبل الأطراف المشاركة في الحكومة.
وفي هذا السياق، برر وزير الزراعة استمرار مباحثاته التي كان قد بدأها خلال المعرض السوري بشأن إعادة التبادل الزراعي بين البلدين وتصدير المزروعات إلى سوريا، بأنه «لن يقدم على توقيع اتفاقيات جديدة، إنما إعادة تفعيل اتفاقات سابقة كانت قد جمّدت»، وهو ما تؤكده أيضاً مصادر «القوات» بالقول: «لا يمكن أن يأخذ موافقة الحكومة على أي اتفاق جديد، وسنقف في وجه أي محاولات كهذه».
وكان زعيتر أعلن أن زيارته إلى سوريا ليست خرقاً للقوانين، لأنه لا مقاطعة بين لبنان وسوريا، بل موقف نأي بالنفس، مركّزاً على أنّ «بين لبنان وسوريا، لا إقفال حدود». وأضاف: «البعض يحاول أن يؤكّد أنّه يجب أن أحصل على موافقة الحكومة لزيارة سوريا بتوقيع اتفاقيات، لكنّني لست ذاهباً لأوقّع اتفاقيات مع سوريا، بل لأحثّ على تطبيق الاتفاقيات الموقعة سابقاً»، مشدّداً على أنّه «يهمنا تأمين أسواق لزراعاتنا من خلال تفعيل الاتفاقيات مع سوريا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.